زيادة في أسعار المحروقات وارتفاع في ثمن الكراء والسكن... اضافة الى تواصل ارتفاع أسعار الخضر والغلال واللحوم... كلّها مؤشرات جعلت المستهلك يشعر بالعجز... ويرفع شعار إني «أغرق»... في الوقت الذي يحاول فيه التونسي تدارك عجز القفة التي أصبحت هزيلة المحتوى ثقيلة التكاليف، حيث وصل سعر العلوش الى 22 دينارا للكيلوغرام، وتواصل البطاطا الزيادة تم «تبشيره» بزيادة جديدة في مصاريف تنقّله، حيث من المنتظر أن ترتفع أسعار المحروقات ب 80 مليما للبنزين و200 مليم للقازوال حسب ما جاءت به ميزانية 2013.
وكانت ميزانية 2013 قد أقرت زيادة في المحروقات والطاقة ومنها زيادة ب 7٪ في فاتورة «الستاغ» لا تشمل العائلات لكنها تشمل المؤسسات التي ستفوتر لا محالة هذه الزيادات على منتوجاتها ليتحملها المستهلك في النهاية.
كما تم اقرار زيادة في التبغ «الدخان» وفي المواد الكحولية وهو ما يعني أن ربّ العائلة المصاب ب «داء» التدخين أو استهلاك الكحول سيفوتر هذه الزيادة على قفة ومصاريف العائلة ما لم يكن حكيما: ليستأصل هذا الدّاء. تداين وعجز
الواضح أن التونسي المصاب بانهاك المصاريف قد تحوّل الى كائن أقل استمتاعا بالحياة وأقل اقبالا على الترفيه وأكثر غرقا في التداين وأكثر اختناقا مع تضييق الخناق على القروض الاستهلاكية.
هذا ما أكّده لنا السيد عبد الجليل الظاهري رئيس مركز إيلاف الذي قال: «التونسي على أبواب كارثة اجتماعية واقتصادية». واعتبر محدثنا أن مركز ايلاف كان الصوت الوحيد الذي نادى منذ اشهر بتدخل كافة الفاعلين في مجال حماية المستهلك لانقاذ المقدرة الشرائية للمستهلك التونسي والتي انخرمت خلال العشرة أشهر الاخيرة بطريقة غير مسبوقة نتيجة لحصول ارتفاع غير مسبوق في كلفة المواد الاستهلاكية الاساسية وكلفة الحياة بصفة عامة. وقال إن المرصد يعتقد أن ثلاثة أرباع الأسر التونسية وخاصة التي لها معيل واحد تدخل في دوّامة التداين بعد 12 يوما من الحصول على الأجر الشهري في أقصى تقدير. رشوة و«غورة»...
لاحظ المرصد ارتفاعا في عمليات التحيل، ومنها التداين والامتناع عن ارجاع الدين... كما أصبحت بعض العائلات تسمح لابنائها بالقيام بسرقات لتأمين القوت الى جانب ارتفاع ظاهرة «البراكاجات». واعتبر السيد عبد الجليل الظاهري أن هذه المظاهر من مظاهر «الغورة» وكل الوسائل غير القانونية.
وقال السيد رئيس مرصد ايلاف لحماية المستهلك ان وجود تونس ضمن البلدان التي تمارس فيها الرشوة وورودها في المرتبة الخامسة ضمن أكثر البلدان التي تتم فيها هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة وهي تتقدم عن السنوات السابقة بخصوص المؤشرات الخطيرة التي وجب مناقشتها في الأيام القادمة.
وأضاف محدثنا أن الحكومة الحالية تحمل المستهلك عجزها الحاصل على مستوى الميزان الاقتصادي وهو ما ينمي عجز المقدرة الشرائية للتونسي لتصل ( 17٪). ولاحظ أن المستهلك الذي يتحمّل إتاوات جديدة وارتفاعا في الأسعار سيعيش ضغطا جديدا ومتفاقما وهو ما سيتسبب في الدخول في دوّامة من الاضطرابات الاجتماعية، اضافة الى دخول التونسي في دوّامة من الاضطرابات النفسية والاقتصادية وهو ما يعطي انطباعا سيّئا عن المجتمع.. وذلك ما يفسّر ارتفاع نسبة الانتحار بزيادة 3.4٪ خلال الأربعة أشهر الأخيرة. لا لحم... لا ترفيه
تحدث السيد عبد الجليل الظاهري رئيس مركز إيلاف عن زيادة مصاريف التونسي شهريا وكلفة الحياة بنسبة 56٪ في حين أن الزيادة في الأجر الشهري لا يغطي غير 7.3٪ من زيادة المصروف وكنتيجة لارتفاع أسعار المعيشة يضغط التونسي على مكونات وجبته وعلى سبل الترفيه حيث نجد أن 21٪ من العائلات التونسية لم تستهلك اللحم خلال الشهرين الأخيرين بجميع أصنافه في حين كانت هذه النسبة تقدر ب17٪ خلال الثلاثة أشهر الأخيرة.
ومن الاحصائيات ذات الدلالة الأخرى نجد أن 28٪ من العائلات التونسية لا تأكل غير اللحوم البيضاء (الدجاج والسكالوب...) في حين أن 15٪ فقط من العائلات التونسية تأكل السمك بوتيرة كيلوغرام في الأسبوع.
من جهة أخرى تسافر وتتنزه 11.8٪ من العائلات التونسية.. ولا تسمح غير 13.6٪ من العائلات التونسية لنفسها بالخروج شهريا لمرة واحدة لتناول قهوة والغذاء في فضاء عمومي.
ونتيجة لكثرة الضغوطات نجد أن نسبة التداين قد ارتفعت على مستوى العائلة التونسية حيث تتداين 39٪ من العائلات التونسية ما قدره 47٪ من جملة مداخيلها شهريا. تهديد بالمقاطعة
هدّد السيد سليم سعد اللّه نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك بعودة المنظمة إلى مقاطعة البطاطا بعد مواصلتها لارتفاع أسعارها. وقال إن الأسواق الموازية و«القشارة» تسبّبوا في عودة الغلاء خلال الأسبوع الأخير.
ولاحظ وجود تسيّب في الأسعار مع نهاية سنة 2012 وبداية 2013.. ووجود حالمين بالثروة من «القشارة» على حساب المستهلك. كما أشار الى عودة الارتفاع في أسعار اللحوم الحمراء لتبلغ 22 دينارا للكيلوغرام الواحد من العلوش. وقال إن قفة التونسي قد شهدت قيمتها ارتفاعا ب50٪ منذ سنة 2010 الى اليوم.
وأرجع مسألة ارتفاع الأسعار الى التهريب مع كثرة الاستهلاك الناجم عن وجود 500 ألف ليبي ببلادنا كما نجد أن 87٪ من الأسعار حرة. من جهة أخرى تحدث السيد سليم سعد اللّه عن ارتفاع في أسعار مواد التنظيف والعطورات و«الشامبوان» والصابون التي تدخل ضمن قائمة مواد التونسي الاستهلاكية بنسبة 30٪.
ويعاني المستهلك أيضا من ارتفاع في تكلفة السكن وتكلفة النقل حيث ومن خلال عملية حسابية لمنظمة المستهلك سيتكبد صاحب السيارة الشعبية العادية 25 دينارا شهريا زيادة بسبب زيادة المحروقات بصفة مباشرة و45 دينارا بصفة غير مباشرة!
واعتبر أن التونسي يختنق ويغرق خلال هذه الفترة فالخارج أكثر من «الداخل» أي المدخول.. ومع تضييق الخناق على القروض الاستهلاكية أصبح التونسي «يغرق يغرق..».. وأشار محدثنا الى عدم انتعاش «الصولد» كدليل على ضيق الحال وانخرام المقدرة الشرائية.