وقد حاول رجال الأمن الحاضرون في بداية عملية التسليم امتصاص غضب أهالي وأصدقاء المتوفين وتهدئة الوضع نظرا لحالة الغضب التي كان عليها بعض الحاضرين من عائلات القتلى. «الشروق» كانت على عين المكان لمواكبة عملية تسليم الجثث بحضور قرابة 100 شخص (عائلات وأصدقاء القتلى) والبداية كانت مع عائلة كريم السعيدي الذي يقطن بمنطقة البدرية غرب العاصمة والذي لا يتجاوز عمره 23 عاما.
وقد حضر عدد من أصدقائه الملتحين وأفراد عائلته لتسلم جثمانه ليتم دفنه. وقد بدت على بعضهم علامات التوتر والغضب والألم. أما القتيل الثاني فهو يدعى طارق البرهومي من متساكني منطقة سكرة بأريانة وهو شاب لم يتجاوز العقد الثاني من عمره.
وقد تسلمت عائلته وأصدقاؤه جثمانه وسط تكبير وتهليل حيث تم اخراجه من غرفة الموتى مكشوف الوجه والرأس مرددين عبارة «الشهيد» وقد تجمع حشد كبير من الملتحين حول نعش القتيل «طارق البرهومي» وبدت علامات الحزن والغضب على وجوه الحاضرين رافضين الادلاء للصحافة بأي معلومات حول ملابسات الوفاة. ومن جهة أخرى تسلم بدوره السيد الحبيب الدبوسي جثة ابنه الهالك حمادي الدبوسي مؤكدا ل «الشروق» ان ابنه لا يتجاوز عمره 22 عاما وهو يقطن بجهة نعسان التابعة لولاية بن عروس ويعمل عونا في مغازة تجارية بالعاصمة.
وقد اتصل به يوم الواقعة صديق لابنه ليعلمه بأن ابنه توفي. وأضاف السيد الحبيب الدبوسي الذي يقارب عمره 60 عاما وكانت عيناه دامعتين ان وفاة ابنه هي فاجعة له وصدمة لأفراد عائلته مؤكدا ان ابنه عرف بدماثة أخلاقه وحسن سيرته ومواظبته على أداء فريقه الصلاة رفقة عدد من أصدقائه بالمسجد.
كما حضرت زوجة القتيل فريد الزاوش اصيل منطقة المتلوي من ولاية قفصة وعدد من أفراد عائلته الى مستشفى شارل نيكول. وقالت أرملته وهي امرأة تبلغ من العمر قرابة 40 عاما غير محجبة وغير منقبة بصوت خافت ومتقطع ان زوجها القتيل يبلغ من العمر 48 عاما وهو مقيم ببلجيكا وقد قرر مؤخرا العودة نهائيا الى تونس قصد إحداث مشروع تجاري الا انه توفي أثناء الاحتجاجات التي شهدتها منطقة البحيرة بالعاصمة مشيرة الى أنه لم يمض على زواجهما اكثر من 3 أشهر.
وأضافت ان يوم الواقعة اتجه زوجها الهالك نحو جامع الفتح لأداء صلاة الجمعة ثم توجه نحو الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية،وهناك توفي. كما تحدث ابن خال القتيل فريد الزاوش بغضب واستياء متهما الأمريكان بقتل ابن خاله واصفا إياهم باليهود والكفار معتبرا أن قريبه مات شهيدا في سبيل الدفاع عن الرسول الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم. وللإشارة فإن عائلة الهالك «فريد الزاوش» ستتسلم جثثه صباح اليوم نظرا الى عجزها عن توفير وسيلة نقل.
3 قتلوا بالرصاص الحي والرابع دهسته سيارة
وقالت مصادر طبية بالمستشفى المذكور ل«الشروق» إنه تبيّن إثر عملية التشريح بأن السبب الحقيقي لوفاة كل من كريم السعيدي وطارق البرهومي وحمادي الدبوسي كان نتيجة تعرضهم الى طلق ناري في مناطق مختلفة من أجسادهم وقد تمّ استخراج عدد من الرصاصات من أجسادهم ليتمّ تسليمها الى السلط المعنية رفقة التقرير الطبي. وأضافت نفس المصادر بأن وفاة القتيل فريد الزاوش كانت بسبب تعرضه الى عملية دهس على مستوى الرأس بواسطة سيارة.
القضاء العسكري يتعهد بالأبحاث
وقد تعهد قاضي التحقيق بالمكتب الأول بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس بالأبحاث في ملابسات وفاة هؤلاء. وبعد أن أعلنت أول أمس وزار الداخلية أن عدد القتلى اثنان فقد ارتفعت أول أمس الحصيلة الى 4 قتلى في صفوف المدنيين وأن إمكانية ارتفاع عدد القتلى واردة باعتبار وجود شخصين في حالة خطيرة جدا.
وللتذكير فقد عرفت منطقة البحيرة أول أمس مسيرة دعا إليها العديد من الأئمة في خطب الجمعة انطلقت من جامع الفتح بالعاصمة نحو السفارة الأمريكية احتجاجا على عرض الفيلم المسيء الى الرسول الكريم ولكن إثر وصول المتظاهرين الى منطقة البحيرة حاول البعض اقتحام السفارة وحرق عدد من سياراتها وجرت معركة دامية ومصادمات عنيفة مع الأمن الذي حاول حماية السفارة وهنا كانت النتيجة سقوط 4 قتلى و94 جريحا حيث أصيب 28 متظاهرا و66 عنصرا من الأمن الداخلي.