الجدل القائم هذه الأيام حول الرابطات الوطنية لحماية الثورة وحقيقة دورها في نحت المشهد السياسي لتونس ما بعد الثورة دفع بأحد نشطاء اعتصام القصبة 2، رفيق نور بن كيلاني الى توضيح عدة حقائق. «لن أسمح، باسمي وباسم من ناله شرف المشاركة في اعتصامي القصبة 1 و2، لأي كان بتزييف التاريخ وتشويه مختلف المراحل التي مرت بها الثورة التونسية قبل وبعد 14 جانفي 2011».. هكذا علق مُحدثنا رفيق نور بن كيلاني على ما أسماه « ركوب رابطة حماية الثورة على تضحيات معتصمي القصبة 1 و2 وتحويل الفضل لها في تحقيق مطالب المعتصمين. . لقد بلغ بهم الامر حد التطاول على الشرعية بالقول أنه لولاهم لما أجريت انتخابات 23 أكتوبر ولما كان هناك المجلس التأسيسي ولولاهم لما وصل منصف المرزوقي للسلطة ولولاهم لما تحققت وستتحقق أهداف الثورة الأخرى..».
محو القصبة من الذاكرة
يواصل مُحدثنا قائلا أن «هذا التزييف للتاريخ ليس عفويا بل مقصودا ومخططا له وفيه تمش نحو محو ذاكرة اعتصامي القصبة وتنكر لجهود مُعتصميه الذين كانوا أول من طالب بمجلس وطني تأسيسي تُعهد له مهمة كتابة دستور».
ويقول رفيق نور أنه آن الأوان في تونس اليوم «لأن نتجاوز المزايدات السياسية التي لا طائل منها غير مزيد تأجيج نيران الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.. هناك حقائق يجب أن تُحفظ للتاريخ ولا فائدة من تكرار أخطاء بورقيبة وبن علي عندما طمسا جانبا كبيرا من الحقائق الوطنية، وعوضا عن الاعتراف بفضائل المناضلين الحقيقيين نصّبوا محلهم اطرافا أخرى لا علاقة لها بالنضال لتصبح هي صاحبة الفضل في استقلال البلاد وفي الكفاح وفي بناء تونس الحديثة..».
لم نمُت
يوضح المتحدث بالقول «رابطة حماية الثورة تريد اليوم أن تنسب لنفسها الفضل في المطالبة بانتخاب مجلس وطني تأسيسي يكتب دستورا ويُنصّب سلطة مؤقتة الى حين اجراء انتخابات.. والحال ان ذلك كان مطلبا اساسيا لاعتصام القصبة 2 الى جانب مطالب أخرى منها محاسبة الفاسدين وقتلة الشهداء وكشف لغز القناصة وتوفير التشغيل.. لقد كان اعتصامنا آنذاك عالميا بدليل أن ملاحظين وسياسيين وأكاديميين اتصلوا بنا من الخارج لتهنئتنا وتشجيعنا والحصول منا على تسجيلات مصورة للاعتصام قصد الاستلهام من تجربتنا وادراجها في دروس اكاديمية في دُولهم.. وطوال أيام وليالي الاعتصام لم تكن هذه الرابطة ولا أي من المنتمين اليها اليوم موجودين، بل ان بعضهم انتقد مطالبنا تلك.. مازلنا نحن أبطال اعتصامي القصبة احياء ولم نمت حتى يُشوهوا نضالنا ويشوهوا من بعدنا صورة تاريخ.. لن نسمح لهم بذلك ما حيينا».
ويواصل رفيق قائلا «..نحن رفعنا في القصبة شعار ننتصر أو ننتصر.. لقد ذهبنا أبعد من شعار ننتصر أو نموت، وانتصرنا، واليوم سنواصل بحول الله السير على الدرب نفسه ليس باسلوب العنف الذي يلجأ له الآخرون ويدعون له بل بالحوار السلمي في سبيل حقن دماء التونسيين، كفانا ما حصل في الماضي من صراعات سياسية مات فيها كثيرون وجُرحوا وسالت دماؤهم».
لا يميني ولا يساري
يؤكد رفيق نور انه ورفاقه في اعتصامي القصبة 1 و2 لم يدافعوا أثناء الاعتصام والى حد الآن عن أي كان ولم يتبنوا أي موقف سياسي. ويقول بالخصوص « لا أدافع عن الحكومة ولا أعارضها فعلى سبيل المثال وقفت اكثر من مرة خلال الفترة الماضية الى جانب الحكومة وتحديدا الى جانب وزير العدل نور الدين البحيري ورفعنا شعارات امام الوزارة تسانده في عمليات تطهير البلاد من رموز النظام السابق وفي محاسبة المفسدين..لا أدافع عن قطب نداء تونس ولا عن قطب النهضة أوعن أي توجه سياسي آخر فطالما هدمت الاستقطابات السياسية والايديولوجية مسار الديمقراطية في عدة دول.. لا أدافع لا عن اليمين ولا عن اليسار.. فقط أدافع ورفاقي عن نقاوة الثورة من كل التشويهات وعن نقاوة اعتصامَيْ القصبة اللذين لم يتكسر خلالهما زجاج واحد.. لقد وقفنا خلال الاعتصامين لتصحيح مسار الثورة ونجحنا والحمد لله في اسقاط حكومة الغنوشي وفي تحقيق مطلب انتخاب مجلس تأسيسي وعلقنا آنذاك الاعتصام يوم 4 مارس 2011.. وها نحن اليوم نقف لتصحيح مسار الانتقال الديمقراطي حتى نُجنّبه أي تشويه قد يصيبه جراء احداث العنف السياسي التي ما انفكت بعض الأطراف تدعو اليه وتشجعه بتعلة حماية الحكومة الشرعية والحال انها تُربك عمل الحكومة وتهدم ارادة شعب بأكمله في تحقيق اهداف ثورته الحقيقية..».
تشويه الثورة
يواصل محدثنا بالقول «هؤلاء لم نعرفهم الا في الأحداث المضادة للثورة.. فالامر لم يقف بهم حد تزييف التاريخ بل تعداه الى محاولة تشويه الصورة الجميلة للثورة التونسية عبر المشاركة في أحداث مؤسفة أساءت لتونس ولثورتها داخليا ودوليا منها على سبيل الذكر أحداث الاعتداء على معتصمي باردو (ديسمبر 2011 أمام المجلس التأسيسي) وأحداث الاعتداء على متظاهري 9 أفريل 2012 وأحداث الاعتداء على السفارة الأمريكية وحادثة مقتل لطفي نقض بتطاوين.. وقد ثبت فعلا بالصور وبتسجيلات الفيديو وبشهادات الشهود تواجد أطراف منهم في تلك الاحداث». وكل هذا حسب المتحدث أبعدنا كثيرا عن الثورة وعن سمعتها في الخارج وعن الوفاء لأرواح شهدائها وعن سمعة ابطالها في القصبة 1 و2.
مناظرة تلفزية
يختم رفيق نور بن كيلاني كلامه بالقول «أعتقد ان ما يقوم به المنتمون لرابطة حماية الثورة أحداثا مُمنهجة ومخطط لها والغاية منها احداث جدل وتشويش لدى الرأي العام قصد تلهيته عن مشاغله وعن مطالبه الحقيقية على غرار ما حصل بمناسبة احداث السفارة وأحداث تطاوين وأحداث 9 أفريل وغيرها.. اليوم أطلب من المنتمين لرابطة حماية الثورة الالتقاء في مناظرة تلفزية لكشف عدة حقائق أمام الرأي العام حتى تبقى موثقة للتاريخ وللأجيال القادمة وحتى لا يتمادوا في تزييف الحقائق، وحتى تتظافر كل أسباب حل هذه الرابطة كما ينادي بذلك كثيرون».
من هورفيق نور بن كيلاني ؟ رفيق نور بن كيلاني، ناشط سياسي ومن المجتمع المدني متزوج وأب لطفلين اصيل منطقة الوردية بالعاصمة، ووالده مناضل معروف من الحركة اليوسفية (ابراهيم الكيلاني). وكان رفيق من أبرز المشاركين والمنظمين في اعتصام القصبة 2 وناله شرف (أصر على استعمال هذه العبارة ) تلاوة بيان تعليق الاعتصام يوم 4 مارس 2011 بعد أن قررت الحكومة الاستجابة لأبرز مطلب في الاعتصام وهوانتخاب مجلس وطني تأسيسي تُعهد له مهمة كتابة دستور. ويقول رفيق أن نضاله اليوم هوعبارة عن وفاء لروح والده المناضل ورسما لمسار نضالي لابنه ابراهيم نور حتى يواصل درب النضال في سبيل الديمقراطية والحرية.