ثورة 14 جانفي أحدثت تغييرات هيكلية في المشهد الثقافي ببروز وجوه جديدة اختطفت الأضواء بعد أن كانت تعيش في العتمة بسبب مواقفها السياسية ورؤيتها الفنية احد عناوينها مجموعة «أهل الكهف» التي رصد اعمالها السينمائي رضا التليلي مدة عام -. من هذه المجموعات، المجموعة الفنية «أهل الكهف» وهي واحدة من مجموعات فنية كثيرة تخصّصت في فن «القرافيك» على غرار مجموعة «زواولة» التي مازالت محاكمتها جارية في مدينة قابس بعد فتح النيابة العمومية قضية ضد شاهين بالريش وأسامة بوعجيلة.
السينمائي رضا التليلي تتبع لمدة عام كامل خطى هذه المجموعة وعاش معها من جانفي 2011 الى جانفي 2012 فكان شريطه الوثائقي «ثورة غير درج» شهادة على هذه المجوعة الفنية التي خرجت عن السائد واختارت الجدران والشوارع للتعبير عن مشروعها الفني.. الشريط الذي جاء في 75 دقيقة أنجز بإمكانيات متواضعة ودون أي دعم لكن رضا ا لتليلي نجح في رصد يوميات هذه المجموعة من الشبان الذين انحازوا الى الشعب وانضمّوا الى الحراك الشعبي الاحتجاجي الذي أدى الى 14 جانفي وسقوط النظام.
يقدم الشريط رؤية هذه المجموعة من خلال النقاش بين أعضائها من خرّيجي المعهد العالي للفنون الجميلة حول «المنيفاست» البيان الفني للمجموعة الذي يتداخل فيه الفني بالسياسي فمجموعة «أهل الكهف» تمرّدت على الصيغ المتداولة في التسويق واختارت الجدران بديلا عن اللوحة واختارت الساحات والشوارع والأزقّة والبناءات المهجورة فضاء تشكيليا.
إن هذا الشريط الذي عرض في أيام قرطاج السينمائية وفي عدد من المدن التونسية يؤرخ لمرحلة مهمة من التاريخ الثقافي المتزامن مع التحولات الكبيرة التي عرفتها تونس خلال عام استثنائي على إثر سقوط النظام وولادة سلطة مؤقتة وإجراء انتخابات قادت الاسلاميين الى الحكم بعد سنوات من السجن والمطاردة.
«ثورة غير درج» شهادة عن مرحلة مركزية في تاريخ تونس «انفجرت» فيها التعبيرات الفنية وخرج المكبوت والمسكوت عنه الى الضوء واكتسبت المجموعات السرية في الفن والسياسة أحقية الحضور والأضواء، وهو شريط ضمن الموجة السينمائية التي ظهرت مع الثورة مثل «يلعن بو الفسفاط» و«يا منعاش» و«يلزمنا ثورة» و«سنة صفر ديمقراطية» و«مونكترزيام» وغيرها.
وهذه الأشرطة قد تكون فيها بعض الهنات الفنية نتيجة تواضع الامكانيات المالية إلا أنها تبقى أعمالا تؤرّخ لمسار الثورة الاجتماعية في تونس التي مازالت تبحث عن اكتمالها.