أن تتحوّل ولاية القيروان إلى جهة منتجة للنّفط ومشتقّاته، فإن ذلك من أكبر الأمنيات التّنمويّة لأبناء الجهة. لكن شركة التنقيب التي جاءت إلى بوحجلة لتبحث عن الكنز الأسود تحت الأرض خلفت أضرارا كثيرة وحيرة لدى المواطنين. إثر الشكايات لبعض المواطنين القاطنين بعمادة النصر التابعة لمعتمدية بوحجلة نتيجة الشقوق والتصدع لمنازلهم تحولت «الشروق» على عين المكان فقابلت عددا من السكان واستمعت إلى تشكياتهم.
السيد المنصوري اكد أنه نتيجة التنقيب عن البترول باستعمال تقنية المسح السيزمي وهي أداة عملية لتحديد التكوين الجيولوجي تحت سطح الأرض، ويعتمد على تفجير شحنة صغيرة من المتفجرات قريبة من السطح، تنتج عنها صدمة آلية أو هزة تعود إلى السطح... مسببة أضرارا جسيمة لمنازل بالمنطقة تمثلت في شقوق وتصدع وآبار فلاحية. العجوز عيشة جعايبي لا تعرف اصلا سبب الشقوق التي لاحظناها في السقف وفي الأسفل لأن غرفتها مبلطة بالإسمنت. وقالت انها اثناء عمل شركة التنقيب سمعت ضجيجا غير عادي وراء منزلها وارتجاجا.
محمد بن الشيخ صاحب مرض مزمن اكد ان منزله تعرض بدوره لأضرار قيمتها تقدر بالملايين ولكنه لم يتحصل على أي تعويض بالرغم من أنه قدم شكاية في الغرض وأعطى للخبير 100 دينار لتحديد قيمة الأضرار إلى جانب جيرانه.
اما عادل منصوري فألحّ قصد زيارة منزله لمشاهدة أضرارها. وفعلا هناك شقوق كبيرة في السقف وفي الجدران وعبر عن حيرته إزاء إصلاح المنزل الذي سيصلحه عندما يتحصل على تعويض متخوفا ايضا من الامطار في فصل الشتاء ويتوقع دخول مياهها عبر الشقوق. وقال إنّ طريقة البحث التي استخدمتها الشركة غير قانونية ولا تستخدم الا في الصحارى ولا تستخدم قرب مساكن وآبار ولكنه عرف بعد فوات الاوان هذه المعلومات ووجه لومه للحكومة التونسية التي رخصت لها دون أخذ اعتبار للمواطن.
غاز السيشت مرفوض
على خلفية احتجاج بعض الأطراف السّياسيّة والحقوقيّة والبيئيّة اتّجهت هذه الاحتجاجات تحديدا نحو الاعتراض على مشروع التنقيب عن «غاز السيشت». حيث أشار المعترضون إلى خطورة هذا الغاز وخطورة عملية استخراجه على البيئة وسلامة الإنسان. وأصدرت بعض المنظّمات والأحزاب بيانات ندّدوا من خلالها بموافقة الحكومة على التّرخيص لشركة “شال” للتنقيب في معتمدية بوحجلة.
أبناء الجهة عبروا ل«الشروق» ان البعض يتحدث عن موضوع يهمهم بالأساس لأنهم أصحاب الأرض. عمر منصوري اكد ان الأضرار تكبدها ابناء الجهة وأنّ «الغاز الصخري» مرفوض تماما في جهتهم لأنه سيضر بالمنطقة والولاية ككل وله عواقب وخيمة على صحتهم وفلاحتهم حسب ما سمعوه.
وأفاد ان اهالي بوحجلة لو عرفوا من قبل ما سيحصل لمنازلهم وآبارهم لمنعوا الشركة من الاستكشاف ثم قال «فما بالكم بغاز سيقتلنا» وأضاف ان السلط الجهوية والمحلية من المفروض ان تتدخل لتأخذ لهم حقهم وهي تعرف مكان الشركة التي غادرت الولاية حسب قوله.
عمر الصيداوي (عمدة منطقة النصر) شرح لنا ان الشركة CGG Veritas تسببت في أضرار كبيرة للمنازل والآبار السطحية كذلك، فأغلب الآبار تعطبت بعد انسداد ممر المياه الخارجة من باطن الأرض نتيجة الارتجاجات التي حصلت خلال المسح السيزمي.
كما أشار العمدة أن حوالي 300 منزل و70 بئرا سطحية متضررة واغلب السكان قدموا قضايا في الغرض والشركة عيّنت خبيرا يعمل لصالحها في السابق وقدموا تعويضات تعتبر رمزية بين 250 دينارا 1500 دينار لفائدة 118 عائلة فقط. وأضاف ان الشركة وصاحب الأرض اتفقا على استغلال مكان البئر للنفط (ان وجد) بمبلغ 30 ألف دينار في السنة وتعويض أشجار الزيتون واللوز التي يتم إزالتها وهذا ما أكده صاحب الأرض، وأعتبر أنّ استغلال النّفط سيفتح آفاق التنمية بالجهة ويخفّف من البطالة ويحسّن البنية التّحتيّة وشدد على ضرورة التعويض.
الأمور غير واضحة للسكان عن مصير منازلهم وآبارهم ومتحيرون وعن نتيجة البحث والاستكشاف متسائلين وهم متخوفين كثيرا من «غاز السيشت» وهناك غموض حتى على المستوى الوطني في هذا الشأن.