أتصور أن السيد عدنان منصر تجوّل من مكتبة إلى أخرى باحثا عن الكتاب الذي نصحه السيد محسن مرزوق بقراءته، كتاب اسمع أيها الرجل الصغير. وإذا لم يجده في المكتبات التونسية فالثابت أنه بحث عنه طويلا على الأنترنيت، خصوصا أن المؤسسة التي ينطق باسمها لا شغل ولا شاغل لها إلا ال«تشات» وال«فايس بوك» وتوابعهما. وعليه بعد ان يقرأ الكتاب أن يشكر السيد محسن مرزوق لأنه: أولا: نصحه بقراءة كتاب وهذا وحده مدعاة للشكر. ثانيا: جعله يكتشف كاتبا لم يسبق أن سمع به الكثيرون. ثالثا: علّمه كيف يكون الشتم بنّاء على عكس شتمه هو لمحسن مرزوق.
ولا شك ان أفضال محسن مرزوق على عدنان منصر كثيرة وتتجاوز هذه الدروس الثلاثة، فقد ذكره وهما من المؤمنين الذين يذكرون بعضهم البعض أن طول اللسان ووقاحة القول وسلاطة الكلمات إنما هي صفات تونسية مشتركة، واحدى إبداعات كل فرد من أبناء هذا الشعب الهمام الذي أنتج ثوريا على شاكلة السيد عدنان منصر والذي كان قبل الثورة أشهر من نار على علم، معارضة، وإنتاجا فكريا، وتألقا أكاديميا.
ألم يكن الجميع يلهجون بذكر عدنان منصر، ويتابعون تصادمه اليومي مع النظام القديم، ويستمعون إلى صوته الثائر الهادر العالي، وينتظرون وصاياه ونصائحه، ويقبلون على دروسه وخطاباته.
ألم يقض مضجع النظام، القديم ويجعل النوم يفارقه، والنعاس لا يغلبه وهو يحمل في يده اليمنى لواء الثورة، وفي يده اليسرى لواء العلم. ومع ذلك ورغم ذلك فإنه لا ضير أن يقرأ الكتاب الذي نصحه به محسن مرزوق، فالعلامة منصر يعلم أنه يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر وأن لكل كتاب إضافة خصوصا تلك الكتب العاكسة للذات، والكاشفة للنفس، وأنه لا ضير ولا ضرارا من نصيحة مرزوق التي من فوائدها أن علّمت منصر بأن طول اللسان يمكن أن يلتقي أيضا مع القول المهذب، خصوصا وهو ناطق رسمي في مؤسسة منفلتة.
لقد أصبح عدنان منصر مدينا حقا لمحسن مرزوق وعليه أن يرد التحية بمثلها أو بخير منها، وان يعلن بشجاعة أنه علّمه عدة دروس، وأن يقرّ بأن فضله عليه أصبح كبيرا حتى وإن كان السيد منصر هو القائد الأعلى للثورة، والمؤتمن عليها، والوصيّ وهو المدبر لها والمخطط لنجاحها، والواضع لتكتيكاتها واستراتيجياتها بشهادة الريح والبلّوط!