يبدو أن لغة الحوار بين الجهات الداخلية ومركز القرار بالعاصمة حيث تتمركز الحكومة بدت شبه منعدمة، مما أدى إلى جملة من الإضرابات والتحركات في هذه الجهات قد بلغت مداها في الفترة الأخيرة ومنها الإضرابات العامة في عديد المعتمديات كان آخرها ما جد يوم الثلاثاء 27 نوفمبر 2012 بولاية سليانة.
هذه الإضرابات والتحركات تتصل بالتشغيل وغيرها من المطالب الحيوية التي طالما ترقبتها تلك الجهات وفي مقدمتها مظاهر البطالة التي مازال يعاني منها السكان وخاصة منهم الشباب حاملي الشهائد العليا، ومقابل هذا يؤكد السكان أن رياح الثورة لم تهب عليهم تعكس تغييرا منتظرا لواقعهم الصعب، حيث أنه لا تزال البطالة والخصاصة وانعدام المشاريع التنموية تخيم على جهاتهم، إلى جانب تعطيل كافة الوعود التي قطعتها الحكومة بخصوص بعض المشاريع التي وقعت برمجتها حسب مصادرنا لتلك الجهات وحددت تكاليف المشاريع لمعتمدية سيدي بورويس في برنامج التنمية المندمجة ال 4924287 ألف دينار.
حلول جذرية لا بد منها
وبقدر ما اهتزت الجهة فرحا لميلاد الثورة فأن صورة الفرح لم تكتمل حسب آراء عدد من المواطنين من شباب ومثقفين ومنتمين إلى المجتمع المدني ممن التقيناهم وتحدثنا معهم بشأن مستقبل ولاية سليانة وكافة معتمدياتها، وأدركنا أن الرأي السائد لدى الجميع هو أن جهة سليانة لا تزال مهمشة ومنسية ومسكونة بمعاناتها اليومية فلا هي استعادت مجدها الاثيل ولا هي استفادت من ثمار الثورة ولا هي نالت حضها كاملا من التنمية في حين أن متساكنيها يشعرون أن ولايتهم في أشد الحاجة إلى حلول جذرية ترفع عنها ما اعتبره البعض الحصار المضروب عليها منذ زمن بعيد
هذا الوضع الذي أصبحت عليه العلاقة بين المسؤولين في تلك الجهات والسلطة ما كان ليحصل ويبلغ هذا المستوى لو أن المسؤولين من معتمدين وولاة وغيرهم تصرفوا بحكمة واقتدار وكان لهم استقلالية القرار في الادارة واعتمدوا منطق الإصغاء والحوار لمشاغل السكان عبر اتصال مباشر يمكن أن يبدد تلك المخاوف ويؤدي ذلك إلى الإقناع القائم على بعث الأمل في تغيير واقع الجهات ثم أن الظرف والأوضاع تقتضي أيضا زيارات ميدانية من قبل الوزراء والمسؤولين لتلك الجهات لتأكيد الاهتمام بالمواطنين ومشاغلهم ولتوطيد العلاقة معهم أينما كانوا على أرض الوطن وتحسيسهم بأن عجلة التنمية واستحقاقات التشغيل وغيرها من المطالب سوف تتحقق وان الاهتمام بالشأن العام في مقدمة المشاغل الحكومية.
إن هذا الأسلوب الذي غاب في تحركات الحكومة وأعضائها كان من أبرز الأسباب التي أدت بسكان تلك الجهات الى التحرك بشكل جماعي وهو أمر لا يمكن غض الطرف عنه تحت اللهث وراء السباق السياسي الغالب على تحركات كل المشهد السياسي الذي سقطت فيه الحكومة والمعارضة متناسين بذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي تتخبط فيها البلاد.
مشاريع ضخمة تغطي جميع النقائص
العلاج الحقيقي لولاية سليانة ومعتمدياتها يكمن في محاصرة النقائص العديدة عبر التعجيل بإنجاز وحدات اقتصادية ضخمة توفر مواطن الشغل للعاطلين الذين امتلأت بهم المقاهي وإحداث مشاريع أخرى ذات ابعاد تشغيلية بمعتمديات الجهة، ومنها الأشغال التي لها صلة مباشرة بالمواطن مثل المسالك الريفية، يضاف هذا طبعا الى ضرورة القيام بالخطوات الجادة للعناية بأرياف الجهة من خلال المبادرة بتوسيع الفلاحة المندمجة والعناية بصغار الفلاحين وإحداث مشاريع كبرى للقضاء على معضلة العطش الذي تعاني منه المناطق النائية بالخصوص لذا فلا بد من نظرة مستقبلية وعملية حاسمة تضع ولاية سليانة في طريق مفتوح نحو التطور والرقي خصوصا اذ فكرنا مليا في تعيين مسؤولين من ذوي التجربة والكفاءة على رأس هذه الجهة والمضي بها نحو شاطئ الأمان.
ونؤكد على ضرورة تحديث البنية الأساسية من طرقات وجسور والتي من شأنها أن تكون حجر الأساس لتحقيق التنمية هذا اذا علمنا وان خصوصيات الجهة والإمكانيات الطبيعية التي تزخر بها ولاية سليانة والتي من شأنها ان تكون الأرضية السانحة لتحقيق التنمية بالجهة من سياحة بيئية وثروات باطنية هامة كالمواد الرخامية والرمل والجبس إلى جانب المميزات الفلاحية وتنوع الانتاجية.
يأمل أهالي معتمدية سيدي بورويس ان تتولى السلط الجهوية والمحلية مهامها بالإسراع باتخاذ الخطوات العملية اللازمة والانصات الى مشاغل المواطنين وتحقيق التنمية الشاملة والعاجلة ومعالجة ملفات البطالة فنحن اليوم نبني ولا نهدم، نقطع مع السلبيات ونصلح ما فسد، نتعاهد بروح الرجل الواحد من أجل عزة ومناعة ووحدة هذه المدينة الجميلة.