أثارت الزيادة في ميزانيات الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي) بنحو 24 مليارا و488 ألف دينار استغرابا واسعا لدى التونسيين الذين سمعوا وعودا من اعضاء الحكومة بخصم 20٪ من أجورهم لفائدة ميزانية الدولة. كما ذكر رئيس الجمهورية أنه سيكتفي ب 3 آلاف دينار من راتبه في حين أنه ظل يقبضه كاملا. من جهة أخرى فإن انتظارات التونسي من أعضاء التأسيسي الذين جاؤوا بعد الثورة لتحقيق آماله تجعلهم مطالبين بالاكتفاء برواتب تنسجم مع وضعية البلاد التي تمر بأزمة اقتصادية وتتطلّب مزيدا من التقشف لا يدفع ثمنه المواطن العادي وحده بل على مسيّري الحكومة أن يكونوا قدوة في هذا المجال لا أن يتم الترفيع في رواتبهم وميزانياتهم بهذا الشكل. ميزانيات
وفي هذا الباب يبدو من خلال ميزانية 2013 أن ميزانية رئاسة الجمهورية زادت من 71 مليارا و869 ألف دينار في 2012 الى 79 مليارا و303 ألف دينار. ومرّت ميزانية التأسيسي من 22 مليارا و230 ألف دينار الى 24 مليارا و488 ألف دينار كما زادت ميزانية رئاسة الحكومة بنحو 12 مليون دينار إذ مرت من 126 مليارا و486 ألف دينار الى 138 مليارا و401 ألف دينار.
اقتصاد
ولقراءة هذه الارقام اتصلت «الشروق» بالاستاذ في الاقتصاد السيد فتحي النوري الذي ذكر أن هذا الترفيع في الميزانيات منسجم ونسق الزيادة في ميزانية الدولة التي مرت من 25 مليار دينار الى نحو 26 مليار دينار، ولاحظ أنه من المفروض أن يتم انتخاب مؤسسات مساءلة لها صلاحيات مراقبة لكل مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات السيادة يكون دورها متكاملا مع المؤسسات الدستورية بعيدا عن الولاءات السياسية. كما تتطلّب مناقشة الميزانية في البرلمان كفاءات قادرة على المحاسبة والمراقبة.
وحول هذه الزيادات في الميزانيات ذكر المختص في الاقتصاد أنها قد تنفق في التصرّف أي الأجور والزيادات المقرّرة لها هذا العام... وقد يكون هناك جزء خاص بالاستثمار المباشر، ولاحظ المختص أنه عموما مقارنة بالسنة الماضية جزء هام من ميزانية الدولة خصص للنفقات الجارية (أجور ودعم...) وهي مصدر تضخم خاصة وأن عجز ميزانية 2013 يناهز 5.5٪ مقارنة 6.5٪ في سنة 2012 مما يعني ان هناك اعادة هيكلة النفقات.
ولاحظ المتحدّث أنه من الأجدى تخصيص نسبة هامة من ميزانية الدولة على الاستثمار وخلق مواطن عمل بدل توجيهها للنفقات الجارية مما يخلق عجزا يضطر الحكومة الى أحد الحلول فإما الزيادة في الضرائب أو الاقتراض أو التقشف وكلّها حلول لا تتحمّلها البلاد حاليا نظرا لحالة التشنج كما لا توفّر مناخ الاستثمار، وختم بأن الاضطرابات الاجتماعية التي تعيشها البلاد حاليا يتحمّلها اقتصاديا الذي خرج من أزمته حديثا بنسبة نموّ 2.6 ولو عادت الاعتصامات والفوضى من جديد فلن يتحمل اقتصادنا أكثر...