مثلت مسألة تزويد المناطق السقوية بجهة جندوبة بمياه الري إحدى أهم المشكلات التي تقف في وجه القطاع الفلاحي بالجهة خاصة أن المنطقة السقوية التي تمسح قرابة 45 ألف هكتار تمثل معادلة صعبة في النشاط الفلاحي . بعد أن ظهرت عدة عيوب بالمنطقة السقوية في مقدمتها قدم الشبكة وما لحقها من أعطاب تطلبت عدة تدخلات دورية للإصلاح وبمبالغ مالية ضخمة فقد طفا في الآونة الأخيرة مشكل التسيير والمتعلق بالمجامع المائية التي كانت تسير توزيع المياه وتتعهد بتسلم مبالغ الاستهلاك من الفلاحين لكن هذه المجامع تخلت عن دورها وانسحب الكثير منها وبقيت مسألة المديونية عالقة . منذ الثورة تخلت الهيئات المسيرة لمجامع التنمية المتصرفة في منظومات التزود بمياه الري عن عملها وهو ما انعكس سلبا على وضعية المناطق السقوية خاصة سوق السبت والجريف والسعادة وقد نتج أيضا عن تخلي العديد من المجامع تفاقم مديونية مياه الري التي بلغت إجمالا حوالي 09 مليارات وهو ما أثقل كاهل المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية التي أصبحت عاجزة عن تسديد معاليم استهلاك الكهرباء والتعهد بصيانة المسالك الفلاحية والمنشآت المائية .
رغم الحوافز والتسهيلات التي أقرتها الدولة لمعالجة المديونية ( الإعفاء من 30 بالمائة من الدين والتسديد الفوري ل20 بالمائة وتقسيم 50 بالمائة على خمس سنوات) فإن الوضعية بقيت على ماهي عليه.
وأمام هذا الوضع المتردي بالمناطق السقوية الكبرى عامة ومنطقة سوق السبت والجريف السعادة خاصة تم بالاتفاق بين المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية والاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري على إعداد مشروع ينص على تكوين لجان وقتية لتسيير المجامع التنموية بالمناطق المذكورة وذلك بهدف تجاوز الإشكاليات المطروحة ومساعدة الفلاحين على ممارسة نشاطهم وضمان تزويدهم بمياه الري وهذه الهيئات المقترحة بالتوافق تتركب من متطوعين همهم معاضدة مجهودات الدولة وتفعيل دور تلك الهياكل بمناطقهم .
ولكن المشكل الذي بقي مطروحا إلى اليوم هو موعد انطلاق العمل الفعلي لهذه الهيئات والتي بقيت مرتبطة بعرض تركيبتها على أعضاء المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة بمعية والي الجهة وهي عملية طالت نسبيا خاصة وقد وقع تعيين هذه الهيئات منذ 17 أكتوبر 2012 .
المشروع وبقطع النظر عن تضمنه لتشكيل الهيئات المسيرة للمجامع فإنه أكد على ضرورة تفعيل دور هياكل الرقابة ليكون العمل منظما خاصة ماديا بما يضمن حسن التسيير وتوفير التدخل المناسب الذي يقطع مع كل تصرف قديم غير رشيد .
وقد وقع التأكيد على ضرورة محاسبة الهيئات المتخلية ودعوتها لتقديم كافة الدفاتر الحسابية ومؤيدات الصرف والقبض حتى يتسنى عرضها على هياكل الرقابة الجهوية خاصة وقد أكد عدد كبير من الفلاحين أنهم سددوا معاليم وبصفة منتظمة للمجامع القديمة .
التسريع بتفعيل نشاط هيئات التسيير المؤقتة للمجامع المائية يعيد النشاط للمنطقة السقوية وينظم عملية التزود بالمياه في أفضل الظروف ويضمن ديمومة تسديد المديونية التي تراكمت وتحولت لكابوس زواله يتطلب تضحيات وتدخلات حازمة .