العودة المدرسية أصبحت تمثل الشغل الشاغل للأولياء الذين أنهكتهم مصاريف شهر رمضان وعيد الفطر والمناسبات الصيفية فباتوا عاجزين عن تأمين عودة أبنائهم الى مدارسهم في ظروف طيبة. استعدادات العودة لهذا الموعد السنوي الدراسي حثيثة كل حسب مقدرته الشرائية وحسب حاجياته في جو يسوده التذمر والتشكي من غلاء الاسعار من ناحية وكثرة المستلزمات المدرسية خاصة لأولئك الذين لهم أبناء في كل المستويات (الأساسي والثانوي والجامعي) وما يتطلب من مصاريف تضطرهم الى الاقتراض من البنوك او اعتماد «السلف» كوسيلة لتوفير ضرورياتهم وادخال السرور على أبنائهم او كذلك اعتماد «الكريدي» والدفع بالتقسيط.
للوقوف على حقيقة ما يعانيه الأولياء في هذه الفترة «الحرجة» وكيفية تعاملهم مع ما يعترضهم من ضغط مادي كبير تحاورنا مع البعض منهم حيث عبّروا لنا عن انخرام مقدرتهم الشرائية نتيجة مواجهتهم لمواسم الافراح والأعياد وشهر رمضان والاصطياف التي استنزفت جيوبهم فوجدوا أنفسهم عاجزين عن مجابهة مستلزمات العودة المدرسية حيث أكدت رابحة الهرڤلي أنها أمام مجابهة مصاريف أبنائنا الذين يدرسون في التعليم الأساسي وآخرون في الجامعة وهم بصدد البحث عن الكراء بالعاصمة.
وأوضحت ان زوجها متوف ولا مورد رزق لها وهي تعيش حيرة كبيرة حول طريقة تدبير أمورها، قائلة: «حتى السلفة لم تعد حلاّ باعتبار ان الجميع يعاني ضائقة مالية».
وساندتها الرأي ليلى كنزاري التي التقيناها بأحد أنهج العاصمة محملة بالملف المدرسي لابنها الذي كان يدرس بإحدى المدارس الخاصة ونظرا لضغط المصاريف وعجزها عن تسديد معلوم دراسته فقد قرّرت نقلته وترسيمه بإحدى المدارس العمومية المجانية قائلة «عجزت ولم أعد أقدر على مواصلة تعليمه في المدارس الخاصة». وأشارت أن التداين من البنك هو حلّها الوحيد لمجابهة نزيف المصاريف اليومية في ظلّ غلاء الأسعار.
من جانبه قال الحاج بلحسن إن المواطن ضحية عجز اقتصادي عالمي زاد في لهيب الأسعار، كما أن تعاقب المناسبات بداية من شهر رمضان ثم عيد الفطر، فالخلاعة ثم العودة لمدرسية فعيد الاضحى كلّها مناسبات تتطلب مصاريف كثيرة وميزانية خاصة من قبل العائلة التونسية. وأشار الى أن ما يعيشه الشارع التونسي اليوم من احتجاجات واعتصامات سببها الرئيسي عجز المقدرة الشرائية للمواطن المطالب بدفع ما عليه في غياب حقوقه المهضومة خاصة وأن كل زيادة في الأجور تقابلها زيادة في الأسعار بحيث لا يحقق أي ربح سوى التعب والمعاناة.
أما نجيب ونيش فقد صرّح أن البلاد تعيش حالة من الفوضى على جميع المستويات بدءا بقرارات الحكومة المتناقضة والمتضاربة وصولا الى نمط عيش المواطن العاجز عن تنظيم حياته وترتيبها من خلال تنظيم أولوياته والفصل بين الضروريات والكماليات.