لم يحدث أبدا في تاريخ البلاد أن امتنعت قيادة اتحاد الشغل عن الاشتراك مع الحكومة في زيارة قبر الزعيم فرحات حشاد، وكان غياب النقابيين عن هذا التقليد التونسي علامة واضحة على اتساع الخلاف بين الطرفين وغياب أي شكل من أشكال الحوار، حتى حول المبادئ العامة. كانت زيارة الرؤساء الثلاثة صبيحة أمس إلى ضريح حشاد «جافة»، حدثت بسرعة وفي صمت، وامتنعوا حتى عن الإدلاء بالتصريحات التقليدية التي تعودت عليها البلاد، فيما اختار قادة الاتحاد الذهاب إلى بيت أرملة حشاد في صورة تجسد تعطل كل قنوات التفاهم بين الطرفين.
في المقابل، لم يتردد قادة نقابيون في وصف موقفهم بأنه «مقاطعة» واضحة للحكومة ومن ورائها حركة النهضة، بعد أن تعذرت عليهم زيارة الضريح يوم الثلاثاء بحجة «ضياع المفتاح» وتحول القصبة إلى ساحة تهديد وصراع.
قبل «إعلان الطلاق»، اتخذ أعضاء المكتب التنفيذي قرارا يقضي بالامتناع عن المشاركة في أي حوار تلفزي أو إذاعي يشارك فيه أحد ممثلي حركة النهضة، بحجة أنه لا يمكن الحوار مع من يرسل مليشياته إلى مقر الاتحاد في صبيحة يوم الاحتفال بذكرى حشاد. في الأثناء، تتواتر الأخبار عن التصعيد بين الطرفين، حيث تدعو أطراف في الاتحاد إلى الإضراب العام، فيما يدافع رئيس حركة النهضة عن رابطات حماية الثورة ويتهم ضمنيا منظمات المجتمع المدني بإخفاء الأسلحة.
وقبل أن تكتمل صورة الطلاق الحاد بين الطرفين، يرى المتفائلون باب حوار يبقى مواربا حين يعلن الرئيس المرزوقي عن استقبال قادة الاتحاد اليوم، أما المتشائمون فيقولون إن المرزوقي قد وصل إلى الرئاسة باقتراح من النهضة التي تملك عمليا إمكانية إقالته.
«العباسي» يكشف : «المليشيات» كانت تتلقى التعليمات والاتحاد سيخرج قويا من الأزمة «عاش عاش الاتحاد أكبر قوة في البلاد»، «عاش عاش الاتحاد على دربك يا اتحاد» بهذه الشعارات انطلقت ظهر أمس أشغال الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد التي تجتمع في ظروف صعبة وبصفة عاجلة واستثنائية.
بإكبار كبير حيّى حسين العباسي الأمين العام في بداية كلمته كل وسائل الاعلام وقال لا نطلب منها أن تكون معنا ولكن نطلب أن تكون صادقة وشفافة في نقل الخبر ونقل الأحداث ونطلب منها الانحياز الى الحق.
بلهجة فيها الكثير من الشدة والغضب قال العباسي «إنه على مدى التاريخ كان الاتحاد العام التونسي للشغل يخرج قويا من كل الأزمات مثلما هو الآن بفضل التفاف الشعب حوله».
وأضاف العباسي: «انهم لا يعرفون التاريخ يخرجون ويتحدثون في كل التلفزات بقوالب جاهزة وبعقول محشوة بينما الاتحاد أكبر منهم جميعا...» وتحدث الأمين العام عن المرة الاولى التي تم فيها منع الاحتفال بذكرى اغتيال حشاد وكان ذلك زمن الاستعمار في سنة 1954 لكن لم يتم استعمال العنف مثلما حدث الآن بعد 14 جانفي.
وبيّن العبّاسي ان الاتحاد وجه الدعوة الى كل المجتمع المدني والأحزاب المشاركة في المسيرة وقد تمت ملاحظة أشخاص غرباء يتوافدون على الساحة وشرعوا في رفع الشعارات المعادية والتهجم على الاتحاد.
وقال هؤلاء هناك جهات تدعمهم وتحميهم ووصفهم العباسي بالميليشيات التي كانت تتلقى التعليمات ويعرف عناصرها أنهم سيفلتون من العقاب والمتابعة. وقال العباسي لقد هجموا واعتدوا على الاتحاد وبعدها خرج مسؤول في حركة النهضة ليطالب بتنظيف مقرات الاتحاد من الأسلحة. ويقول ان مجموعة من النقابيين اعتدوا على أنفسهم.
وأضاف العباسي «أقولها للجميع ان النقابيين لا يخافون ولا يخشون أحدا.. وكشف الأمين العام انه خلال الاعتداء اتصل بوزير الداخلية وأعلمه بما حدث لكن قوات الأمن لم تأت الا بعد الاعتداء، كما اتصل بالمستشفيات طلبا لسيارات الاسعاف لكن الاسعاف وصل بعد ساعة والدماء تنزف من الجرحى.
عبد المجيد الصحراوي : سنرفع قضية ضدّ الحكومة لدى منظمة العمل الدولية
أعلن عبد المجيد الصحراوي العضو السابق للمركزية النقابية وعضو الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي أنه سيتم دراسة مسألة رفع قضية ضد الحكومة التونسية في منظمة العمل الدولية بعد الاعتداء الذي تم ضد الاتحاد العام التونسي للشغل وتقصيرها الواضح في حماية الاتحاد والنقابيين من العنف الذي صار مسلطا عليهم. وقال عبد المجيد الصحراوي: «لقد كنت شاهدا عيان وعاينت الاعتداءات التي حصلت ضد الاتحاد وضد النقابيين الذين كانوا يدافعون عن مقرهم وعن منظمتهم». وأضاف ان «ما حدث لا يعد فقط ضربا للاتحاد ولكل تونس بل هو ضد الحرية وضد كل نفس حر في البلاد الآن». ووصف الصحراوي ما حدث أمس الأول بأنه يوم حزين لن يمحى من ذاكرة النقابيين وذاكرة كل التونسيين.
واستغرب الصحراوي ما يصدر الآن عن جهات عديدة بما في ذلك الجهات الرسمية التي تحاول خلق مبررات للعنف الذي تم ضد النقابيين. وقال ان الحركة النقابية التونسية أكبر من أن يتم التطاول عليها ومحاولة القضاء عليها مهما كانت الأسباب ومهما كانت الأدوات التي تعمل بعض الجهات على استعمالها تحت أي عنوان.
وأضاف: «انه من الخطإ الاعتقاد أن الاتحاد سيكون لقمة صائغة للبعض وأن على الجميع تحمل مسؤولياتهم كاملة وفي مقدمتهم الحكومة المسؤول الأول عن حماية كل المواطنين».
العباسي يؤكد : لن ننظف مقر الاتحاد ليكون دليل إدانة لخفافيش الظلام أكد حسين العباسي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل أنه طلب من النقابيين عدم تنظيف مقر الاتحاد الذي تعرض للضرب والتكسير وتهشيم بلور نوافذ مكاتب قياداته ليبقى شاهدا على ما اقترفته خفافيش الظلام التي تحتمي ببعض الأحزاب وجاءت هذه التصريحات بمنزل الزعيم فرحات حشاد.
وأضاف العباسي أنه ترك مقر الاتحاد بهذه الوضعية سيكون دليلا قاطعا على العمل الاجرامي الذي تعرض له الاتحاد وقياداته ونقابييه ومناصريه وليكون دليلا قاطعا أمام الرأي العام والمنظمات الدولية والوطنية.
دامت أكثر من 7 ساعات : الاتحاد يقرّر الاضراب العام يوم 13 ديسمبر قررت الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل بعد اجتماع مطول دام أكثر من 7 ساعات تنفيذ اضراب عام بكامل الجمهورية يوم 13 ديسمبر الجاري احتجاجا على الاعتداء الذي تعرض له الاتحاد يوم أمس الأول بمناسبة احيائه لذكرى اغتيال مؤسسه فرحات حشاد.
وسيكون تاريخ 13 ديسمبر 2012 ثاني اضرابا عاما في تاريخ الجمهورية التونسية بعد اضراب 26 جانفي 1978. وقد عرفت الهيئة الادارية اجماعا من كافة أعضائها على الاضراب العام في حين ستخوض اليوم 4 ولايات هي سيدي بوزيد وصفاقس والقصرين وقفصة اضرابات عامة جهوية احتجاحا على الاعتداء على الاتحاد. وكانت مجموعات من النقابيين خلال اجتماع الهيئة الادارية قد تجمعت أمام النزل ونادت بالاضراب العام.
الاتحاد العام التونسي للشغل يقاطع البرامج التلفزية التي تشارك فيها حركة النهضة
قرر الاتحاد العام التونسي للشغل مقاطعة أي برنامج حواري في وسائل الاعلام يحضره عضو من حركة النهضة مشترطا اعتراف حركة النهضة بما وصفه الاتحاد بجرائمها والاعتذار عن ذلك للعودة لطاولة البرامج التلفزية مع حركة النهضة.