المجموعة الشعرية الجديدة «نافخ الزجاج الأعمى أيامه وأعماله» لآدم فتحي حازت على جائزة البنك التونسي ابو القاسم الشابي وهي مجموعة صادرة في بيروت عن منشورات الجمل في 213 صفحة. ادم فتحي يشكل تجربة شعرية متكاملة رغم ندرة المجموعات التي اصدرها فهو شاعر مقل في النشر وليس في الكتابة وقد تنوعت تجاربه بين الكتابة بالعامية التي طورها وبين كتابة الاغاني لمجموعات ما عرف بالموسيقى البديلة مثل الحمائم البيض والبحث الموسيقي ومجموعة عيون الكلام وخاصة للطفي بوشناقً الذي شكل معه ثنائيا متميزا منذ مطلع التسعينات.
ادم فتحي له نبرة خاصة يمتزج فيها الشعر بالسرد وهذه المجموعة الجديدة يمكن اعتبارها سيرة شعرية لآدم فتحي ، فنافخ الزجاج ليس الا ادم فتحي الذي تسأله « طفلته» « كيف تكتب» وهو الذي « علمته تراكي الكلام» و«كيف يصحو فجرا» وابن «فارس نفزاوة» الذي «لم ينتبه لنفسه الا بعد الستين» وهو الذي « لن ينام أعمى » بعد ان عثر على «نبيهة» التي كتب لها «نسيت قصائد الحب كلها».
«في سيارات التاكسي التي سألتها عن عنوانك. في مطارات مدن لم تعرف أني غزوتها ابحث عنك. على طاولات مقاه دخنت فيها انتظارك . في رمال كثيرة بقصبتي العمياء راودتها عن زجاجك».
في هذه المجموعة التي قسمها ادم الى قسمين أيامه وأعماله نستعيد معها صفاء الشعر الذي ينهل من آبار الروح، من الطفولة ومن أحلام الفجر وليل العشاق وتيه الهائمين على وجوههم في فيافي الصحراء ، فقد مضى زمن بعيد لم اقرأ فيه شخصيا شعرا عذبا يعيد للروح حماسها للحياة والكتابة ونجح ادم في كسر بنية الجملة الشعرية التقليدية فجاءت مجموعته نصا واحدا او تنويعات على نص واحد وهو نص الروح التي تستعيد أيامها وأعمالها.
ادم فتحي الذي كتب «ان شخت كالجذع يوما وغادرتني الطيور» و«انت شمسي انت» و«نساية» و«سينما» و«العين اللي متشوفكش» بدا في هذه المجموعة طفلا مازال يغفوً «بين يدي تًراكي» وشابا حالما يبحث عن «مناديل نبيهة» وكهلا ينصت لأسئلة ابنته بانتباه ورهبة! فما الشعر ان لم يعيدنا الى أحضان طفولتنا وإيامناً الاولى وشغبنا واحزانناً الغامضة.
في مجموعته الشعرية الجديدة التي يعود من خلالها ادم فتحي الى الشعر في كتاب بعد غياب ناهز العشرين عاما بعد اخر مجموعة شعرية «زهرة الغبار» سنة 1990 يحملنا الى شتاءات الطفولة وأيامها العذبة والى أشواقً الصبا، انه كتاب الأحلام البيضاء كما قال «نافخ الزجاج الأعمى».