سيارة تاكسي تقوم ب"براكاجات" للمواطنين..ما القصة..؟!    وزارة التجهيز والاسكان تصدر قرارا بتسمية عدد من المسؤولين الراجعين لها بالنظر اعضاء بالمجالس الجهوية    سياحة : نحو 30 بالمائة من النزل التونسية مازالت مُغلقة    كأس تونس: قائمة لاعبي الترجي الرياضي المدعوين لمواجهة نادي محيط قرقنة    البطولة العربية لالعاب القوى للشباب : التونسي ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    هل سيشارك أيوب الحفناوي في الألعاب الاولمبية باريس 2024 ؟    الرابطة الأولى: تسليط عقوبة الإيقاف على لاعب النجم الساحلي    بطولة مصر : الأهلي يفوز على الاتحاد السكندري 41    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    قبلي: شاب يقدم على الانتحار شنقا    القصرين إيقاف شخص يأوي المهاجرين    تواصل حملة تنظيف وصيانة حديقة ''البلفيدير''    وزيرة الإقتصاد فريال الورغي في مهمة ترويجية    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    اتحاد الفلاحة: ''علّوش'' العيد تجاوز المليون منذ سنوات    قبل لقاء الأهلي والترجي: السلطات المصرية تعلن الترفيع في عدد الجماهير    المهاجم أيمن الصفاقسي يرفع عداده في الدوري الكويتي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    الاقتصاد في العالم    حوادث : مقتل 12 شخصا وإصابة 445 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل : دولة عربية تلاحق عصابة ''تيكتوكرز'' تغتصب الأطفال بالخارج    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    يصعب إيقافها.. سلالة جديدة من كورونا تثير القلق    أخبار المال والأعمال    مدعوما بتحسن الإيرادات الخارجية: ميزان المدفوعات يستعيد توازنه    المتبسطة القيروان مشروع للطاقة الشمسية الفولطاضوئية بقدرة 100 ميغاواط    إلى حدود 6 ماي تصدير 8500 طن من القوارص منها 7700 طن نحو فرنسا    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    اليوم: انطلاق اختبارات البكالوريا البيضاء    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    رابطة أبطال أوروبا: بوروسيا دورتموند يتأهل للنهائي على حساب باريس سان جيرمان    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    طالبة سعودية تبتكر عصا ونظارة ذكية لدعم المكفوفين    اليوم : بطاحات جربة تعود إلى نشاطها    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    فرقة "مالوف تونس في باريس" تقدم سهرة موسيقية مساء يوم 11 ماي في "سان جرمان"    أمطار أحيانا غزيرة بالمناطق الغربية وتصل الى 60 مم خاصة بالكاف وسليانة والقصرين بداية من بعد ظهر الثلاثاء    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8 بالمائة موفى شهر افريل 2024    وزير السياحة: اهتمام حكومي لدفع الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية وتذليل كل الصعوبات التي يواجهها العاملون به    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيبا على محاضرة الفنان صالح المهدي: الأخطاء العشرة (ج2)
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

يواصل الاستاذ عبد المجيد الساحلي في هذا الجزء الثاني من «الاخطاء العشرة» سرد الاخطاء الخمسة الباقية التي رأى ان الدكتور صالح المهدي قد وقع فيها خلال محاضرته بدار الأوبرا المصرية والبداية مع الخطأ السادس:
6 اما عن المناسبة الثانية التي ذكرها زرياب خطأ مؤكدا انها تعود الى عهد أحمد باي فإنها لا تعدو ان تكون الا تخمينات فأخذ يخلط بين المدرسة الحربية التي اسسها الباي أحمد وهي في الواقع مدرسة تقنية Polytechnique اسوة بالعاصمة الفرنسية والتي زارها رفقة ابن ابي ضياف سنة 1864 وتخرج منها اول مهندس تونسي وهو المرحوم محمد علي العنابي برتبة Polytechnicien كما ان المخطوط الذي يتحدث عنه زرياب والذي مازال يوجد بالرشيدية فإن فضل تدوين التراث لا يعود الى جدران المدرسة كما ذكر زرياب وانما يعود الى الضابط خليل التركي الذي تعقب اثره فيما بعد الموسيقار العميد محمد التريكي والذي يعود له الفضل ولا يعرف الفضل الا ذووه في تدوين 13 نوبة مالوف وكامل الاغاني التراثية بمفرده الامر الذي جعل بلادنا تفوز بالرقم القياسي في صيانة التراث بدليل ان الجزائر لا تملك الا 12 نوبة والمغرب 11 وليبيا 10 .
ولم يقتصر المشير احمد باي على جلب الاساتذة من فرنسا وإنما من النمسا وهو الاستاذ واردي فأخطأ الصحفي التونسي مصطفى الشلبي وذكر في كتابه بالفرنسية (موسيقى ومجتمع) ان الموسيقار الايطالي فاردي قد زار بلادنا في تلك الفترة في حين انه كان مشغولا بتلحين اوبرا عائدة بطلب من الملك المصري الخديوي اسماعيل احتفاء بمناسبة افتتاح قناة السويس وتأسيس دار الأوبرا المصرية سنة 1869 .
7 اما عن الفرق الموسيقية النحاسية فإنها لم تكن في البدء الا فرقا رياضية اضيفت اليها بعض اقسام الموسيقى وتولى تدريب العناصر التونسية افراد الجالية الايطالية التي كان عددها يفوق عدد أفراد الجاليةالمالطية والفرنسية واليونانية وكان دورها يقتصر على إحياء حفلات الختان او تنشيط الساحات العمومية من خلال بعض الاستعراضات مثل التي تقوم بها الآن الماجورات.
وان ما يدعيه زرياب من ان الآلات النحاسية قد اساءت الى الموسيقى العربية هو عين الخطأ لأنه يبدو ان زرياب قد تجاوزته الاحداث لعله قد فاته ان مهارة العازفين المصريين والتونسيين قد تغلبت نهائيا عن هذه العقدة الزريابية التي يلوكها بعض المنظرين من الدكاترة والعباقرة وهي تكمن فيما يسمى بالربع التون عند المصريين Quart de ton بالنسبة الى درجات السلم الموسيقي وهي الثالثة مي Mi والسابعة سي Si ويكفي ان نشير بمزيد الفخر والاعتزاز الى الدور الريادي الذي قام به المرحوم محمد الزهروني ومحمود القلعي من تونس بالنسبة الى آلة الكرنيطة Clarinette التي مازالت تحتل مكانة بارزة في الفرق التونسية والتركية حيث تعزف الارباع المقامية بل وكذلك في الطرق الصوفية التونسية حيث مازالت المدائح والأذكار تنشد في بعض الزوايا مرفوقة بآلة الكرنيطة كذلك الشأن بالنسبة لآلة السكسفون Saxophone التي طورها العازف المصري الأسود المرحوم سمير سرور والذي وفق في تطويعها الى أداء المعزوفات المقامية ذات الارباع مثل البياتي والسيكاه والراست.
ولا ادل على ذلك من انه رافق المطرب عبد الحليم حافظ في بعض اغانيه والتي اعادها فيما بعد بمفرده كما فعل ذلك مع سيدة الغناء العربي أم كلثوم فهل يشك زرياب في كفاءة أم كلثوم وصحة أذنها الموسيقية وهي التي احتضنته في فرقتها الموسيقية عازفا ماهرا على آلة موسيقية غربية مثلما احتضنت آلة القيثارة وعازفها المرحوم عمر خورشيد والارغن مع هاني مهنى.
8 اما عن الأوركاستر السنفوني فإنه لم يبعث في الثلاثينات وكأن بلادنا كانت هائمة في واد غير ذي ابداع بل ان بلادنا كانت سباقة منذ القرن الثامن عشر على احتضان الأوركاستر السمفوني الذي كان يتألف من افراد الجالية الفرنسية واليونانية والايطالية والمالطية ولعل زرياب لم يطلع على تاريخ الأوركاستر السمفوني في تونس وقد دوّنه المؤرخ اليهودي الايطالي راوول دارمون مثلما دوّنت مجلة الاذاعة التونسية نشرا لبرامج الأوركستر السمفوني التابع للإذاعة التونسية منذ اول صدورها سنة 1959 ولا ادل على ذلك ان التلفزة الوطنية التونسية عندما حل ركبها الميمون في غرة جوان من سنة 1966 احتلت الاستوديو الذي كان يحتضن حفل الأوركاستر السمفوني الذي لم يتأسس إذن سنة 1969 كما ذكر ذلك خطأ زرياب وإنما يعود الى سنة 1782 وان كانت عناصره ليست تونسية كما تجدر الاشارة ان الأوركاستر التونسي الذي يدعي زرياب تأسيسه لم يكن تونسيا اذ انه كان يحتضن مجموعة من العازفين الأوروبيين ولما كان الاتجاه السياسي سنة 1969 اشتراكيا انخرط زرياب في ذلك التيار الذي ابرز عدة اغان تستمد كلماتها من ذلك الاتجاه مثل حزب اشتراكي دستوري الله ينصر من جاء به او اغنية بالتعاضد بالتصميم شعب الخضراء يعيش كريم وهو ما يفسر ان ذلك الأوركاستر السمفوني التونسي ظل حكرا على العازفين والأساتذة من البلدان الاوروبية الاشتراكية مثل تشيكسلوفاكيا ورمانيا وبلغاريا ما عدا القائد وهو الفرنسي نيكولي Nicollet والذي خلفه الفنان التونسي احمد عاشور سنة 1973 وليس سن 1979 كما ذكر ذلك خطأ زرياب.
9 وأما عن بلدية العاصمة فقد اسست في الخمسينات فرقتين الاولى للمسرح وعهدت الى المرحوم حمادي الجزيري في حين ان الفرقة الثانية للموسيقى قد عهدت الى الفنان عبد الرحمان المهدي باعتباره كان صناعيا بسوق الشواشية فتم تعيينه عضوا بالمجلس البلدي سنة 1952 وقد ذكر ذلك بنفسه في حديث صحفي وبما ان عبد الرحمان المهدي لا يعدو ان يكون والد صالح المهدي فقد كلف ابنه بهذه المهمة فما كان منه الا ان حول فرقة الرشيدية الى فرقة للبلدية وهو ما نراه اليوم وما اشبه البارحة باليوم مع الفنان عبد الحميد بالعلجية الذي حول فرقة الاذاعة الى فرقة الرشيدية باعتباره يجمع إدارة قسم الموسيقى بالاذاعة وإدارة التعليم بالرشيدية.
10 وأخيرا لا آخرا فإن الكتاب الذي يتحدث عنه زرياب بنون الجماعة وقد كتبه بالفرنسية ثم يقول جعلناه بالايطالية والانقليزية والألمانية حتى غزا اللغة اليابانية وراج رواجا كبيرا في بلاد الواق الواق وهي اليابان فإني اتساءل أنّى للاستاذ صالح المهدي شهر زرياب ان يؤلف كتبا في الموسيقى بلغات لم يدرسها ولو يوما واحدا في حياته باعتباره خريج جامع الزيتونة المعمور التي كانت موادها كلها تدرس باللغة العربية؟
وباعتبار ان زرياب موسيقي لا يشق له غبار مشهود له بقامته الابداعية وقيمته المرجعية وهو الذي مثل بلادنا ومازال يمثلها في كل المحافل الدولية على امتداد ستين عاما قد فاته ان كتبه لم تعد معتمدة في تعليمنا الحالي وقد تداول على تأليف الكتب الخاصة بالتربية الموسيقية ثلة من الاساتذة امثال محمد سعادة واحمد عاشور وخليل حفحوف ويوسف القريتلي ومحمود قطاط ومحمد القرفي وغيرهم.
لذلك اعتقد مخلصا ان زرياب قد تجاوزته الاحداث ولم يعد يواكب مجريات الحركة الموسيقية رغم انه مازال يعد برنامجا إذاعيا تبثه اذاعتنا اسبوعيا وهو متواصل منذ تأسيس الاذاعة سنة 1938 اي على امتداد ستين عاما باعتبار ان زرياب في الثمانين من عمره وهو من مواليد 09 فيفري 1925 امدّ الله في انفاسه حتى يبقى وحيد عصره وفلتة دهره ومسك الختام ان يتكرم زريابنا بالتصويبات الخاصة بهذه التعقيبات حتى نكون له من الممنوين الشاكرين وقديما قيل «يوجد في البحر الزريابي ما لا يوجد في النهر الساحلي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.