شهدت مدينة قفصة مؤخرا بعض التوتر على خلفية الحادث الذي اودى بحياة شاب في مقتبل العمر (محسن عثمان) على اثر الملاحقة الامنية للشاحنة التي كان يركبها في مستوى منطقة «كتانة» القريبة من قابس على طريق مدنين. «الشروق» زارت عائلة الشاب الضحية بمنطقة «الحميلة» حيث استمعت الى اخيه علي عثمان الذي كان شاهد عيان على الحادث اضافة الى والده عثمان عثمان الذي رغم تاثره الكبير بفقدان ابنه فقد بدا متسلحا بالصبر ومشددا على فتح تحقيق جدي في الموضوع ينصف ابنه.
معاناة دفعتنا الى تجارة التهريب
علي عثمان الابن الاكبر في العائلة بدا الحديث من حالة البطالة التي يعانيها هو واخوته الثلاثة و افتقار العائلة الى أي مورد رزق خاصة وان الوالد (عثمان) عامل يومي لا دخل قارا له الى جانبت هذا مواصلة اختيه الدراسة وما يتطلبه ذلك من مصاريف. هذه الوضعية يقول علي دفعته الى الانخراط في عالم التجارة العامة والتنقل من مكان الى آخر سواء لبيع الخضر و الغلال او المازوط او علب الياغورت المهربة من الجزائر وقد تعاون علي مع اخيه الفقيد محسن في الفترة الاخيرة على المتاجرة في قوارير الياغورت الجزائري موضحا المصاعب الجمة التي يتعرض لها في هذا العمل وفي هذا الصدد تطرق الى تفاصيل الحادث الذي اودى بحياة اخيه مساء يوم الاثنين الفارط مشيرا انه كان على متن شاحنة خاصة به فيما كان اخوه يركب شاحنة ثانية محملة بقوارير الياغورت الجزائري المحمولة الى بنقردان .محدثنا اشار الى ان موعد الافطار ادركهم في مستوى «الحزام» قريبا من معمل الاسمنت بقابس ويؤكد ان دورية امنية (مرور+شرطة) كانت متواجدة في مفترق مدينة طبلبو واعوانها داخل سيارتهم وقد تم مرور الشاحنتين دون أي اشارة للتوقف من قبل الاعوان لكن ما استغرب منه شقيق القتيل هو انه بعد حوالي 5 دقائق انتبهوا الى سيارتين تلاحقهما مع اشارات بالأضواء الامامية فقط ويقر علي انه لم يتوقف هو واخوه مخافة ان تكون السيارة الملاحقة تهدف الى «البراكاج» وفي مستوى القنطرة يقول علي تم احتكاك كبير ومضايقة من طرف سيارة تبين انها امنية للشاحنة التي كان يركبها اخوه من جهة السائق اضافة الى اصطدام عنيف من الخلف من سيارة امنية ثانية الامر الذي دفع الشاحنة الى الانزلاق باتجاه الحواجز الحديدية للقنطرة مما تسبب في اصابة اخيه محسن (على يمين السائق) اصابة بليغة ادت الى وفاته قبيل الساعة الثامنة مساء.
علي عثمان اشار الى ان السيارتين الامنيتين (شرطة ومرور) تراجعتا الى الوراء بمجرد وقوع الحادث القاتل لتعودا مجددا للبحث عن «الباراشوك» الذي سقط من احدى السيارتين بحكم اصطدامها بشاحنة الياغورت من الخلف لكن مناوشات حصلت بين اقرباء القتيل و اصدقائه جعلت اعوان الامن يتركون المكان و «الباراشوك» قبل مجيء سيارة الحماية المدنية لنقل القتيل الى مستشفى قابس حوالي التاسعة ليلا.
المطاردة غير قانونية
عثمان عثمان والد الضحية ندد من ناحيته بأسلوب المطاردة واعتبره غير قانوني خاصة وانها تمت حسب ما صرح به لنا في منطقة ليست مرجع نظر للشرطة وقال انه حتى وان كان ابنه لم يلتزم بالتوقف فكانت هناك حلول اخرى منها اعلام دوريات متقدمة وهي كثيرة على طريق مدنين مضيفا ان رقم السيارة كان مكشوفا وان بضاعة «الياغورت» كانت بارزة للعيان ايضا في الصندوق الخلفي للشاحنة وهو ما لا يترك أي مبرر للمطاردة العنيفة داعيا الى فتح تحقيق قضائي لتحميل المسؤوليات و محاسبة الاعوان الذين قاموا بالمطاردة واثبات حق ابنه الذي قتل بطريقة بشعة. السيد عثمان حدثنا من جهة اخرى عن حالته الاجتماعية و المادية الصعبة وهو المسؤول عن عائلة كبيرة العدد دون مورد رزق قار وهو المتكفل ايضا بأمه المعوقة داعيا السلط الجهوية الى البحث عن معالجات جذرية لمشكل البطالة بالجهة التى دفعت مئات الشبان الى خوض غمار التهريب وما ينجر عنه من مشاكل وحوادث قاتلة اصبحت تتكرر في الفترة الاخيرة وهو ما سانده فيه عديد الشبان من اصدقاء القتيل الذين وجدناهم في موكب العزاء واعترفوا بانهم يعملون في مجال تهريب و بيع عديد المواد من باب «مكره اخوك لا بطل».