كيف سيكون مستقبل المشهد السياسي في تونس بعد اتساع الجبهة الشعبية 14 جانفي والخطوات التي تقطعها حركة نداء تونس لاستقطاب مزيد من المنخرطين، وفي ظل تشكّل كتل جديدة داخل المجلس التأسيسي؟ وقد شهدت الجبهة الشعبية 14 جانفي مؤخرا انضمام عدد من الاحزاب والحركات السياسية لتصبح متشكلة من 12 طرفا سياسيا تلتقي عند عدد من البرامج والأهداف وتتقارب إيديولوجيا وتشترك في موقفها من السلطة القائمة اليوم حيث تعتبر أنّ حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم «التفّت على المسار الثوري عبر مواصلة مسار النظام السابق في فتح البلاد أمام القوى الاستعمارية للنهب الاقتصادي» حسب ما جاء في بيان للجبهة منذ تشكيلها في مارس الماضي.
وببلوغ عدد المنضوين تحت هذه الجبهة 12 طرفا سياسيا يرى مراقبون أنّه قد يكون للجبهة وزن على الساحة السياسية خاصة إذا نجحت القوى اليسارية والقومية المكوّنة لها في تجاوز خلافاتها وحساباتها وتمكنت من إدارة العمل الجبهوي بطريقة تسمح لها بدخول الاستحقاق الانتخابي القادم ضمن جبهة واحدة وببرنامج واحد. وستعقد الجبهة مؤتمرها التأسيسي يوم 15 سبتمبر المقبل.
وتوازيا مع ذلك تعمل حركة نداء تونس التي يتزعمها الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي على توسيع دائرة نشاطها وتحركاتها حيث كشف أمين عام الحركة الطيب البكوش أنّ الحركة تلقت نحو 100 ألف مطلب انخراط وأنّ عدد الانخراطات الحزبية التي تم توزيعها حتى الآن بلغ نحو 15 ألفا، في وقت يتعرض الائتلاف الحاكم لعدة انتقادات ويعبر كثيرون عن عدة تحفظات على أداء الحكومة وتذهب بعض استطلاعات الرأي إلى أنّ نسبة مهمة من التونسيين الذين صوتوا لحركة النهضة في انتخابات 23 أكتوبر لا ينوون التصويت لها في الانتخابات القادمة وأنّ حركة نداء تونس ستكون أكبر منافس ل «النهضة» في الانتخابات القادمة.
أمّا داخل المجلس التأسيسي فتتغير تركيبات الكتل بشكل مستمرّ فقد تكثفت ظاهرة انسحاب نواب من كتلة للالتحاق بأخرى، كما «ذابت» كتل بسبب الانسحابات مثل كتلة العريضة الشعبية التي شهدت أوسع موجة انشقاقات وانسحابات ليتراجع عدد نوابها إلى ما دون العشرة نواب وبالتالي تم حلها، كما يُنتظر إعلان ميلاد كتل جديدة بعد إعادة توزيع الأوراق واستقطاب المنسحبين كل حسب اهتمامه وميولاته السياسية.
ويتجه المشهد السياسي في المرحلة القادمة نحو مزيد من التعقيد، إذ يعبر بعض المنسحبين من أحزابهم أو كتلهم النيابية عن نيتهم تشكيل أحزاب سياسية جديدة، وهو ما يعني استمرار حالة التشتت والتشرذم واستمرار ظاهرة كثرة الاحزاب رغم أن المرحلة القادمة لا تستدعي كل ذلك بل تتطلب اختزال المسارات التوحيدية والتركيز على العمل الجبهوي لتدارك أخطاء انتخابات 23 أكتوبر.