اهتزت مدينة سيدي بوسعيد والضاحية الشمالية عموما لحادثة حرق مقام سيدي بوسعيد الباجي مساء أول أمس وخرجوا في مسيرة تنديد من مقر الزاوية في اتجاه القصر الرئاسي. واكبت «الشروق» المسيرة وزارت المقام المحروق وتحدثت إلى الحاضرين وتابعت زيارة وزيري الداخلية والثقافة لمكان الحادثة.
إسقاط النظام
خرجت مسيرة حاشدة من المواطنين من مكان الزاوية في اتجاه القصر الرئاسي يتوسطها المكلفون بالزاوية الذين حملوا العلم الذي يرمز إليه إلى جانب علم تونس وضربوا الدف ورددوا أغنية سيدي بوسعيد ياباجي وزغردت النسوة .
وذكرت بشرى المصباحي التي تواجدت بالمسيرة أن الإعتداء على هذا الرمز التاريخي الأثري لا يمكن السكوت عنه
وأفاد قيس أن هذا المعلم هو رمز لسيدي بوسعيد وله أهيمة سياحية وبالتالي فإن الإعتداء عليه بغض النظر عن المعتقد الديني هو اعتداء على هوية وتاريخ.ومن جهتها انتقدت الدكتورة هاجر صمت الحكومة على هذا الفعل الذي يخفي استراتيجيا كاملة لتغيير أفكار المواطنين.
وعند الوصول إلى الحاجز الذي وضعه الأمن لمنع المتظاهرين من التقدم نحو القصر الرئاسي تجمعوا وتعالت أصواتهم بشعارات مختلفة منها الشعب يريد إسقاط النظام. وأفاد الهاشمي بن عزوز: «إلي حرقنا يحرقوا» فهذا الرجل مرتبط بالمقام أشد ارتباط. وتساءل بماذا أضرهم؟ .
وذكرت غزال فتيحة اليوم أحرقوا رمز سيدي بوسعيد وغدا يحرقوننا نحن وتساءلت بوذينة : «وين ماشين»؟
صدمة ودموع
الإعتداء على الزاوية تم حسب جيرانه بين صلاتي المغرب والعشاء أي تقريبا على الساعة السادسة والنصف مساء ونظرا الى تزامنه مع يوم السبت حيث أن الجيران خرجوا لزيارة الأقارب أو الإلتقاء بالأصدقاء استغل أصحاب الفعلة الفراغ لإضرام النار داخله .
وحسب شهود عيان فإنهم كانوا من الشبان الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة وكانوا في حدود العشرة شبان.وذكرت رجاء تيسة الجارة الأولى للمقام وزوجها رئيس المحارة أن حرق الزاوية هو حرق لرمزسيدي بوسعيد حيث يأتي الناس من كل مكان لاسيما السياح لزيارته.وقالت :» زوجي أصيب بصدمة كبيرة وهو حاليا طريح الفراش بسبب هول المفاجأة»
وذكر أحد متساكني المنطقة أن التفطن الى النار كان متأخرا نسبيا وأن من ساهم في الإطفاء قبل أن تأتي الحماية المدنية متأخرة هو صاحب المطعم القريب منه .أما الخالة دوجة فقد كانت تروح وتجيء والدموع تنهمر من عينيها على حرق الزاوية وقالت ل «الشروق» لقد قمت بتنظيفه يوم الخميس وتركته : «لاباس» عليه فأنا آتي من حي الإنطلاقة لأجل ذلك .
وواصلت البكاء : «لماذا فعلوا ذلك لماذا أحرقوه؟».
اتهامات
أمام الزاوية المحروقة توافد العديد من المواطنين لمعاينة الحادثة ...والنيران خلفت ثقبا كبيرا على الباب الرئيسي والتهمت كل ما أحاط بالضريح من ذلك مصحف القرآن الكريم .
وهناك حدثت تعزيزات أمنية مشددة لمنع الجميع لاسيما الإعلاميون من الدخول قبل زيارة وزيري الداخلية والثقافة .وفي الأثناء حدثت بين الحاضرين نقاشات تميزت بالحدة بين أحد متساكني سيدي بوزيد وأحد ممثلي لجان حماية الثورة انتهت بتدخل رجال الأمن.
الدولة لم تسقط
عاين وزير الداخلية علي العريض ووزير الثقافة مهدي مبروك الزاوية المحروقة. وقال وزير الثقافة :» هذه الزاوية هي جزء من تراثنا ومن فعلها لا يستحق الثورة.وأضاف القول سنعمل على تعزيز الحراسة ونتعاون مع المجتمع المدني لنصون تراثنا ووعد أن تنطلق الأشغال قريبا لترميمه وإعادة كل شيء كما كان.
وأفاد وزير الداخلية أن هذا المقام لكل التونسيين وليس لهذا أو ذاك وقال في رده على سؤال «الشروق» المتعلق بمدى محاسبة من اعتدوا على بقية الزوايا من قبل قصد الحد من هذا الفعل الإجرامي خاصة أن الرأي العام ينتقد صمتكم ويتهمكم بالتواطؤ :» لقد أمسكنا بأناس تورطوا في حرق الزوايا ونقاوم كل من يقوم بهذا الإعتداء ولكن بلادنا تعيش حالة غليان ونحمد الله أن الدولة لم تسقط وحافظنا على مؤسساتنا ونصلح ما بداخلها.وأضاف أنه يوجد العديد من الإنفلاتات التي تستوجب الكثير من الجهد ومهما حدث فإن تونس هي دولة تمشي في اتجاه الديمقراطية والتوازن.
«ديقاج»
واجه وزير الداخلية تدخلات حادة من المواطنين واستفسارات وتساؤلات مختلفة ومنها اتهام «النهضة» بالحرق فقال الوزير إنه مقام تراثي وليس للسياسة وأكد أن التحري متواصل.
بعد إنهاء الزيارة والخروج من الزاوية ووجه وزيرا الداخلية والثقافة. ب«ديقاج» من المواطنين حيث هتفوا كثيرا مرددين تلك العبارة ثم رددوا النشيد الوطني.ولاقت يمينة الزغلامي نائبة التأسيسي نفس المصير من بعض النساء الحاضرات .
وفي حديثها ل «الشروق» إعتبرت أن ما حدث هو عمل ممنهج في إطار إرباك الوضع الأمني في البلاد والمس بالسياحة وطالبت السلطة التنفيذية بأن تكشف عن الملفات .