تعتبر مشاريع تربية الأحياء المائية المنتصبة بسواحل المهدية من المشاريع الهادفة الى دعم المنتوج البحري، وخاصة تغطية النقص الحاصل في الانتاج أثناء فترة الراحة البيولوجية، الا أن عدم تقيّد باعثيها بالقوانين قد يضر بالثروة السمكية، وبمصالح البحارة. تنتصب بسواحل المهدية أربعة مشاريع لتربية الأسماك وهي شركة «الصفاء» بطاقة انتاج تقدر ب500 طن وشركة بنور ب 1000 طن وشركة «أكواسي» ب500 طن وشركة «أمير البحر» بقرابة 500 طن، الى جانب شركة لتسمين التن ب 500 طن، وعلى مساحة 22 هكتارا بسبخة «ملولش» المحاذية للبحر سينتصب المشروع النموذجي الصيني لتربية القمبري بكلفة تقدر ب 5544 مليون دينار كمرحلة أولى من المشروع والذي يهدف الى تنويع منتجات تربية الأحياء المائية، والمساهمة في تحقيق الأهداف المرسومة بالخطة التنموية للقطاع وتكوين المهنيين والباعثين في هذا المجال، ونقل تكنولوجيا تربية القمبري الى تونس.
ورغم ضرورة قطاع تربية الأحياء المائية وحتميته من أجل مساهمة فعالة في تحقيق الأمن الغذائي، ودعم الانتاج السمكي في هذا المجال لتغطية النقص الحاصل خلال فترة الراحة البيولوجية التي تهدف الى تجديد المخزون السمكي، الا أن حرمان صغار البحارة من الصيد في مجال نشاطهم البحري على مساحات شاسعة نتيجة كثافة انتصاب الأقفاص العائمة لتربية الأسماك، وتركزها على عمق 16 مترا فقط من الشاطئ وهو موقع الحاشية التي تعتبر روح بحر المهدية لكثرة النبات الطبيعي «العاشب» الذي يساعد على تكاثر الأسماك الصغيرة الحجم أضرّ بالثروة السمكية وبمصالح البحارة، لنتساءل عن الجوانب القانونية لتركيز الأحواض العائمة من حيث البعد عن الساحل والعمق وطاقة استيعاب الحوض (الطن /المساحة)؟
كما تضرر مجهزو وربابنة مراكب الصيد البحري بالمهدية من هذه الأحواض والأقفاص التابعة لاحدى الشركات المنتصبة قبالة ميناء المهدية والتي تفتقد لأبسط قواعد السلامة مثل نقص الأضواء الشيء الذي يجعلها غير ظاهرة للعيان، وخاصة أثناء الليل أوعند اضطراب البحر من الجنوب الشرقي حيث أن الأحواض تلمس أسفل المراكب متسببة في ايقاف محركاتها وغرقها أحيانا.
ويبقى ميناء المهدية الذي كان في الثمانينات مفخرة الموانئ التونسية الا أنه أصبح اليوم مستغلا بالكامل من طرف شركات تربية الأحياء المائية، الى جانب منطقة صناعية منتصبة فوقه بصفة فوضوية في حين أن المنطقة الصناعية بالمهدية بقيت فارغة لا توجد بها الا شركتان فقط؟ دون اعتبار عدم الفصل بين خدمات الصيد البحري والتصنيع، فمعمل الثلج مثلا لم يقع ربطه بشبكة التطهير ليقع رمي فضلاته المتكونة من ملح «الأمونيك» ومواد كيميائية أخرى في البحر وهوما يطرح استفهامات حول الرخص الجديدة لمصانع الثلج الممنوحة على حساب مساحة الصيانة، اضافة الى ما تخلفه مراكب صيد وتصبير التن من فضلات تلقى في البحر لتتسبب في كارثة بيئية بالميناء ومحيطه بدأت ملامحها تظهر في التصحر البحري باتلاف مراعي نوعية معينة من الأسماك التي بات انقراضها وشيكا.
أما وضعية البحارة داخل الميناء فهي حرجة يسودها التوتر مع المشرفين عليه ليصل الأمر بعدم وجود فضاء لحفظ وترقيع شباكهم أو»الصقالة» لا نزال أسماكهم مما يستوجب التعجيل بمراجعة التشريع في ميدان الصيد البحري نظرا للتطور السريع الذي شهده القطاع بدخول مشاريع جديدة كتربية الأحياء المائية التي لا نعرف كراس شروطها الى حد الآن.