تحتفل السلطة القائمة اليوم بمرور سنة كاملة على تسلمها لمهامها رسميا من السلطة الانتقاليّة السابقة فما الذي أنجزته بعد هاته الفترة؟ وكيف يقيم السياسيون والوزراء السابقون تجربتها؟. أسئلة طرحتها الشروق على رموز من عديد الأحزاب. دخلت تونس يوم 22 ديسمبر 2011 مرحلة جديدة حيث تسلمت الحكومة الجديدة مهامها من حكومة الاستاذ الباجي قائد السبسي وقد أشاد كل المتتبعين لمراسم التسليم في الداخل والخارج بالصورة التي انتقلت بها السلطة الى الترويكا الحاكمة حاليا.
ولعل الذكرى تفرض على المواطن التونسي اسئلة عديدة منها سؤال ما الذي حققته الحكومة ورئاسة الجمهورية طيلة هاته السنة؟ وهل نفذ رئيس الحكومة الأستاذ حمادي الجبالي الوعود التي قدمها يومها الى الشعب التونسي والى الطبقة السياسية في البلاد؟ وكيف ينظر السياسيون والوزراء السابقون الى مسيرة الحكومة الجديدة.
وفي هذا الاطار استطلعت «الشروق» مواقف عدد من السياسيين والوزراء السابقين من عمل الحكومة والمقترحات التي يمكن ان يقدموها ان بدت لهم بعض الإخلالات.
عبد الرؤوف العيادي ( أمين عام حركة وفاء) : عدم معالجة القضاء والأمن مؤشر على فشل الحكومة
نحن قيمنا عمل الحكومة في وثيقة وقلنا انها تخلفت عن القيام بما هو مطلوب من إصلاح واعتبرنا ان عدم معالجة القضاء والأمن مؤشرا على فشل الحكومة ولم تقم بما هو مطلوب منها إضافة الى غلاء المعيشة التي يمكن ان تكون موضوع إجراءات عاجلة من قبل الحكومة. أتصور أن أداء الحكومة كان ضعيفا كما أنها لم تناقش خياراتها، لم نقل أنها ستحل كل المشاكل لكن برامجها لم تكن واضحة وحتى الميزانية لم تجسد خياراتها بقدر ما هي ميزانية إدارة سابقة كان من المفروض أن تقيم الأوضاع وتحاول وضع خياراتها وهذا انعكس على الميزانية الجديدة التي لا تختلف كثيرا عن الميزانية القديمة. نفس الشيء تقريبا لرئاسة الجمهورية نحن تورطنا في مواقف من المفروض أن السلطة الجديدة وسلطة ما بعد الثورة لا تكون مواقفها بتلك الحدة خاصة تجاه ما يجري في سوريا التي مثلت سند المقاومة لسنين.
سعيد العايدي (وزير سابق) : كثرت الوعود والوضع في تأزم
ما لاحظناه انه رغم الوعود التي قدمت في الحملة الانتخابية وعند تسليم السلطة فإن نتيجة ما حصل في 2012 دخول البلاد في ازمة الثقة، كما ان صورة المجلس التأسيسي لدى الشعب ليست ايجابية وبالنسبة للحكومة هناك تراجع خطير للثقة مع المواطنين خاصة في المناطق الداخلية أي التي قامت بالثورة من اجل القضاء على التهميش والاقصاء. ورغم الخطابات التي نسمعها هناك تراجع ب12٪ في الاستثمار والتشغيل خاصة في المناطق المهمشة خاصة بالنسبة للاستثمار الخاص وهذا بالمقارنة بين 2012 و2011 كما انه لم يتم احترام فترة السنة بعد الانتخابات وهو ما يجعل البلاد خارج الاتجاه الصحيح وهذا هو الانطباع الموجود لدى شركائنا في الخارج ايضا فمستقبل البلاد غير واضح. هل هناك رؤية واضحة لمستقبل البلاد؟ لا، لا نعرف متى ستجرى الانتخابات وحتى قانون الهيئة استغرق اعداده شهرين.
بعد سنة هناك بعض النقاط الايجابية ومنها ان كل الاطراف فهموا ان البلاد لا تخرج من الازمة الا بالحوار الجدي بين كل الاطراف فالثورة اعطتنا حرية التعبير ويجب ان نتعلم كيف نتحاور ونسمع الرأي المخالف. النقطة التي تمثل اكبر تهديد للبلاد هي العنف وعلى الدولة ان تتخذ مواقف واضحة ضده مهما كان مرتكبه وهو نتيجة الازمة الاخلاقية التي قادتنا نحوها الترويكا ويمكن ان توصلنا الى ازمة عامة، نقطة اخرى هي الاستقطاب السلبي في المجتمع التونسي اليوم الذي اصبح يصور المجتمع على انه مقسوم كما عدنا الى تهميش المناطق الداخلية الشعب يفهم اليوم ما يحصل في كل المناطق. بالفعل بلادنا اليوم في مفترق طرق ولا يمكن ان نتجاوزه الا بالحوار الوطني وخاصة بالنسبة للازمة الاخلاقية لكن للأسف لا نرى محاولات جدية لتحقيق مطالب الثورة ولابد ان يحصل توافق وطني حول المرحلة القادمة وبلادنا لديها كل شروط النجاح.
رضا بالحاج (وزير سابق وقيادي في نداء تونس) : على الترويكا ان تراجع خياراتها
يوم 22 تم تسليم السلطة بطريقة حضارية وكان احتفالا حقيقيا لكن اليوم وبعد عام نرى ان المرحلة الانتقالية الثانية ليست كالأولى وتشهد تعثرا كبيرا في المستوى السياسي حيث تأخر اعداد الدستور وتجاوز السنة وتاريخ الانتخابات غير واضح والهيئة العليا للانتخابات لم تتشكل بعد وان تم سن قانون لها الا انه ليس فيه وفاق ولا يسمح بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وعلى المستوى الواقعي هناك ظاهر ة العنف التي تفشت وبدأت تحد من الحرية التي اكتسبناها بعد الثورة.
وفي المستوى الاقتصادي والاجتماعي لم يتحقق شيء من الاسباب التي قامت من اجلها الثورة منها البطالة والتفاوت الجهوي بل زاد تدهور القدرة الشرائية للمواطن بشكل كبير وانخرام ثقة الخارج في تونس لذلك تاريخ 22 ديسمبر 2012 لابد ان يكون فرصة لإعطاء دفع جديد للمرحلة القادمة من خلال اعادة تنشيط التوافق الوطني ووضع حد للبطء في اتمام الدستور من طرف المجلس التأسيسي والانطلاق بسرعة في اعداد الانتخابات المقبلة وكذلك وضع حد لظاهرة العنف من خلال تحمل الدولة لمسؤوليتها في حل ما يسمى برابطات حماية الثورة وغيرها من الشروط التي يجب ان تتوفر لتحقيق الانتقال الديمقراطي وانجاح اهداف الثورة.
وكذلك لابد من التخلي عن استعمال القوانين لإزالة منافسين سياسيين على غرار قانون ما يسمى بتحصين الثورة الذي يمس من مصداقية العملية الانتقالية ويشكك داخليا وخارجيا في سلامة الانتقال الديمقراطي، وكل هذا يقع على عاتق الطبقة الحاكمة لتتحمل مسؤولياتها في انقاذ البلاد وتجنب المحاصصة السياسية لتكريس هدف من اهداف الثورة المتمثل في الانتقال الديمقراطي.
اليوم هناك دروس واضحة من الشعب وقعت في سليانةوسيدي بوزيد مفادها ان الاسباب التي اندلعت من اجلها ثورة 17 ديسمبر 2010 مازالت موجودة وسببها عدم انكباب الثالوث الحاكم على فرز المسائل الاساسية للاقتصاد التونسي وهي الحيف الاجتماعي والتفاوت الجهوي بل زادت مشاكل اخرى من بينها تراجع السياحة التونسية جراء العنف السياسي المرتكب ضد سفارة الولاياتالمتحدة وغيرها من ظواهر العنف ايضا هناك تفاقم في التوازنات المالية للدولة جراء تراجع ترتيب تونس في المجالات الاقتصادية وهو ناتج عن الاختيار الحزبي للمسؤوليات الحكومية وابعاد الكفاءات من الادارات العمومية كل هذه الاسباب تجعل ذكرى 22 ديسمبر تحتم على السلطة التفكير مليا واعادة تقييم المرحلة واعادة النظر في الخيارات المتبعة.
اخيار الدين الصوابني (حزب الطليعة العربي) الحكومة عانت من ضغط الاستحقاقات وغياب الرؤية وفقدان الخبرة
اعتقد ان الحكومة عانت اولا من ضغط الاستحقاقات ثم من ضغط غياب الرؤية وفقدان الخبرة والاحتكام فقط للمحاصصة الحزبية والحاجة إلى تامين المواقع وكأن ما قادها طيلة هذه السنة هو رهاب المعارضة وجوع فضيع للسلطة قضت الحكومة الفترة الاولى في المطالبة بإمهالها مائة يوم او بضعة اشهر وضغطت على الاعلام او حاربت الاعلام حتى يتعامل معها على انها حكومة دائمة رافضة انها حكومة مؤقتة ثم عادت في النهاية لتطالب الاعلام على ان يتعاطى معها على انها مؤقتة وفشلت في الاختبارين
لا أقول ان اي حكومة كان بإمكانها ان تلبي الانتظارات وترفع التحديات المطروحة ولكن كان بالإمكان على الاقل ان تكون اكثر عقلانية وتدرك ما نبهنا اليه منذ البداية ان الوفاق ليس نزوة او ترضية لأي كان بل هو عملية انقاذ وطني حقيقي، وبقدر تقديرنا لجل من في الحكومة كأشخاص الا ان خيبتنا كانت فيهم كبيرة كوزراء ورجالات دولة والاذى الذي لحق بالثورة هو في كل الحالات اكبر بكثير من الفوائد التي جلبوها ومن باب الوطنية ان يقروا بذلك وان تقع مراجعة كلية لوضع السلطة والحكومة والدولة في علاقتها بالمواطن شكلا ومضمونا لا ان يتنصلوا مرة اخرى من المسؤولية ويحصروا الاصلاحات في مجرد تعديلات وزارية.
بالنسبة للرئيس كان بالحجم الحقيقي الذي يستحقه منسجما مع السبعة آلاف صوت التي حصلها في الانتخابات ومع الموضع الذي اختاره في التحالف اضر بموقعه وبهيبة الدولة وكان منسجما مع مواقفه اللا قومية على المستوى العربي التي تشرع لجرائم القصف والقتل والدمار باسم حقوق الانسان حضر صوته عاليا ليندد بالمبدعين في العبدلية ولم نسمع له كلمة في احداث سليانة بحكم تاريخه لا انتظر منه شخصيا اي خير الا اذا اقتضت مصلحته ذلك.
محمد بنور(الناطق باسم التكتل) نتفهم الصعوبات من الناحية الأمنية ومن ناحية استقرار البلاد
كحزب التكتل من اجل العمل والحريات نحن لسنا راضينا عن الأداء الحكومي ونأمل ان يكون الأداء أحسن في اغلب المجالات واظن ان هذا الشعور هو شعور جل الرأي العام وهو على حق وشعور كل وطني غيور ويتحمس للمصلحة العليا لتونس ويتحمس لإنجاح الثورة ولبلوغ أهدافها.
يمكن ان نتفهم الصعوبات من الناحية الامنية ومن ناحية استقرار البلاد التي حالت دون بلوغ هذا الهدف لكن الاكيد انه في بعض القطاعات هناك نتائج مرضية، الحوار بين الحكومة والاطراف الاجتماعية كان في اغلبه موفق وهو ما ساعد على تحسن المناخ الاجتماعي مقارنة مع السنة الماضية وفي قطاعات التجارة والسياحة مثلا كانت الامور مرضية وبدأ النسق يعود الى النسق الذي كان عليه في 2010 تدريجيا لكن هناك الآن عديد الاشياء التي يجب ان تراجع على ضوء النتائج التي تحصلنا عليها الى حد الآن نحن نترقب تحويرا وزاريا سيعطي رسالة طمأنة للداخل والخارج ما سيدفع بعجلة الاقتصاد الى الامام وعلى الفريق الحكومي القادم ان يستخلص كل الدروس من نتائج العام المنقضي وهذا طبيعي بما اننا في طور تغيير جذري لنمط الحكم ولكل الانماط التي كانت سائدة في كل المجالات في فترة الاستبداد والقمع الآن لابد على الفريق الحكومي المقبل ان يضع في اولوياته انتظارات كبيرة في كامل انحاء البلاد وان يسطر برنامجا يحدد فيه الاولويات وخاصة في مجالات التشغيل والتوازن التنموي بين الجهات مثلا سيدي بوزيدسليانة والقصرين تستدعي مجهودا كبيرا حتى نحقق بعض طموحات الثورة فيها.
خالد الكريشي (حركة الشعب) 7 معدل الحكومة و13 للرئاسة
اعتبر ان اداءهم دون المأمول ودون تطلعات الشعب وأهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والحفاض على السيادة الوطنية وقد اعتمدت على المحاصصة الحزبية منذ تشكيلها والشرعية الانتخابية فقط دون الشرعية الثورية. كانت سياستها الاجتماعية والتنموية مرتبكة وتعاملت بالمنهج التجريبي مع ملفات حساسة كالبطالة والتنمية ونسبة النمو، اضافة الى ذلك في عهدها عادت فلول النظام السابق بقوة وعينتهم في مناصب عليا في الدولة على غرار الاعلام والبنك المركزي وقصرت في محاسبة الفاسدين ورموز النظام السابق وتعاملت معهم بأسلوب انتقائي وانتخابي في محاولة لكسب ودهم.
وبالنسبة للسياسة الخارجية أيضا أصبحت سياسة تابعة للأمريكان والخليجيين باعترافها بقوى الائتلاف المعارض في سوريا وعدم انفتاحها على محيطها العربي وحافظت كذلك على الترسانة والمنظومة التشريعية الفاسدة التي حكمت تونس منذ خمسينات القرن الماضي الى حدود 23 اكتوبر 2011 . رئاسة الجمهورية تصرفت في حدود الصلاحيات الممنوحة لها في ظرف انعدمت فيه هيبة المؤسسات لكنها حافظت على حضورها وما المرتبات التي تعطيها لها نتائج سبر الآراء الا دليل على ذلك كذلك نذكر بموقف رئيس الجمهورية الرافض لتسليم البغدادي المحمودي والرافض للاعتراف بالمجلس الوطني السوري كذلك. عموما اذا اسندنا عددا للحكومة تحصل على 7 من 20 وبالنسبة للرئاسة 13 على 20.