نظرت أمس الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية تورط فيها شاب في الثلاثينات من العمر من أجل تهمة العنف الشديد الناجم عنه سقوط مستمر تجاوز العشرين بالمائة. المتضرّر في هذه القضية من أقارب المتهم، فقد احدى عينيه كما أصيب بضرر كبير في مستوى مؤخرة الرأس. وتفيد وقائع القضية أن القريبين اتفقا يوم الواقعة على عقد جلسة خمرية بإحدى المناطق المنزوية بجهة باردو غربي العاصمة، ويبدو أن مشاكل متراكمة سابقا بين القريبين قد طفت الى السطح أثناء الجلسة، فبدأ التراشق بالكلمات بين الطرفين ثم سرعان ما هدأ الأمر بعد تدخل أحد أصدقائهما وتواصلت الجلسة بينهم الى أن أخذت منهم الخمرة مأخذها، فعاد الخصيمان الى التراشق من جديد بالكلام حتى بلغ الأمر حدّ تبادل اللطم واللكم، عندها تسلح المتهم بقارورة خمر بلورية واعتدى بها على المتضرّر في مستوى مؤخرة رأسه فسقط أرضا بعد ما أغمي عليه، ولم يكتف الجاني بذلك بل تعمّد أيضا اصابة قريبه في مستوى العين اليسرى ففقأها في حينه، وتركه في تلك الحالة ولاذ بالفرار، ظنا منه بأنه اقترف جريمة قتل، ليلجأ الى أحد أصدقائه ويخبره بالموضوع فتمّ اثر ذلك نقل المتضرّر الى المستشفى حيث احتفظ به تحت الرعاية الطبية المركزة الى أن تجاوز مرحلة الخطر، وتمّ التحرير معه فأدلى بهوية المعتدي. وبجلب المتهم الى مركز الشرطة واستنطاقه، اعترف باعتدائه على قريبه خلال معركة نشبت بينهما إلا أنه أنكر أن يكون قد تعمّد فقأ عينه اليسرى مصرّحا بأنه مسك المتضرر من يده ودفعه بقوة فسقط على قارورة كانت موضوعة بالمكان وهو ما تسبب له في فقدان احدى عينيه ونفى أن يكون قد تعمّد اصابته على مستوى مؤخرة الرأس كما صرّح بأنه لم يكن يقصد احداث الضرر بقريبه وأن كل ما في الأمر أنهما كانا في حالة سكر ثم اعتذر طالبا العفو وبعد انهاء الأبحاث في القضية أحيل المتهم على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس، حيث تمسك بتصريحاته التي أدلى بها لدى باحث البداية نافيا مرة أخرى أن يكون قد قصد احداث الضرر بقريبه وبعد اجراء المكافحة القانونية بين الطرفين تمسك المتضرر بحقه في تتبع الجاني قضائيا، فأصدرت النيابة العمومية بطاقة إيداع بالسجن ضدّ المتهم بعدما وجهت له تهمة الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه سقوط مستمر أكثر من 20 بالمائة. وقد أيدت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس قرار ختم البحث ولائحة الاتهام وقرّرت احالة المتهم بحالة الايقاف التي عليها على احدى الدوائر الجنائية بابتدائية العاصمة لمقاضاته من أجل ما نسب إليه. وبمثوله أمس أمام هيئة المحكمة، واصل المتهم تمسكه بما صرّح به لدى باحث البداية وأمام قلم التحقيق طالب من المحكمة التخفيف في العقاب المستوجب باعتبار عدم قصده اضرار قريبه وعاضده في ذلك محاميه الذي شكّك في رواية المتضرّر معتبرا أن الضرر حاصل لا محالة للمدّعي وأنه لا مجال لمناقشة ذلك، بل دعا المحامي الى مناقشة كيفية حصول هذا الضرر ليعتبر أنه الاعتداء كان خاليا من كل قصد اجرامي، وأن المصادفة وحدها هي التي كانت وراء سقوط المعتدى عليه وفقدان احدى عينيه واصابته في مؤخرة رأسه وطلب على أساس ذلك القضاء بتخفيف الحكم قدر الامكان القانوني في حق منوّبه وفوّض النظر للمحكمة في خصوص الدعوة المدنية التي تقدّم بها محامي المتضرّر والتي طلب فيها تعويضات مادية. وبعد أن استمعت هيئة المحكمة لكافة أطراف القضية، واستمعت لموقف ممثل النيابة العمومية الذي تمسك بالمحاكمة وفقا للقانون قرّرت المحكمة اثر ذلك حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في وقت لاحق.