اجتماع شعبي للحزب الجمهوري بالقيروان. مئات المحتجين يحاصرون مكان الاجتماع. شعارات «ضد التجمع» و«اعداء الدين» وتنديد بنداء تونس ومضايقة للإعلاميين وحضور أمني مكثف وتوتّر وطرد للضيوف و«ريكوبا» في الموعد. الحدث الأبرز في القيروان منذ ظهر يوم أمس الجمعة 01 فيفري 2013، ليس فقط الخطب الجمعيّة المنددة بالتصريحات الإعلامية والسّياسيّة حول زيارة الداعية الإسلامي نبيل العوضي إلى تونس وما خلفه من جدل و«بوليكميك» حول تربية الفتيات ولبسهن الحجاب، بل شهدت القيروان احتجاجات على إيقاع هذه الزيارة، ضدّ الأمينة العامة للحزب الجمهوري ميّة الجريبي التي شاركت في برنامج حواري على قناة التونسيّة مساء الخميس، وأشرفت على الاجتماع الشعبي والزيارة الميدانيّة لعدد من المناطق بولاية القيروان.
صباح أمس الجمعة مضى نشاط الحزب الجمهوري بشكل عادي. تنقلت مية الجريبي وياسين إبراهيم (الأمين العام التنفيذي للحزب) وفوزي عبد الرحمان عضو المكتب التنفيذي بعدد من المناطق وزاروا عدد من المكاتب المحلية لكن سرعان ما تغيرت الأحداث عند توجههم برفقة أعضاء المكتب الجهوي للحزب وأعضاء المكاتب المحلية وعدد من الضيوف المنخرطين في عدد من الأحزاب الحليفة للحزب الجمهوري والإعلاميين (على مستوى وطني وجهوي).
حيث توافد عدد كبير من المواطنين بدؤوا بالعشرات ثم أصبحوا بالمئات (بينهم متفرجون)، واعتصموا أمام النزل الذي أقيم فيه الاجتماع الشعبي ونظموا وقفة احتجاجية عند مفترق الفسقية وقبالة وكالة إحياء التراث وهو مفترق حيوي عند مدخل مدينة القيروان.
المحتجون هم أعضاء رابطة حماية الثورة (المكتب الجهوي) كما حضر أعضاء من المكتب الوطني بينهم «ريكوبا». كما حضر شبان رفعوا راية «لا اله إلا الله محمد رسول الله» في لونها الأبيض. وحضر أيضا منتمون إلى حزب النهضة خصوصا من الشبان إلى جانب منتمين إلى أحزاب الترويكا. ورفعوا شعارات مناهضة لموقف مية الجريبي من الحجاب» كما نددوا بحزب نداء تونس ورفعوا شعارات ضد الباجي قائد السبسي بسبب ظن بعض المحتجين أن السبسي حضر مع الحزب الجمهوري. ورفعت أيضا شعارات «التجمع ديقاج» إلى جانب شعارات مناهضة للإعلام.
المحتجون حاصروا مدخل النزل. وأدوا صلاة العصر وسط الطريق وسط حضور أمني مكثف. وقد حصل توتر في البداية بين المحتجين وأعوان الأمن لكن تمت السيطرة على الوضع بفضل تدخل بعض الأعوان والمسؤولين الأمنيين (بشكل ودي). وقد كادت تحصل مواجهات مع الأمن اثر اطلاق بعض القذائف الصوتية وقذائف «الرش المطاطي». وذلك في مناسبتين. الأولى بطلقة واحد عند بداية الاحتجاج والثانية عند بدء بعض المحتجين في الصلاة بطلقتين من قبل عون امن وقد كادت تتطور الاحتجاجات لكن أعوان امن (مقاومة ملثمون) ومسؤولين أمنيين دعوا إلى ضبط النفس واعتذروا للمحتجين الذي رفض بعضهم أسلوب القوة.
رفض بعض المحتجين دخول بعض الضيوف ومن دخل فقد نفذ بصعوبة اثر تدخل الأمن. وتم منع بعض الصحفيين من تصوير الاحتجاج في الخارج وسمحوا للبعض الآخر مع مضايقتهم واتهامهم بإعلام العار. وقد سمحوا ل«الشروق» بمتابعة الاحتجاج مع توجيه النقد لنا وتحاورنا مع بعض المحتجين الّذين تبين أن سخطهم كان شديدا على الإعلام واتهموا بعدم الحياد ومحاربة الثورة والإسلام حسب قول بعضهم.
في حين احتج من في داخل النزل على تغطيتنا للاحتجاج والحال انه تم تقسيم العمل بين الزملاء في الداخل والخارج بشكل يسمح بمتابعة الاجتماع الشعبي والاحتجاج.
عند غروب الشمس تمكن أعضاء الحزب الجمهوري والحاضرون من مغادرة النزل تحت حماية أمنية ووسط احتجاجات وهتافات وعبارات «نكرهوكم» و«ديقاج» وعبارات أخرى عنيفة صدرت من البعض وقد كان المحتجون متحمسين لمغادرة الحزب للنزل وبعد 4 ساعات من المرابطة والحصار عادت الساحة إلى ما كانت عليه قبل الاجتماع الشعبي.
إلغاء واتهام
بالتوازي مع تغطيتنا للأحداث في الخارج واكبت «الشروق» كواليس الاجتماع واستمعت إلى أعضاء الحزب الجمهوري. الاجتماع لم ينعقد بالصفة المقررة له بل تحول إلى مناقشة ما حصل.
مية الجريبي حاولت الاتصال بوزير الداخلية دون أن تتمكن من ذلك وإن تمكنت من التنسيق مع مصالح الوزارة وأشرف رئيس المنطقة على تنظيم التواجد الأمني لكافة الفرق المختصة التي كانت مستعدّة لكل الاحتمالات.
مية الجريبي وياسين إبراهيم عبرا عن إدانتهما لما اعتبروه عنفا مدبرا بسبب مواقف الحزب من عديد القضايا التنموية وأيضا لرفض الحزب المشاركة في التحوير الوزاري. وكذلك بسبب تحالف الحزب الجمهوري مع حزبي المسار ونداء تونس. وأكدت الجريبي أن الإجابة كانت فورية من النهضة في أول اجتماع شعبي يعقد بعد هذا الرفض. أعضاء مكتب النهضة بالقيروان اعتبروا اتهامات الحزب الجمهوري غير صحيحة. ومن حضر من أبناء الحزب حضر بشكل فردي للتعبير عن مواقفهم الخاصة وهم أحرار.
الاجتماع لم يقع ولكن حلقة للنقاش عوضته والتي قررت التحضير لاجتماع ضخم في القيروان قريبا جدا ولكن هذه المرة سيتولى الحزب الجمهوري حمايته وتأمينه بنفسه حسب تصريحات مسؤوليه.