كيف تبدو الحياة السياسيّة خلال الفترة المقبلة؟ ما هو حظ الترويكا في مواصلة وحدتها؟ وكيف سيتشكّل المشهد السياسي مستقبلا؟.. في ما يلي رؤية المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي. يتوقع المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن تبرز خلال هذه السنة الجديدة خمس كتل سياسية كبرى هي كتلة النهضة وحلفائها وكتلة نداء تونس وحلفائه وكتلة الجبهة الشعبية وكتلة القوميين وهم العازمون على ترميم صفوفهم وكتلة العائلة الدستوريّة ما لم يُمرّر قانون ما بات يعرف بتحصين الثورة والرامي الى ابعاد الدساترة عن الحياة السياسية لمدة 10 سنوات. وفي تقييمه قال الجورشي إنه لا بدّ من الاشارة الى أنّ تجربة الائتلاف الثلاثي الحاكم هي سابقة في تاريخ النظام السياسي في تونس وان هذه التجربة الاولى من نوعها اكتسبت طابعا من الطرافة والتحدي.
ورأى أن الترويكا حافظت على تماسكها رغم سلسلة الازمات ورغم الخلافات الحادة التي شقت مكوناتها لكن من جهة أخرى فإن تجربتها انعكست على أداء الحكومة والذي كان دون المتوسط.
كما يمكن القول بحسب صلاح الدين الجورشي أن الترويكا التي قادت البلاد خلال العام الحالي اعتمدت المحاصصة بشكل هز من صورتها أمام الرأي العام بالاضافة الى التفاوت في أداء الوزراء. ورأى الجورشي أنه «لا يمكن أن ننكر بأن الترويكا تعيش حالة من التصدع نتيجة الصراع بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بالإضافة الى تواتر الانتقادات الصادرة عن التكتل وحزب المؤتمر ضد حركة النهضة الشريك الثالث في الحكم واتهامها بشكل علني بالسيطرة على مفاصل الدولة وبالتالي حجم الترابط والاتفاق بين مكونات الترويكا تراجع بشكل كبير وهو ما لاحظناه على مستوى المجلس التأسيسي حيث ما يزال الخلاف الاساسي حول النظام السياسي برغم الوثيقة المشتركة المعلنة فجر 14 أكتوبر الماضي».
صلاحيات ومعارضة
وقال الجورشي إن سبب الخلاف قائم حول تمسك حزب المؤتمر بمنح توازن في الصلاحيات بين الرئيس ورئيس الحكومة خاصة وأن حزب الرئيس يرى أن تنازل حركة النهضة عن النظام البرلماني رافقه منح صلاحيات كبرى لرئيس الحكومة. ويعتقد صلاح الدين الجورشي بحسب ما صرح به ل«الشروق» ان الترويكا ما زالت قادرة على المحافظة على بقائها الى حين تنظيم الانتخابات لأن مكوناتها في حاجة لبعضها البعض.
وحول أزمة الثقة التي واجهتها أحزاب الترويكا وأحزاب المعارضة وما تعرضت له كل هذه الأحزاب من تشكيك وانقسامات ومشاكل داخلية سبقت تنظيم مؤتمراتها وتبعتها طيلة عام 2012 قال الجورشي إن أزمة الثقة قائمة وهي مصحوبة بحملة انتخابية مبكرة لضمان الحظوظ لكن مع ذلك فإن حرص عدد من الأطراف والمسؤولين داخل هذه الأحزاب خاصة داخل الترويكا يجعل الائتلاف الحاكم يصمد الى حين تنظيم الانتخابات. وذكر الجورشي أنه لا بد من اخضاع تجربة الترويكا الى النقد والمراجعة لأن من نتائج تجربتها إيجاد نظام سياسي هش هشاشة واضحة ورغم ذلك هي قابلة للاستمرار والصمود.
استشراف ورؤية مستقبلية
وحول الولادات الحزبية التي انضافت الى المشهد خلال 2012 مثل حزب شباب 14 جانفي وحزب نداء تونس وحزب التحالف الديمقراطي وغيرها من الاحزاب الجديدة قال الجورشي المشهد الحزبي يتحرك بسرعة نحو مزيد تقليص عدد الأحزاب لذلك راينا تشكيل كتل سياسية ولكن أيضا رأينا ولادات جديدة يمكن تفسيرها بخيبة أمل عدد من الناشطين في الساحة من الأحزاب القائمة فهذه الأخيرة لم تقنعهم وربما لم تفسح المجال خاصة للشباب للتمكن والحصول على مناصب قيادية. أما بالنسبة للجبهات السياسية قال الجورشي «هي تحول صحي لأن التشتت الحزبي كانت له تأثيراته على الحياة السياسية وتركيبة المجلس التأسيسي في حد ذاته لذلك باتت الحاجة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 لترميم الصفوف وبناء الجبهات وما تم الى حد الآن هو بناء لمشهد اقل تشتتا.