في انتظار استكمال المشاورات حول تركيبة الحكومة المقبلة والأطراف المشاركة فيها .كيف يرى السياسيون الأوليات المطروحة على هذه الحكومة لتجاوز الصعوبات الحالية؟. تتواصل منذ أيام المشاورات بين عدة أطراف سياسية من أجل البحث عن توافقات حول إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية وخاصة تشكيل حكومة جديدة وفق تصورات وأولويات تقتضيها المرحلة التي تمر بها البلاد .
منصور معلى : حكومة وحدة وطنية ومجلس سياسي
في هذا الاطار يقول السيد منصور معلى « علينا اعتبار الفترة المنقضية التي ضاعت دون انجازات تذكر ثمنا للثورة وللتخلص من مخلفات العهد البائد والآن علينا أخذ الوقت الكافي للتحليل والتقييم حتى لا نسقط في نفس الأخطاء ّ»
السيد منصور معلى يرى على عكس أغلب التوجهات الحالية أنه من الضروري تكوين حكومة كفاءات ووحدة وطنية لا تقل مدتها عن ثلاث سنوات حتى تتمكن من معالجة أغلب القضايا وتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعود على الممارسة الديمقراطية والتداول على السلطة ويضيف في هذا الاتجاه « ما تبقى من الوقت الى موعد الانتخابات كما هو مقرر لها لايكفي حتى لسلام الوزراء الجدد على بعضهم ولذا أقترح ان تكون مدة الحكومة ثلاث سنوات بعد الاتفاق في شأنها بين جميع الفرقاء السياسيين إضافة الى بعث مجلس سياسي يتعاون مع الحكومة ويراقبها هذا بعد عرض البرنامج المذكور على الاستفتاء للتمديد للمجلس التأسيسي واقرار مبدا التصويت بأربعة أخماس الأعضاء لتكريس التوافق».
ويبرر محدثنا هذا المقترح بأن الاطراف السياسية في تونس اهتمت أكثر طوال المدة المنقضية بالتنافس على المناصب والمسؤوليات الكبرى عكس التجارب المماثلة التي كونت في مثل فترتنا حكومة وحدة وطنية بين كل مكونات المشهد السيايسي قبل ان تدخل غمار الممارسة الديمقراطية الحقيقية كما اعتبر محدثنا ان تجربة الترويكا يمكن الاستفادة منها رغم انها لم تكن متوازنة ووجد فيها طرف مهيمن نتيجة غياب أطراف قوية.
سعيد العايدي: التخلص من أزمة الثقة
أما السيد سعيد العايدي عن الحزب الجمهوري فلخص أولويات الحكومة المقبلة بقوله « يجب أولا اعتماد برنامجا سياسيا واضحا بالاتفاق مع المجلس التأسيسي يضع روزنامة واضحة لمختلف المواعيد السياسية المقبلة ثم دراسة بعض الملفات المهمة على غرار ظاهرة العنف والازمة الاخلاقية والعمل على وضح حد لها من خلال تغيير عقلية النشطاء السياسيين وكذلك النظر في موضوع العدالة الانتقالية وخاصة اصلاح المنظومات بالاشتراك دائما مع المجلس التأسيسي ومكونات المجتمع المدني».
العايدي يرى من جهته ضرورة وضع برنامج عاجل لمعالجة موضوع التشغيل والتنمية الجهوية كما يقر بصعوبة المرحل الحالية والتي تتطلب الوضوح والشفافية للتخلص من ازمة الثقة التي استفحلت بين الجميع ويضيف «المطروح على الحكومة المقبلة اعادة الصورة الناصعة عن تونس في الخارج لما لها من تأثير عميق في موضوع الاستثمار وهي صورة مرتبطة بانجاح الانتقال الديمقراطي بكل مكوناته وتثبيت الامن والاستقرار وكل هذا مرتبط باجندا واضحة تتماثل مع الفترة المتبقية حتى لا نسقط في الوعود الكاذبة وتواصل ازمة الثقة بين المواطنين والمستثمرين والعاطلين عن العمل وغيرهم».
اسكندر الرقيق: قانون استثنائي لظروف استثنائية
الوافد الجديد على حزب حركة وفاء السيد اسكندر الرقيق يقول في نفس الموضوع «يجب على الحكومة المقبلة مهما كانت مكوناتها العمل على تصحيح المسار والاقتراب أكثر من تحقيق اهداف الثورة عبر برنامج طوارئ يعزز بالشرعية التوافقية ويقطع مع البيروقراطية المعيقة والقوانين البالية التي أوقفت التنمية وانجاز المشاريع الطموحة التي ينتظرها المواطنون».
كما يرى ان الحكومة المقبلة يحب ان تتكون من فريق متجانس له الكفاءة اللازمة للنجاح والجرأة التي تسمح له بالتعامل مع الملفات بعقلية ثورية. اما الملفات العاجلة فيقول عنها «الملفات الطارئة والضرورية هي ملفات المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية وخاصة في ما يتعلق بالمناطق الصناعية وملف الديوانة والتهريب والتهرب الجبائي اضافة الى تفادي التردد في التعيينات العاجلة لبعض المؤسسات التي لا تنتظر وخاصة ملف الاصلاح الاداري وهو ملف له اهمية قصوى يتطلب شخصيات لها الشجاعة الكافية للاصلاح».
اسكندر الرقيق ختم قوله بالتأكيد على ضرورة اقرار قانون سيمح للحكومة بتجميد قوانين بن علي البالية على الاقل خلال السنة المقبلة لانه يعتبرها تعيق المشاريع التنموية من خلال تعقد الاجراءات وطول مدتها مما اثر على الوضع العام بالبلاد قائلا « أقترح سن قانون استثنائي يستجيب للظروف الاستثنائية ووضع برنامج طارئ يعالج الأوضاع الحالية».
عثمان بالحاج عمر: مخطط تنموي اقليمي
من جهته لخص السيد عثمان بالحاج عمر عن حركة البعث أولويات الحكومة المقبلة بقوله «يجب أن يتفق الجميع على خارطة طريق تتضمن مشاريع تتعلق بالهيئة المستقلة للقضاء والهيئة المستقلة للاعلام واعداد القانون الانتخابي أما على المستوى الاجتماعي فيجب التوجه نحو حل ملف شهداء الثورة والجرحى في اجل محدد كأن تدخل المحاكم في جلسات مستمرة للكشف عن القناصة وقتلة الشهداء ثم اقرار التعويضات المناسبة لعائلات الشهداء واقرار الوضعية المناسبة للجرحى سواء من جهة التشغيل او الجرايات العمرية كما اقترح حل مشكلة التشغيل ولو بصفة وقتية كالتكفل بتأمين علاجهم وتنقلهم وتمكينهم من منحة شهرية الى حين حصولهم على شغل».
وفي جانب التنمية يرى بالحاج عمر انه على الحكومة المقبلة البدء في عمل حقيقي وسريع دون السقوط في التعطيلات الادارية والاجراءات الطويلة على حد تعبيره من خلال مخطط تنموي جهوي حسب الأقاليم وربط شمال البلاد وجنوبه بطريق سيارة والعناية بالمسالك الفلاحية المرتبطة بالبنية التحتية وذلك في انتظار التحديد للمنوال النهائي الاقتصادي والاجتماعي والتربوي باتفاق جميع مكونات المشهد السياسي.