حال النجم الساحلي هذه الايام لا يسر عدوا ولا حبيبا فالهزائم أصبحت الخبز اليومي في كل الفروع بل ان بعض هذه الهزائم يمكن نعته بالغريب فعلا. من كان يتصور أن يخسر فريق كرة السلة بطل تونس وافريقيا أمام نادي حمام الانف ومن توقع أن ينهزم فريق كرة اليد في أكثر من مناسبة منذ انطلاق الموسم. لا أحد قطعا تصوّر هذا السيناريو الحزين والمقلق في فريق كان حتى سنوات قليلة مضرب الأمثال في التنظيم الاداري والمالي وفي ثراء الرصيد البشري وحسن التصرف في الانتدابات محليا وخارجيا (في أغلب الاحيان).
تغيّرت صورة النجم نحو الاسوإ واهتز البنيان وتصدّع منذ أن فاز الفريق برابطة الابطال وذهب الى اليابان وقفزت ميزانيته الى 14 مليارا.
تدهور متواصل
للتاريخ كنا نبّهنا في «الشروق» قبل 3 سنوات الى التداعيات الخطيرة لحرب الاخوة الأعداء وها أن التاريخ يؤكد أن ما قلناه كان في محله فالنجم تراجع على مر السنوات وخصوصا فريق كرة القدم الذي يعد بمثابة القاطرة التي تجر بقية الفروع كما يحلو للرئيس السابق عثمان جنيح القول... والحقيقة أن عثمان جنيح نفسه وآخرون يتحمّلون ما آلت اليه الاوضاع حاليا من تدهور ومخاطر تجاوزت فرع كرة القدم لتصل باقي الفروع في غياب الموارد المالية وهروب كبار المدعمين من تحمل المسؤولية. لم يقرأ عثمان جنيح ومن معه القراءة الصحيحة تداعيات الخلاف مع الرئيس السابق معز ادريس والنتيجة جلسة عامة استثنائية مستعجلة جاءت بحامد كمون الذي كانت فترة رئاسته من أسوإ الفترات في تاريخ النجم من حيث التصرف أدبيا وماديا رغم بعض النتائج الطارئة في بعض الفرق غير فريق كرة القدم. خلال ترؤس حامد كمون عرف النجم واحدة من أكبر الأخطاء في تاريخه لما رفض الفريق التحول الى كادونا النيجيرية وكانت النتيجة إقصاؤه من المنافسة القارية وخلال فترة رئاسته لم يتمكن النجم من الوقوف على قدميه من جديد ليأتي حافظ حميد بعده مدججا بالشعارات الجوفاء والادعاءات التي كذبها الواقع والنتيجة خروجه من الفريق بعد بضعة أشهر بقرار قضائي.
النقد الذاتي
حلقة مفرغة ظل النجم الساحلي يدور فيها منذ 2007 والمؤلم ان أبناءه عجزوا عن القيام بتشخيص دقيق لأحواله نتيجة للجرعة الزائدة من النرجسية لدى هذا الطرف او ذاك وصحّة الرأس ووجود بعض الأشخاص المعتادين على الأكل من خير الفريق والذين لا يريدون اصلاحا حقيقيا ومصالحة فعلية بين الكبار وها أن الجلسة الاخيرة المخصصة لانقاذ ما يمكن انقاذه تقدم لأحباء النجم فكرة عن التشرذم الواضح الذي يعيشه فريقهم وعدم انسجام شخصياته الرئيسية فقد تغيب «الكبار» في الوقت الذي كان يتعين فيه الحضور لانقاذ الفريق ودعم رضا شرف الدين.
غاب هؤلاء ولم يقدموا جرعة أوكسيجين عبر ضخ مساعدات مالية ترقى الى الحد الأدنى وبما أن المال قوّام الأعمال فإن عجز الهيئة الجديدة في هذا الجانب يعني المزيد من الاحباط للاعبين والفنيين وتراجعا كارثيا للنتائج وهذا ما يلاحظ حاليا، وعلى الجميع الانتباه الى كون القادم أعظم وأخطر.
الحل مسؤولية الجميع
مهما قيل ومهما تردّد على ألسنة بعض المجموعات والشباب المتحمس هناك وهناك يظل النجم قلعة من القلاع الرياضية الكبرى في تونس وجزءا أصيلا من الموروث الرياضي الوطني وسقوطه يعني سقوط العديد من الرموز والدلالات الكبرى وهذا يعني أن النجم ليس ملكا لاشخاص أوعائلات ولا يمكن أن يرضخ للنزوات الشخصية والصراعات الذاتية.
قدر النجم الساحلي أن يبقى ويكبر ويستعيد هيبته لكن ذلك لن يتحقق فعليا (وليس هذا من قبيل الكلام الانشائي) الا بمصالحة جدية بين كباره وبالتالي من غير المعقول ان يبقى جبل الجليد قائما بين عثمان جنيح ومعز ادريس ومن غير الممكن أن يشطب حامد القروي حامد كمون من قاموسه رغم الاخطاء التي ارتكبها هذا الاخير في حقه وليس من المقبول أن يرقص عبد الجليل بوراوي على أكثر من ساق فلا يكون هو عنصر الوصل والربط بين الجميع. على الكبار أيضا أن يكونوا كبارا بتحمل مسؤولياتهم وتوفير الدعم المادي والمعنوي والا فليبقوا في بيوتهم ويتركوا النجم وشأنه.
زائدون عن النصاب
في انتظار الدعم المالي الملح والضروري عاجلا وليس آجلا حتىلا يستقيل رضا شرف الدين وتسقط هيئته لابد من مواصلة معالجة «نوبة الانتدابات» التي حدثت في الصائفة الماضية وانهاء عقود اللاعبين الذين يحصلون على جرايات منتفخة ولابد وهذا هو المهم من تكفل بعض الميسورين من أبناء النجم كل على حدة بأحد الفروع لأن وضع بعضها أصبح ينذر بالخطر فعلا.