سقط عشرات القتلى والجرحى في مواجهات دامية بجنوب ليبيا حيث خرج اهالي هذه المنطقة رافعين شعارات مؤيدة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في وقت شهدت فيه بنغازي( شرق ليبيا) اعمال فوضى وعنف موازية اثر اقتحام متظاهرين لقواعد ميليشيات مسلحة. ونقلت مصادر ليبية عن عضو في المجلس المحلي ببراك الشاطئ قوله «إن حصيلة القتلى من قوات اللجنة الأمنية العليا ارتفعت إلى 17 قتيلا وأكثر من عشرين جريحا لافتا إلى أنه لم يتحدد بعد حصيلة الجرحى والقتلى من سكان المنطقة».
عنف واحتجاجات
و ذكرت قناة ليبيا الحرة الليلة قبل الماضية أن أهالي مدينة براك الشاطئ استولوا على إذاعة المدينة ورفعوا الرايات الخضراء ورددوا شعارات مؤيدة للنظام السابق. وكان مصدر من براك الشاطئ أفاد في وقت سابق بأن جماعات مسلحة من خارج المدينة حاولت اقتحامها فتصدى لها أهل المدينة ووقعت اشتباكات دامية . على صعيد اخر انتفض مئات من سكان بنغازي الليلة قبل الماضية على الميليشيات المسلحة وتمكنوا من اخراج المجموعة المتطرفة الرئيسية من مقرها العام وقد تمكن مئات المتظاهرين من اخراج مجموعة انصار الشريعة السلفية من الثكنة التي كانت تحتلها في وسط بنغازي شرق ليبيا كما افاد مراسل لوكالة الانباء الفرنسية.. وعلى هتافات «دم الشهداء لم يذهب هدرا» دخل المتظاهرون الى الثكنة التي تعرضت للتخريب والنهب والحرق.
ثم توجهوا الى مقر كتيبة «راف الله الشحاتي» وهي مجموعة اسلامية لكنها تابعة لوزارة الدفاع، حيث دارت معارك بالاسلحة الخفيفة بين الجانبين استمرت زهاء الساعتين، قبل ان تغادر الكتيبة المكان..
وقتل اربعة اشخاص على الأقل واصيب اربعون اخرون بجروح اثناء المعارك بحسب حصيلة لوكالة الانباء الفرنسية استنادا الى حصيلة ثلاث مستشفيات في المدينة.. واثر ذلك هاجم المتظاهرون هذه المنشأة العسكرية الواقعة في مزرعة في منطقة الهواري على بعد 15 كلم من وسط بنغازي، ونهبوا اسلحة وذخيرة واجهزة معلوماتية كما افادت مراسلة لوكالة الانباء الفرنسية..
وحذرت السلطات الليبية من حالة «الفوضى» ودعوا المتظاهرين الى التمييز بين الكتائب «غير الشرعية» وتلك الخاضعة لسلطة الدولة.. وعبر رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام محمد المقريف عن ارتياحه لرد فعل السكان على «الكتائب الخارجة عن الشرعية» لكنه دعا المتظاهرين الى الانسحاب على الفور من اماكن وجود كتائب وزارة الدفاع مشيرا الى كتيبة راف الله الشحاتي و«كتيبة 17 فبراير» وكتيبة درع ليبيا..
واتهم وزير الداخلية فوزي عبد العالي من جهته اشخاصا اندسوا بين المتظاهرين، وبعضهم كما قال ينتمون الى اجهزة الامن ويريدون اشاعة الفوضى والتمرد. وقبل التوجه الى ثكنة انصار الشريعة تمكن المتظاهرون من طرد ميليشيا اخرى احتلت احد مباني الامن الليبي في وسط المدينة.
وافاد شهود عيان ان انصار الشريعة اخلوا ايضا تحت ضغط المتظاهرين مستشفى الجلاء الذي كانوا يسيطرون عليه. ثم تمكنت الشرطة العسكرية بعد ذلك من استعادة السيطرة على المبنى. وقد اخلت الميليشيات اربع منشآت عامة اخرى لدى وصول المتظاهرين.
مستقبل ليبيا مهدد
على صعيد اخر ذكرت صحيفة « الغارديان» أن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، الذي أسفر عن مقتل السفير كريستوفر ستيفنز، يثير مخاوف بشأن مستقبل ليبيا تتمثل في نفور الأجانب وتحطيم آمال السكان الذين يخشون من ظهور «التطرف». ويقول تقرير الصحيفة إن بنغازي كانت محل فخر باعتبارها مهد ثورة الربيع العربي للعام الماضي، ولكن سكانها اليوم باتوا يخشون من أن تعرف مدينتهم بالمكان الذي اغتال فيه «جهاديون» أول سفير أميركي منذ .1979.
الناشطة الحقوقية البارزة هنا الجلال تقول «لقد تحطم كل شيء أنجزناه» مضيفة «فقدنا صديقا، وعلى المستوى الوطني فقدنا الكثير». رغم أن الليبيين كانوا مستائين من الفيلم الأميركي وإهانته للإسلام، فإنه لم يكن هناك احتجاجات مناهضة لأمريكا الأسبوع الماضي ومن المؤشرات التي يمكن أن تدلل على مدى ما ستخسره ليبيا إذا لم يتم تقديم قتلة السفير الأميركي للعدالة وضبط المليشيات -وفق تعبير الصحيفة- إخلاء جميع البعثات الأجنبية في المدينة إلى جانب بعثة الأممالمتحدة
فبينما كانت الأعلام الفرنسية تباع في ساحة المحكمة بوسط المدينة احتفاء بالضربات الفرنسية التي «أنقذت بنغازي من دبابات العقيد الراحل معمر القذافي»، اضطر الصحفيون الفرنسيون هذا الأسبوع إلى الفرار من المدينة خشية من الانتقام عقب نشر مجلة فرنسية لرسوم مسيئة للإسلام.
وتشير الصحيفة إلى أن المؤتمرات الاقتصادية ألغيت في مختلف ربوع ليبيا، وكان الوفد البريطاني آخر من ألغى زيارة «كان الليبيون يعقدون آمالا كبيرة عليها». من جانبه أكد الطبيب محمد جمال «الذي عاد إلى المدينة من بولندا» أن بنغازي ليست مدينة جهادية، مشيرا إلى أنه «رغم أن الليبيين كانوا مستائين من الفيلم الأمريكي وإهانته للإسلام، فإنه لم يكن هناك احتجاجات مناهضة لأمريكا الأسبوع الماضي» معتبرا أن الهجوم كان مدبرا.
وأعرب عن خشيته من «وصم جميع الليبيين بالتطرف» مشيرا إلى أن «المشكلة الرئيسة تكمن في التواصل بين الأديان». وتسلط الصحيفة الضوء على الغياب اللافت للحكومة الليبية بقيادة عبد الرحيم الكيب في مثل تلك الأحداث، مما جعل البعض يشعر بأن السلطات تتخلى عنهم.. ويقول أمريكي من أصل ليبي كان شاهدا على هجوم القنصلية الأمريكية، إنه لم يكن هناك أي مظاهرات أمام القنصلية، بل مجموعة من المسلحين الذين يحملون البنادق الآلية والصواريخ.
وفي ظل توجيه الاتهامات لمجموعة «أنصار الشريعة» بتنفيذ الهجوم، يسعى رئيس المؤتمر العام (البرلمان) محمد المقريف لتفكيك تلك المجموعة ونزع السلاح منها، غير أنه يقول إنه يفتقد إلى دعم القوات الحكومية للقيام بهذا الأمر.
غير أن القيادي العسكري في بنغازي الجنرال حمد بلخير أعرب عن استعداده للتعاون، وقال «إننا على استعداد للقيام بما تطلبه الحكومة، حتى وإن كان الأمر يتعلق بتفكيك أنصار الشريعة»