أعلن فيليب ساندز محامي ليبيا امام المحكمة الجنائية الدولية امس ان طرابلس تملك ادلة «هامة» تمهيدا لمحاكمة سيف الاسلام القذافي المشتبه في ارتكابه جرائم ضد الانسانية معترضا في نفس الوقت على حق المحكمة في محاكمة نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وقال ساندز خلال جلسة استماع امام المحكمة الجنائية الدولية ان «التحقيق في ليبيا (ضد سيف الاسلام) اعطى نتائج هامة» مضيفا «هناك عدد كبير من الادلة التي ستشكل نص اتهام مماثل لذلك الذي قدمه مدعي المحكمة الجنائية الدولية».
تأكيد ليبي
وأكد رئيس كتلة تحالف القوى الوطنية فى المؤتمر الوطنى ابراهيم الغرياني، أن بلاده متمسكة بحقها فى محاكمة كل المتهمين بارتكاب جرائم ضد شعبها فى أراضيها. وأضاف الغرياني فى تصريح خاص لراديو«سوا» امس ، أن سيف الاسلام سيحاكم فى ليبيا باعتبار أن كل الشروط متوفرة كونه مواطنا ليبيا، وكل الجرائم ارتكبت فى ليبيا، وأن القضاء الليبي قادر على محاكمته.
وفى سياق متصل تبحث المحكمة الجنائية الدولية اليوم «الأربعاء» فى «لاهاي»، ما اذا كان يحق لليبيا محاكمة سيف الاسلام القذافي نجل العقيد الليبي الراحل، والمتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية أمامها أو أمام محكمة ليبية..
ويذكر أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد رفضت طلبا ليبيا بتأجيل موعد جلسة الاستماع فى قضية سيف الاسلام القذافي الى نوفمبر المقبل بدلا من أكتوبر الجاري. وأكدت المحكمة في بيان «أنها لم تجد ضرورة لاعادة التفكير فى الطلب الليبي بتأجيل جلسة الاستماع لنوفمبر من العام الجاري»، حيث كان مقررا إجراؤها فى التاسع والعاشر من الشهر الجاري.
وقال مكتب النائب العام الليبي الاحد الماضي ان محاكمة سيف الاسلام ابن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ستؤجل خمسة اشهر للاستفادة من أي معلومات بشأن القضية قد يدلي بها رئيس المخابرات السابق خلال التحقيق معه بعدما تسلمته ليبيا من موريتانيا الاسبوع الماضي.
وكان مسؤولون حكوميون قالوا في أوت الماضي ان محاكمة سيف الاسلام بتهمة ارتكاب جرائم حرب ستبدأ في سبتمبر الجاري.. لكن اعتقال عبد الله السنوسي رئيس المخابرات السابق المعروف «بصندوق القذافي الاسود» أجل المحاكمة التي قال محام من المحكمة الجنائية الدولية بالفعل أنه من غير المرجح أن تكون عادلة.. وقال ميلاد الزنتاني المحامي في مكتب النائب العام في مؤتمر صحفي ان السلطات كانت مستعدة لمحاكمة سيف الاسلام هذا الشهر ولكن بعد اعادة السنوسي الى ليبيا ستظهر معلومات جديدة مما يستدعي تأجيل المحاكمة خمسة اشهر على الأقل.
وسلمت السلطات الموريتانية السنوسي الى ليبيا بعد القاء القبض عليه في نواكشوط في مارس الماضي.. وطالبت كل من ليبيا وفرنسا والمحكمة الجنائية الدولية بتسليمه اليها
وتعرف محاكمة سيف الاسلام القذافي شدا وجذبا بين السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية.. فبينما ترى السلطات الليبية أن محاكمة سيف الاسلام ستجري في ليبيا، تقول المحكمة الجنائية الدولية ان طرابلس ملزمة بتسليمه اليها.
وترى السلطات الليبية أن القضاء الليبي هو القضاء المختص وأن القضاء الدولي له دور تكميلي فقط.. كما تعتبر أن محاكمة سيف الاسلام مسألة تخص سيادة ليبيا والقضاء الليبي هو المختص للنظر في هذه الدعوة.
محاكمة عادلة
وكرد على مطالبة المحكمة الجنائية التي تحث الدولة الليبية على تقديم نجل القذافي للعدالة تقول السلطات أنها تعمل منذ مدة لتوفير محاكمة عادلة وفق المعايير الدولية.. وقد عملت ليبيا في الأشهر الأخيرة على الغاء المحاكم الاستثنائية ودرجها تحت سلطة محكمة الجنايات كما ألغت سلطة وزير العدل على القضاء.
وبالرغم من أن السلطات الليبية أصدرت قانون العدالة الانتقالية ووضعت السجون الليبية تحت السلطة القضائية والنيابة العامة فان يدها لا تطال سيف الاسلام. وتفيد معظم الأخبار الواردة من ليبيا أنه محتجز من طرف مسلحين من قبائل الزنتان في جهة ما لا تخضع لسيطرة النيابة العامة وبالتالي وزارة العدل.. وهذا المعطى تعتبره المحكمة الجنائية غير قانوني وتستخدمه كدليل عن عدم قدرة السلطات الليبية على تقديم ضمانات كافية للمحاكمة العادلة وبالتالي حقها المشروع بالمطالبة بمحاكمة سيف الاسلام بلاهاي.
وتجدر الاشارة الى أن المحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع القاء القبض على المتهمين في قضايا أمامها لأنها ليست لديها قوات خاصة بها.. ولاعتقال سيف الاسلام مثلا لا بد أن تتعاون ليبيا مع المحكمة. ويترك هذا الأمر للسلطات الليبية بتنفيذ مذكرة الاعتقال التي تصدرها هذه الأخيرة. المعطى الآخر التي قد تستخدمه ليبيا للمطالبة بمحاكمة سيف على أراضيها هو أنها ليست من الدول الموقعة على معاهدة روما وبالتالي ليست عضوا بالمحكمة الجنائية وغير ملزمة بالتعاون معها.
وكان سيف الاسلام القذافي قد تقدم بوثائق الى محكمة العدل الدولية عبر محاميه تفيد برغبته في المثول أمامها لخشيته من التعرض للقتل.. ونقل المحامون عن سيف الاسلام قوله للمحكمة الجنائية الدولية، انه يتخوف من تعرضه لمحاكمة «غير عادلة ومتحيزة» في ليبيا. وكانت محكمة جرائم الحرب الدولية قد وجهت اليه تهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية وتحمله المسؤولية في اضطهاد وقتل « الثوار» في العام الماضي..
ويرى جمعة أحمد عتيقة المحامي الليبي المختص في القانون الجنائي الدولي أن ليبيا أخطأت بفتحها الباب للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وكان على السلطات أن تتشبث بالمادة 19 من القانون الأساسي للمحكمة الذي يعطي أولوية الاختصاص للقضاء الوطني على القضاء الدولي . وأضاف في حديث لاذاعة هولندا العالمية بأن المحكمة الجنائية يجب أن لا تستغل الوضع السياسي الهش لليبيا للتدخل في سيادتها.