والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة: التونسية سمية بوسعيد تحرز برونزية سباق 1500م    طقس اليوم: أمطار بالمناطق الغربية والشرقية وحرارة أربعينية بالجنوب    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    بن عروس: اندلاع حريق بمستودع قديم وغير مستغل    رئيسة مكتب مجلس أوروبا بتونس تقدّم خلال لقاء مع بودربالة مقترح تعاون مع البرلمان في مجال مكافحة الفساد    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    تونس تشارك ب14 مصارعا ومصارعة في البطولة العربية بالأردن    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24،5 بالمائة    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    القيروان :الاحتفاظ ب 8 اشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوتية يعملون بشركة فلاحية    مدير معهد الإحصاء: كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    وزير التشغيل والتكوين المهني يؤكد أن الشركات الأهلية تجربة رائدة وأنموذج لاقتصاد جديد في تونس    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    قيس سعيد يُعجّل بتنقيح الفصل 411 المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.    سعيّد يأذن بتنقيح فصولا من المجلة التجارية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    أولا وأخيرا ..«سقف وقاعة»    عاجل/ إسبانيا تتخذ اجراء هام ضد الكيان الصهيوني..    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    فرنسا: الشرطة تقتل مسلحا حاول إضرام النار بكنيس يهودي    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفجوة الرقمية في 2الوسط التعليمي العربي وسبل الحد منها (3-2)
نشر في الشروق يوم 03 - 12 - 2012

3) الفجوة الرقمية العربية تحيل على فجوة رقمية في الوسط التعليمي
في التقرير الاخير عن مجتمع المعلومات الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات سنة 2007 تم ضبط ملامح مؤشر الحظوة الرقمية ومؤشر حظوة تكنوولجيات المعلومات والاتصالات.

بالنسبة لمؤشر الحظوةالرقمية فإن البلدان الخمسة الاولى عالميا هي كوريا الجنوبية، واليابان، والدانمارك، واسلندا، وسنغافورة. أما بالنسبة لمؤشر حظوة تكنولوجيات الاعلام والاتصالات فالبلدان الخمسة الاولى عالميا هي السويد، والكسمبورغ وهونغ كونغ، وهولندا، والدانمارك.
وبالنسبة لمستويات نسب استعمال العرب للانترنت فهي نسب هزيلةمقارنة مع المعدلات العالمية فرغم ان العرب يساوون نسبة 5٪ من مجموع سكان العالم الا انهم لا يمثلون الا نسبة 2.5٪ من جملة مستعملي الانترنت في العالم ولا يبلغ معدل نفاذ العرب للانترنت الا نسبة 8.5٪ بينما بالنسبة لليابان يصل الى نسبة 67.1٪ و45.6٪ بالنسبة لكوريا الجنوبية. وتقل نسبة المواقع العربية عن نسبة 0.5٪ من مجموع المواقع على النطاق العالمي موزع أغلبها على عدد محدود من البلدان، ومن ضمنها تندر المواقع التربوية ندرة شديدة.

وتعكس كل التقارير العالمية وجود فجوة رقمية ما بين البلدان العربية والبلدان الرائدة رقميا.كما أنها تبين وجود فجوة كبيرة ما بين البلدان العربية في حد ذاتها، إذ بدأت بلدان طليعية مثل الامارات والكويت وتونس تتفوق على الآخرين وهي البلدان التي من المنتظر ان تتمكن قبل غيرها من دمج تكنولوجيات المعلومات والاتصالات داخل منظومتها التعليمية على الاقل بالنظر الى ناحية مستوى بنيتها التحتية المعلوماتية والاتصالية، الا انه يبقى السؤال قائما عن مدى قدرتها على انتاج المحتويات المعرفية والموارد التربوية الكفيلة لها بانجاح تلك العملية.

وعلى وجه المقارنة فرغم ان كوريا الجنوبية تصنف من طرف الامم المتحدة ضمن البلدان النامية،إلا أنها تحتل المرتبة الاولى عالميا من ناحيةمؤشر الحظوة الرقمية (DOI) وهي مبكرا منذ 1995 قررت ربط كل مؤسساتها التربوية بشبكة الانترنت، ومع حلول سنة 2001 كانت قد أتمت العملية وحاليا كل تلك المؤسسات تتمتع بشبكةكثيفة من الكمبيوترات وبربط بالانترنت سريع الدفق يساوي 2 ميغابايت في الثانية، بما يجعلها تحتل صدارة بلدان العالم بحسب مؤشر الحظوة الرقمية.

4) الصعوبات المنهجية
يعد المنهج الاحصائي في حالتنا الراهنة المنهج الافضل، لكن قبل كل شيء هل توجد احصائيات عربية منشورة حول معدل عدد اجهزة الكمبيوتر بالوسط المدرسي، وعن نوعية الربط بالانترنت، أهو ربط عادي، أو سريع الدفق، أو بواسطة الالياف الضوئية، أو بواسطة الاقمار الصناعية، وعن عدد المواقع التربوية بكل دولة، وعن عدد زوارها، ناهيك عن جدواها ودورها في العملية التعليمية التعلمية... نحن الان نقول ذلك بكل أسف، في مرحلة البدايات، داخل شبه صحراء احصائية حول الوسائط الرقمية التربوية، مقارنة بالطبع بالجنائن الرقميةعلى المستوى العالمي، ودور هذه الدراسة تنطلق من الموجود، وتحاول ان تطلق صرخة فزع، لعلها تحرك السواكن، وتفتح الابواب المغلقة.
وبالنظر الىجدة موضوع البحث واتساع آفاقه، وبحكم ان مستعملي الانترنت غير مرئيين بالنسبة للباحث، فإنه اذا أراد اللجوء إلى مسح إحصائي انطلاقا من عينة محددة، فإن منطق العينة الكلاسيكية سيرتج بفعل صعوبة الإجابة عن الأسئلة المنهجية التالية : من يوفر العينة المفحوصة، أعينة محدد عددها سلفا، أم عينة حرة تخضع للتطوع لأجل الإجابة عن الأسئلة المطروحة، ما نوعية الوسيلة الإحصائية، إجابات مكتوبة ورقيا، أم إلكترونيا، هل ستأخذ العينة من فصل وحيد أم من فصول متعددة، من أي منطقة، من أي مستويات اجتماعية، كم نسبة الذكور وكم نسبة الإناث، ماهو دور المؤسسات الحكومية في ضبط العينة، هل ستتعاون مع الباحث أم ستتجاهله، مع أي عينة أخرى ستتم مراقبة النتائج، هل ستخضع العينة للمتابعة على مدة طويلة أم لمدة قصيرة، هل ستخضع للاستجواب الشفهي أم سيقع الاقتصار على الإجابات المكتوبة إلكترونيا أو مكتوبة ورقيا، ما مدى جدية التلاميذ والأستاذة المستجوبين في الإجابة عن الأسئلة المطروحة، هل ستكون الإجابات على حين غرة أم ستتم في راجة زمنية ما مدى تأثير المحيط في الاجابة، بحيث ما هو متاح حاليا لدي دارسي المسألة هو فقط إتباع المنهج الوصفي واعتماد أسلوب الملاحظة الميدانية المباشرة، وتحديد ردود أفعال المبحرين في المواقع التربوية، والاسترشاد بنتائج الدراسات الشبيهة بالدراسة الحالية.

5) استعمالات تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في الوسط التعليمي الثانوي
يعتقد التصور التكنوقراطي أن تقنيات المعلومات والاتصالات تمكن من نقل المعهد الثانوي من المرحلة الحرفية إلى المرحلة الصناعية، فالإنفاقات المكثفة على الأجهزة من كمبيوترات وطابعات وماسحات ضوئية وربط سريع التدفق بشبكة الانترنات واقتناء البرمجيات والمحتويات الرقمية يمكنون من تحسين أداء المؤسسة التعليمية، لكن كل الدراسات على المستوى العالمي تبين أن مسألة تغيير الممارسات المهنية التعليمية بواسطة إدماج تقنيات المعلوماتية والاتصالات في العملة التدريسية ليست مسألة هينة ونجاحها غير محقق تلقائيا أما أهم إمكانيات استثمارها فيمكن أن تكون بواسطة :

1 استعمال هذه التقنيات من طرف المربي كوسيلة لإثراء درسه أو كوسيلة إيضاح بواسطة جهاز كمبيوتر مرتبط بجهاز بث ضوئي.
2 استثمار إمكانيات السبورات الذكية التفاعلية، أو مخابر اللغات الشبكية.
3 وسيلة تواصل داخل القسم ما بين الاستاذ وتلاميذه باسطة منظومة الحقيبة الالكترونية.
4 بحث التلاميذ بصفة مستقلة عن الاستاذ عن معطيات على شبكة الانترنات لتأثيث بحوث أو مشاريع عمل يكلفون بالقيام بها.
5 استعمال برمجيات مخصوصة في بعض الاختصاصات التقنية مثل برمجيات الرسم التقني أو الرسم الفني.
6 وسيلة تواصل خارج القسم ما بين الأستاذ وتلاميذه أو ما بين الأستاذ وأولياء التلاميذ.
7 الإجابة إلكترونيا عن الاختبارات المدرسية وإصلاحها من طرف المدرس وإعادة تحميلها إلى التلميذ المعني بالأمر.
8 انجاز موقع واب تفاعلي.
9 العمل في إطار شبكة محلية تخول تنزيل الدروس والاختبارات.
10 إنجاز منتدى خاص بالقسم

علاوة على جعل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات اختصاص مدرسيا مثل اختصاص العلوم واختصاص الآداب ينتهي بشهادة ختم التعليم الثانوي مثلما هو معمول به في تونس، وتم أثناء السنة الدراسية 2007 2008 تخريج أول دفعة من تلاميذ البكالوريا في هذا الاختصاص.
وفي الواقع تنقسم محتويات المواقع المعروضة علي شبكة الانترنات والممكن استغلالها في عمليات التعليم والتعلم الى ثلاثة مستويات:

مواقع الخط الثالث: مواقع المواد الخام مثل بنوك النصوص والصور والخرائط، ومواقع الدروس الجاهزة والاختبارات.
مواقع الخط الثاني: مواقع استكشاف وفهرسة المواقع التربوية وتقييمها.
مواقع الخط الأول: هي المواقع التي تتوجه مباشرة الى المتعلمين والمهتمين بعملية التعليم والتربية، وتحتوي على دروس تفاعلية وعلى سيناريوهات تعليمية مصاغة بتقنيات الصور المتحركة (تقنيات الفلاش مثلا)، وبعضها مواقع مفتوحة أما بعضها الآخر فمقصور على المشتركين فيه بمقابل، وهي أكثر المواقع ندرة.
أما تصور الأنشطة الالكترونية وإنجازها داخل الفصل فيتم بحسب أنواع الوضعيات البيداغوجية المختلفة: وضعية حث أو وضعية تعلم أو وضعية دعم أو وضعية تقييم أو وضعية علاج..
ومن ناحية استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات داخل الفصل فيفرض توفر الشروط الآتية: حذق المدرس للاستعمالات المتعددة لتلك التقنيات، واقتداره على إيجاد حلول سريعة للمشاكل التقنية التي يمكن أن تطرأ،وتحضيره تحضيرا جيدا للنشاط الذي يرغب في القيام به داخل الفصل. أما بالنسبة الى التلاميذ فيشترط فيهم قبل كل شيء الرغبة في استعمال تلك التكنولوجيات في عملية التعلم لا للعب فقط. ومن ناحية تالية، لكل نشاط شروطه الخاصة، فتعويد التلاميذ على كتابة نص إلكتروني ومعالجته وخزنه وطباعته يفرض أن التلميذ كان قبله قد تعود على تشغيل جهاز الكمبيوتر وعلى التعامل مع لوحة ملامسه، وإرسال رسالة إلكترونية يفرض أن التلميذ كان قد تهيّأ للإيجار على النات..
كما أن الممارسات التي تدمج تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في العملية التعليمية يجب أن تضع التلميذ في وضعية تعلم نشيط ومسؤول، وعليها أن تمكنه من حذق الكفايات الضرورية التي تخول له إيجاد وتنظيم وبث المعلومة، وتحثه على الأداء في نطاق مجموعات تعمل على حل مشكلة ما. وتعد مستحدثة ومبدعة كل تجربة تعليمية مستعملة لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات تتوصل الى تغيير سير العملية التعليمية من ناحية تموقعها المجالي والزمني وتشحذ التواصل ما بين المتعلمين داخل البلد الواحد وما بين البلدان، وتدعم التماسك الاجتماعي والانصاف ما بين التلاميذ الذين يملكون تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والتلاميذ الذين تعوزهم.

6) مسالك للتثمير
في الواقع تشمل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في الوسط التعليمي الاقراص المدمجة التربوية، لكن هذه المنتجات تشكو من عيبين رئيسيين، أولهما أنها منتجات نهائية يستحيل التغيير فيها إلا بإصدارات جديدة قد يطول أجلها، وثانيهما سهولة استنساخها وقرصنتها. بينما نفس تلك المحتويات الرقمية أصبح من الممكن عرضها على شبكة الانترنات، وحاليا بحكم انتشار الربط سريع الدفق مع الانترنات، فإن تغيير تلك المحتويات وتحيينها والاستفادة من تغذيتها الراجعة أصبح يسيرا، بما يضع نقطة استفهام عن مستقبل تلك الوسائط. لذا فإن التوصيات التي سنقترحها بالنسبة الى التعليم الثانوي ستقتصر على كيفيات تطوير استعمال الانترنات في الوسط المدرسي.

1) تغيير البرامج التعليمية حتى تتمكن على مدى زمني متوسط كل المواد الدراسية من الحصول على إمكانية استعمال مخابر الاعلامية التي يجب تكثيف عددها، وهو تطور مستقبلي لا مجال للشك فيه، ويجب التهيؤ له. هذه هي مدرسة الغد. ولن توجد مدرسة للغد في العالم العربي دون محتوى رقمي عربي. علينا ان نتهيأ لهذا الاستحقاق حتى لا نجبر لاحقا على التكيف مع حلول توقيعية.
2) المطلوب لا احتكار القطاع العام لمهمة انتاج المحتويات الرقمية، وكلنا يعرف البيروقراطية التي تعطل القرارات وهذا ليس خاصا بالعالم العربي بل بكل العالم، وليس توكيل المهمة برمتها الى القطاع الخاص الذي تخضع قراراته الى المنطق التجاري لا غير، ولكن المطلوب هو خلق شراكة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص، بحيث يتولى القطاع العام خلق الأطر القانونية وضبط كراسات الشروط وتوفير التمويلات، ويتولى القطاع الخاص مهمة تصور وانجاز تلك المحتويات في أزمنة مضبوطة وفي اطار منافسة شريفة تخضع للتحكيم من طرف القطاع العام. فالمملكة المتحدة مثلا تقتني محتويات رقمية تربوية من القطاع الخاص بما يناهز قيمته 200 مليون أورو سنويا.
3) الانتقال من مرحلة الهواية الى مرحلة الاحتراف. فالمواقع التعليمية الخاصة على مستوى العالم ككل في أغلبيتها ناقصة، ونادرا ما تحين معطياتها، وبفعل فقدان دعمها من طرف سلط الاشراف، فإن ما يناهز 15٪ منها يندثر سنويا. يجب تجاوز ذلك بواسطة خلق الأطر القانونية التي تخول انبثاق مؤسسات خاصة ذات مستوى احترافي عال، ومن الافضل ان تكون متكونة من مدرسين متمرسين يحذقون انجاز السيناريوهات التعليمية ومن متخصصين في انجاز المواقع التفاعلية ولهم القدرة على مواكبة التحولات التقنية السريعة التي تعرفها الشبكة من ناحية أشكال ايصال المعلومة: صفحة «ويب» تفاعلية أو مدونة او منتدى...
4) مواصلة تعهد تكوين القائمين على التعليم في ميدان استعمال تكنولوجيات الاعلام والاتصال الحديثة بواسطة أنظمة التكوين المستمر، ومكافأة المتحصلين منهم على شهائد في هذا المضمار مثل شهادة (C2I) التونسية أثناء عمليات الترقية المهنية. وفي نفس الوقت منح المتربصين للتدريس تكوينا صلبا في ميدان الرقميات، وجعل النجاح في ذلك التربص شرطا إلزاميا للقبول الوظيفي حتى يقع القضاء تدريجيا على الأمية الرقمية المتفشية في صفوف رجال التعليم العرب، بحيث يحولون الى عناصر حاثة على استعمال تلك التقنيات.
5) القيام بانشاء قاعدة بيانات تضم أفضل التجارب التعليمية التي تستعمل تقنيات المعلومة والاتصالات، ويمكن تنظيم مسابقة على مستوى العالم العربي لأفضل تلك التجارب مع تسجيلها بواسطة الفيديو او أنظمة ال«وابكام»، وعرضها على بوابة الكترونية تنشأ للغرض بما يمكن المتخصصين من تشريحها ونقدها والزيادة عليها.
6) تنظيم دورات تكوين في الاستعمال المدرسي للتكنولوجيات الرقمية لفائدة رجال التعليم بواسطة نظام الفيديو كنفرانس في أوقات معينة من الشهر يمكن المشاركة فيها من طرف متخصصين من العالم العربي وحتى من خارجه.
7) الاستلهام من التجارب العالمية الناجحة في هذا الميدان مثل تجربة سنغافورة وتجربة كوريا الجنوبية وماليزيا مع تبيئتها مع الواقع العربي. ويكون ذلك في البداية انطلاقا من تجاربها المعروضة عليها دراسات في موقع الفرع الاقليمي لليونسكو ببانكوك، وفي مرحلة ثانية بواسطة ارسال خبراء عرب الى هذه البلدان للاطلاع على عين المكان على حقيقة هذه التجارب ونقل الممكن منها تطويعه. والاستفادة من تجربة BECTA البريطانية التي اصبحت تمثل مرجعا عالميا في هذا الميدان. ومن الممكن ايضا الاحتذاء بنظام شهادة حذق تقنيات المعلوماتية والاتصالات بالمعاهد الثانوية الفرنسية (B2i)، وهي في الاصل شهادة اختيارية لكن بحكم الاقبال عليها من طرف التلاميذ الفرنسيين أصبحت الزامية منذ السنة الدراسية 2007 2008، وأضحت الآن تعد أحد نجاحات ادماج تقنيات المعلوماتية والاتصالات بالوسط المدرسي الفرنسي.
8) مبادرة دولة عربية مقتدرة الى خلق بوابة تربوية جامعة توفر محتويات تعليمية دقيقة في شكل نصوص مصدرية واحصائيات وكتب الكترونية وببليوغرافيات ووثائق سمعية بصرية وسيناريوهات رقمية جيدة خصوصا بالنسبة الى المواد العلمية، تطمئن المؤسسة التعليمية والعائلة والسلطة الحاكمة الى جودة محتوياتها وخلوها من المعلومات المضللة والاباحية، وفي نفس الوقت، ودون دعاية فجة، تعلي من شأن تلك الدولة وترفع من رصيد سمعتها.
9) تطوير محتوى الشبكات التربوية العربية القائمة، واسراع البلدان التي ليست لها شبكات بإنشائها، وحث رجال التعليم على تأثيث أركانها بأفضل منتجاتهم، وهي منتجات إن توفرت لها حوافز النشر المادية والمعنوية ستكون كثيفة العدد وعالية الجودة.
10)تبصير القائمين على التربية في العالم العربي بضرورة عدم الاحساس بالاحباط من بطء عملية ادماج تكنولوجيات المعلومات والاتصالات داخل منظومات التعليم الوسطى ببلدانهم، اذ ان هذا الاحساس أصبح مشتركا بين أغلب المسؤولين. فالخطاب العالمي حول مجتمع المعرفة أصبح خطابا شديد المغالاة يعكس في جانب كبير منه تهيؤات رجال الصحافة وأحلام منتجي المواد المعلوماتية والاتصالية أكثر مما يعكس الوقائع على الارض. بحيث مقارنة مع ما هو موجود محليا أصبح كل واحد يتصور أن بلده متأخر عن الآخرين. لكن في المقابل عليهم ان لا يؤخروا لحظة تقييم ما هو منجز في بلدانهم، وما هو متاح انجازه، وأن يتخذوا المبادرات الاستباقية التي تمكن من تقليص الفجوة الرقمية التربوية التي تفصل بلدانهم عن البلدان الرائدة في هذا المضمار.

علي بوعزيز (خبير واب وملتيميديا
مدير موقع ابن خلدون للدراسات الإنسانية والاجتماعية موقع الدراسات الخلدونية
www.exhauss-ibnkhaldoun.com.tn


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.