علاقة التونسيين بالقاعدة في شمال إفريقيا ليست جديدة وليست وليدة الثورة، ففي عهد نظام بن علي، كانت المجموعة التي ظهرت في برج السدرية من أتباع القاعدة في المغرب الإسلامي، كما نتذكر الشاب التونسي بشير سينون البالغ من العمر 25 عاما والذي تورط في تفجير السفارة الفرنسية في باماكو عاصمة مالي، وصدر ضده حكم بالإعدام في بداية شهر جانفي 2011. نضيف إلى ذلك ما تسرب من معلومات منذ يومين عن قتل شابين من تونس في الهجوم الحاسم الذي شنه الجيش الجزائري على المجموعة الجهادية التي احتجزت عمال وإطارات مصنع الغاز في مدينة عين أمناس منذ أيام، لكي نكشف أن عددا ما يزال مجهولا من الشباب التونسي قد تحرك نحو جنوبالجزائر ومنه إلى شمال مالي ومنطقة الساحل للانضمام إلى المجموعات الجهادية هناك.
وفي المدة الأخيرة، تحدث الدكتور التونسي علية العلاني لإذاعة جوهرة عن رحلة أكاديمية قادته إلى مالي في زيارة ميدانية لدراسة التيارات الجهادية، حيث أكد على غياب دراسات ومعلومات عن المنتمين إلى التيارات الجهادية في تونس سواء ممن تم الإفراج عنهم من السجون أو العائدين من خارج البلاد بعد الثورة، أو خصوصا من الخلايا النائمة الذين سماهم «القنابل الموقوتة». ويقول الدكتور العلاني إن نسبة التونسيين في الحركات الجهادية في مالي ليست كبيرة ولا غالبة على الجنسيات الأخرى، لكنهم موجودون ضمن عدد ضخم من المقاتلين يقارب 20 ألف شخص مستعدين لحرب استنزاف طويلة ضد فرنسا وحلفائها، وهم يحتكمون على ميزانية طائلة قدرها الدكتور العلاني ب200 مليون دولار.
ولا توجد معلومات واضحة عن طرق انتداب العناصر الجهادية في تونس بعد الثورة، رغم ما يعتقده كثيرون من أن عدة مساجد تعج بدعاة التيارات الجهادية منذ أن تخلصوا من المراقبة الشديدة التي كان يفرضها عليهم جهاز الأمن في عهد بن علي. وتبعا للمعلومات التي نشرتها وزارة الداخلية عن مجموعة «عقبة بن نافع»، فإن الجهاديين التونسيين يتلقون التدريب العسكري في ليبيا والجزائر مع محاولات أولية للتدريب في التراب التونسي في الجبال والغابات الوعرة والنائية شمال غرب البلاد. كما يتضح أن الحركات الجهادية تستغل الحدود الجبلية الوعرة غرب البلاد للتسلل إلى الجزائر عبر المسالك التي يعرفها المهربون جيدا منذ عشرات السنين في إطار حركة التهريب الكبيرة بين البلدين والتي تمكن كما يمكن معاينته في المدن الغربية من تهريب كميات ضخمة من الوقود.