بعد سنوات التضييق على الأنشطة الثقافيّة بأنواعها والعمل الجمعياتي برزت بعد الثورة عديد المؤشرات الواعدة بحراك ثقافي جديد يواجه صعوبات بالجملة. هذا الحراك كان نتيجة لهامش الحريّة الجديد الذي ميّز الساحة الثقافيّة في صفاقس عموما وعقارب خصوصا. المدينة تعرف بحبّ شبابها للمسرح بصفة ملحوظة واقبال التلاميذ والطلبة على ممارسته حتّى أصبح همّا يوميّا وهاجسا لعديد الشّباب وخصوصا المثقّف منهم وحتى بعض حملة الشهائد المعطّلين عن العمل فانّهم انخرطوا في العمل الثقافي كبديل عن الفراغ والبطالة القسريّة.
فبرزت عديد الجمعيات المسرحيّة الشابة كجمعيّة المسرح الحر التي اختارت هذه الأيام عملا مسرحيّا أوّلا بعنوان « لامعة » كتبه الأستاذ بلقاسم الجدي وأخرجه عادل الخياشي.
وهي جمعيّة مسرحيّة فتيّة تحصّلت مؤخّرا على تأشيرة وزارة الثقافة وتضمّ وجوها شابة غيورة على العمل الثقافي برغم الصعوبات الماديّة وغياب الفضاء الّا أنها اختارت فضاء دار الشباب ولا تزال في انتظار دعم وزارة الثقافة ولمَ لا دعم من السلط المحليّة كمعتمديّة وبلديّة. لأنّ النشاط الثقافي بحسب أفراد جمعيّة المسرح الحرّ يهذّب سلوك الشباب وينأى به عن مسالك الفساد ويرتقي بالذائقة العامة.
كما برزت هذه الأيام جمعيّة مسرحيّة جديدة عرضت آخر أعمالها مؤخّرا بفضاء دار الثقافة بعقارب وببعض معاهد هذه الجهة وتضمّ مجموعة شبابيّة تتّقد حماسا برغم الصعوبات وغياب الدعم. آخر أعمال الجمعيّة المسرحيّة الشابة كان بعنوان «صندوق عجب» أخرجها المسرحي الشاب بدر الدين بن روينة صاحب العشرين سنة في أوّل تجربة اخراج كانت ناجحة وخلّفت ردود أفعال مشجّعة لدى كلّ من تابعها.
«صندوق عجب» مسرحيّة بنفس ثوري شاب أبطالها علي عكاشة وبدر الدين بن روينة الذي مثّل سابقا في 6 أعمال مسرحيّة ونال جوائز وطنيّة آخرها جائزة أحسن ممثّل في المهرجان المسرحي لدور الثقافة بصفاقس.
واللافت في المسرح بمدينة عقارب هي جودة النصوص المسرحيّة التي يتناولها المسرحيون الشبّان اذ نجد الى جانب المبدع بلقاسم الجدي الكاتب يوسف البحري وهوصاحب تجارب متميزة ومحترفة في الكتابة للمسرح مثل»السلاح الأبيض» و«صندوق عجب» وغيرها الّا أنّه ظلّ متقوقعا بفعل عدم تسليط الضوء اعلاميا على أعماله.
والى جانب هذه الجمعيات الفتيّة في ميدان المسرح نجد نوادٍ تنشط بانتظام على غرار نادي المسرح بدار الثقافة ونادي مركّب الطفولة ودار الشباب.
كما لا تزال الجمعيّة المسرحيّة بعقارب وهي الجمعيّة الأقدم في الجهة تواصل عروضها رغم صعوبة الامكانيات الماديّة وغياب الفضاء الخاص للتدريب. لتظلّ هذه الصعوبات العائق الأكبر في وجه حراك ثقافي مسرحي يحاول أن يعيد الحياة في بلادنا الى نسقها الطبيعي.