في أوروبا وأمريكا مصممون وحلاقون كبار يتنافسون منذ سنوات على أحقية الحضور في عالم الجمال النسائي واضعين زميلاتهم في التسلل، ونخص بالذكر عزالدين علية «وغوتييه» و»بيار كاردان» والمتابع الدقيق للموضة التونسية بشقيها التصميم والحلاقة يلاحظ أن هذه الظاهرة تتكرر عندنا حيث بدأت تظهر في الأفق بوادر سيطرة شبه تامة للعنصر الرجالي على الجمال المؤنث خاصة في مجال قص الشعر والتسريحات. وتزداد الظاهرة وضوحا وتأكيدا بمجرد تصفح قائمة المتوجين في المسابقات، إذ أن أكثر من نصف الفائزين من العناصر الرجالية سواء في استنباط التقليعات الجديدة أو في اعداد أطرف قصات الشعر. فما هي الأسباب التي أدت الى بروز الظاهرة؟ ولماذا تحبذ الأنثى الرجل وتلجأ اليه كلما فكرت في تصميم جديد او تسريحة مبتكرة؟ يجيب الحلاق لسعد الحناشي المتوج بعديد الكؤوس الجهوية والوطنية على هذه الاشكالية قائلا: «المرأة بصفة عامة ترتاح الى الرجل، وتستعين به في قص شعرها، فهي تبحث عمن يتفهم رغباتها، وطلباتها، ويستجيب لملاحظاتها دون تغيير، وهذا ما يتحقق حسب رأيها أثناء تعاملها مع الطرف الآخر خلافا للمرأة التي يبدو أنها تجد صعوبة في التواصل معها». ويضيف محدثنا أن الساحة تعج بالأسماء الرجالية المشهورة في عالم الحلاقة مثل لطفي البجاوي، والمنجي بن حمودة، وسائر حلاقي الجيل الجديد الذين ترتاح اليهم الأنثى، وتتعامل معهم بكل عفوية، وأكد لسعد الحناشي، بحكم تجربته الطويلة في الميدان، أن الرجل لا يمضي أكثر من ربع ساعة أو 20 دقيقة لاتمام قص شعر المرأة، بينما تقضي زميلته في المهنة ما يزيد عن ساعة لوضع آخر اللمسات على التسريحة، وهو شخصيا يحتفظ بحريفات وفيات منذ 20 عاما، ولم يحدث ان عبرت احداهن عن رغبتها في تعويضه بامرأة، ويذهب سعد الى حد التأكيد بأن 80 من نسائنا يحبذن قص شعرهن عند الحلاقين الرجال. حالة نسائية ويعتقد المصمم قيس التونسي أن الموهبة لا تفرق بين الرجل والمرأة، فهناك رجال أخفقوا في الاقتراب من عالم الموضة النسائية بسبب غياب القدرة على تفكيك نفسية المرأة والابحار في عالمها بيسر، لكن بعضهم في المقابل وأولهم المتحدث نفسه نجح في استغلال موهبته لتحقيق التألق عند تصميم الفساتين والتقليعات النسائية. ويفسر قيس التونسي نجاح عدد من الرجال في الموضة النسائية بالقول: الرجال الناجحون والمتفوقون في الميدان يعيشون حالة نسائية على المستوى النفسي والاجتماعي، ولهم علاقة حميمية بعالم الأنثى أي بأن بداخلهم امرأة، وذلك خلافا للفاشلين الذين ابتعدوا عن الميدان أو خيّروا الاكتفاء بالتصميم للرجال أمثالهم خوفا من الولوج أكثر من اللزوم في عالم النساء، وكذلك بسبب عجزهم عن فهم نفسية المرأة وتقمص شخصيتها أحيانا. لكن تفوق الرجال في الحلاقة والموضة لا ينفي وجود أسماء نسائية ذات صيت كبير في التصميم والتجميل معا، وتضم القائمة النسائية عددا لا بأس به من المتوجات في المسابقات والمهرجانات الجمالية منهن فاطمة بن عبد الله الرديسي ولمياء الهميسي وروضة ريزا وألفة التركي في التصميم وجميلة الفرشيشي وفهيمة الأندلسي في التجميل.