بدأت ملامح الدستور الجديد تتوضح بعد نشر مشروع مسودة الدستور من قبل الهيئة المشتركة كما بدأت الخلافات بين مختلف الكتل تتضح ايضا وقد انحصرت تقريبا في الفصول المتعلقة بصلاحيات ونفوذ كل من رئيس الجمهورية والحكومة. وتظهر مسودة مشروع الدستور التي نشرتها الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة الفصول التي اختلفت حولها الكتل في المجلس الوطني التأسيسي او بالأحرى النقاط الخلافية وقد تجمعت أغلبها حول الصلاحيات التي سيتم منحها لرئيس الجمهورية والصلاحيات التي ستعطى لرئيس الحكومة.
ومن هذا المنطلق تؤكد مسودة الدستور ان كل ما يتعلق بمسألة الصلاحيات بين المنصبين يقدم فيه مقترحان بالطبع الاول لفائدة رئيس الجمهورية والثاني لفائدة رئيس الحكومة وهو ما يجعل الخلاف يشمل الفصول 55 .56 .58 .61 .71 .72 .78 .80 .87 .91 .92 .95.
ويتضح من خلال الفصول المذكورة ان هناك صراعا بين قطبين في المجلس على نظام الحكم الذي سيتم اعتماده وعلى الصلاحيات التي ستمنح لرأسي النظام فهي التي ستؤكد في النهاية طبيعة النظام وان كان الفرقاء السياسيون متفقون حسب ما هو معلن على النظام الرئاسي المعدل.
وفي هذا الصدد يمكن ان نكتشف في الفصل 55 من يمكنه تقديم مشاريع القوانين الاساسية لمجلس النواب ثم في الفصل 56 هناك اشكال حول من يمكن له ان يحصل على تفويض من مجلس النواب بإصدار مراسيم في مدة محدودة ونفس الشيء في الفصل 58 و61 وكذلك بالنسبة لصلاحية الاشراف على الامن الداخلي في الفصل 71 والسياسة الخارجية في الفصل 72 وايضا بالنسبة للتعيين في الوظائف العليا المدنية في الفصل 80 .
وتصبح مسودة الدستور جاهزة للانطلاق في مناقشتها في الجلسات العامة بعد انتهاء الحوار الوطني حول الدستور حيث تقدم الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة عندها المسودة النهائية للدستور ومع تمسك مختلف الاطراف بمواقفهم من النقاط الخلافية ينتظر ان نشهد جلسات ساخنة اثناء مناقشة الدستور بصفة عامة او فصلا فصلا فلمن ستكون الغلبة للشق الذي تقوده حركة النهضة والذي يعمل على اسناد اكثر ما امكن من الصلاحيات لرئيس الحكومة او للشق المقابل الذي تقوده الكتلة الديمقراطية والذي لا يريد رئيسا شرفيا او «طرطور» كما يسميه كثيرون؟ لكن في النهاية هل هناك ضمانات لأي منهم ان الرئيس او رئيس الحكومة المقبلين سيكونا من هذا الطرف او ذاك؟.