بعد مضي 4 أو 5 جولات من الموسم القادم سيتفطّن مسؤولو الإفريقي أن تغيير المدرب لا مفر منه وسيتفطن سليم الرياحي أن قرار الإبقاء عليه في الموسم الحالي كان مجرد مكابرة لا غير. بعد مرور 4 أو 5 جولات وبداية متعثرة سيتفطن مسؤولو الإفريقي أنهم مجبرون على تأجيل أحلامهم موسما آخر لأننا تعودنا في تونس أن خسارة لقاءين لا يمكن أن يعوض حتى لو استنجدت بمورينهو لذلك كان علينا أن نؤكد منذ الآن أن المكابرة في الرياضة مضيعة للوقت.
اختيار خاطئ بكل المقاييس
بكل المقاييس الموضوعية بالإمكان التأكيد أن المدرب الفرنسي برنار كازوني ليس الاختيار الأمثل في الإفريقي أولا لأن علاقته ببعض اللاعبين سيئة جدا وهذا يعني أن مردودهم الجماعي والفردي لن يتحسن مع مدرب لا يتواصلون معه، وثانيا لأنه مدرب فضل التضحية بكامل الرصيد البشري وقطع معهم حبال التواصل عندما أغرقهم جميعا في بحر الفشل ورماهم بأبشع النعوت بمجرد أن أعلن الحكم عن نهاية اللقاء.
كان على المدرب أن يحمي لاعبيه أمام وسائل الإعلام كأن يثني على عطائهم الفردي (وهذا كان جليا وكانوا أفضل من لاعبي الترجي فرديا بكل تأكيد) ثم بعد ذلك يشير إلى أن المردود الجماعي كان في حاجة إلى بعض الوقت بل إن المدرب الذي يحسن التصرف ويفكر في كسب ود لاعبيه عادة ما يحمل المسؤولية لنفسه علنا أما سرا في حجرات الملابس فبإمكانه أن يهاجم اللاعبين حتى بصفعهم.
هكذا تعلمنا من كبار المدربين في العالم وهذا ما كان على كازوني أن يفعل أما أن يتهرب من المسؤولية واتهام اللاعبين فهذا يعني أن كازوني قطع الشعرة الواهية التي كانت تربط المدرب باللاعبين.
بين تهوّر كازوني ورصانة معلول
حتى غير المختصين في كرة القدم والذين يتعاملون معها على أساس أنها مجرد جري خلف رطل من الهواء تفطنوا أن معلول كان متفطنا أول أمس أنه بصدد خوض دربي العاصمة لذلك لاحظوا خطة مغايرة وتمركزا مغايرا وتوصيات مختلفة إذ لاحظنا مثلا أن أفول الذي لعب في وسط الميدان لم يكن له أي دور هجومي على عكس العادة وأن شمام المندفع في العادة للهجوم لم يتجاوز منتصف الملعب، أمّا كازوني فلم يبق إلا حارس المرمى لم يطلب منه دورا هجوميا وكأن يخوض لقاء وديا يختبر خلاله بعض الرسوم التكتيكية.
وإذا لاحظنا كيف يقتصر أفول وتراوي والمولهي على الواجبات الدفاعية فقد لاحظ الجميع الدور الهجومي لكل من أشرف الزيتوني والعقربي والحدادي رغم أنهم مدافعون أولا وأخيرا ولذلك لا غرابة في فوز الترجي بل إن النتيجة كان بالإمكان أن تكون أعرض بكثير لو كان الترجي في أفضل حالاته لأن السذاجة التكتيكية التي ميزت مدرب الإفريقي كان بالإمكان أن تحول كل هجمة من الترجي إلى هدف.
لماذا المدرب الأجنبي؟
أحكم الترجي قبضته على المسابقات المحلية منذ مواسم وهذا يعني أنه يفوق كل الأندية الأخرى خاصة من حيث الخبرة وحسن التدبير وقد اقتنع نادي باب سويقة أن المدرب الأجنبي لا يمكن أن يحقق النجاحات الكروية على أرض تونس ولذلك فعلوا المستحيل من أجل استعادة نبيل معلول كلفهم ذلك ما كلفهم أما هيئة الإفريقي التي مازالت تعيش مرحلة سنة أولى كرة فمازالت تعتقد أن كازوني هو المدرب الأمثل وقد تتفطن في منتصف الموسم القادم أنّه لا فائدة ترجى من هؤلاء وأنه لا مفر من المدرب المحلي ولكن بعد فوات الأوان لأن المدرب الناجح لا ينتظر طويلا خاصة مع انفتاح السوق الخليجية على الكفاءات التونسية إذ أكدت لي شخصيا بعض المصادر أن بعض الأندية القطرية والخليجية بصفة عامة تفكر بكل جدية بل دخلت في مفاوضات مع الجيل الجديد من المدربين التونسيين مثل نبيل معلول وسامي الطرابلسي وماهر الكنزاري ونبيل الكوكي، لذلك على هيئة الإفريقي التي لا بد لها أن تتفطن قبل فوات الأوان أن المدرب الأمثل في الفترة الحالية هو المدرب المحلي وليس أفضل من الكنزاري والكوكي وإذا تشبثت بالأجنبي فليس أفضل من جيرار بوشي الذي عاش بيننا إلى أن كاد يصبح واحدا منا.