مشهد مثير وخاشع هنا في منطقة جبل الجلود اثر وصول جثمان الراحل شكري بلعيد, تجمع أهالي الجهة رجالا ونساء، شيبا وشبابا مستنكرين الجريمة النكراء ومطالبين بكشف الجناة. قبل الولوج إلى داخل منزل الفقيد يشدّ انتباهك لافتة كتب عليها «ارفع رأسك أنت في حضرة العظيم شكري بلعيد» أجواء الحزن خيّمت على كامل أرجاء المنزل علامات الذهول بدت مرسومة على وجوه الحاضرين الكل مصدوم من هول الفاجعة ومن المصاب الجلل الذي حل بهم الكل كان يبكي شكري بلعيد يرثي شكري بلعيد يتحسّر على فقدان رجل ذي قامة سياسية وحقوقية عالية.
الفقيد أسد والجناة كلاب
هكذا صرحت احدى شقيقات الشهيد شكري بلعيد المدعوة نجاة بلعيد التي التقيانها في بهو المنزل وقد التحف وجهها بالسواد وتقطعت عبارات صوتها وهي تعدد خصال شقيقها مؤكدة أن شقيقها مات شهيدا فداء للحرية وللحقيقة.
والده العم صالح بلعيد قال ل «الشروق» إنه سبق وان حذر الفقيد من تصريحاته النارية التي كان يدلي بها وطلب منه التوقف عن ذلك لأنه كان يشعر فعلا ان الخطر يداهم حياته وان الاعداء يتربصون به. وعبر والد الفقيد عن عدم ثقته بالقضاء الوطني لغياب الاستقلالية وطالب بلجنة دولية للتحقيق والتقصي في عملية الاغتيال.
أضاف شقيقه لطفي بلعيد أنهم كانوا يؤمنون الحماية لشقيقهم الراحل وكانوا يرافقونه في تنقلاته لتأكدهم من الخطر الذي كان يهدد حياته، لكن وفي غفلة منهم استطاعت الأيادي الغادرة أن تقتله وتضع حدا لحياته ولنضاله ولمواقفه الصريحة. حاولت «الشروق» من جهة أخرى التحدث إلى زوجته السيدة بسمة التي كانت جالسة قبالة التابوت الموشح بالعلم الوطني لكنها اكتفت ببعض عبارات الحسرة واللوعة على فقدان زوجها معربة عن عدم قدرتها على الحديث عن الجريمة البشعة والفاجعة الكبرى التي حلت بهم.
مسؤولية من ؟
رغم ان التحقيقات مازالت جارية في قضية الاغتيال إلا أن عائلة الفقيد شكري بلعيد اتهمت مباشرة حزب حركة النهضة في الضلوع في هذه الجريمة. وأضاف أشقاء الهالك أنهم على علم بالتهديدات التي كان يتلقاها بالتصفية جسديا معربين عن استغرابهم من عدم توفير الحماية اللازمة له مما يدل على تواطؤ وزارة الداخلية حسب قولهم في العملية. متساكنو الجهة عبروا بدورهم عن سخطهم وغضبهم تجاه الحادثة وانتقدوا كذلك حركة النهضة وتعاملها مع خصومها السياسيين.
توحيد الصف
سجلت «الشروق» أمس حضور عدد من المحامين والقضاة والوجوه السياسية بمنزل والد الشهيد شكري بلعيد مستنكرين الواقعة ومؤكدين ان سياسة التخويف والترهيب لن تثنيهم عن مواصلة التصدي للقمع وللعنف أجمع كل من إلتقيناه بمنزل الفقيد وخارجه على ضرورة كشف الحقيقة حتى لا تكون حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد بداية لحمام دم وحلقة أولى لاغتيالات سياسية وللتصفية الجسدية.
حادثة اغتيال شكري بلعيد : وكيل الجمهورية يحضر عملية التشريح
علمت «الشروق» من مصدر مطّلع أن السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس قد حضر عملية تشريح جثّة الفقيد شكري بلعيد. وحسب المعلومات الأوّلية فإن الوفاة كانت ناجمة عن نزيف داخلي جرّاء تعرّض الهالك الى 4 طلقات نارية. وقد أفاد شقيقه عبد المجيد بلعيد ل «الشروق» أنه عاين جثّة الراحل وقد كانت تحمل اصابتين على مستوى الرأس وإصابة في الكتف واصابة في جنبه الأيمن. وعن نوعية السلاح المستعمل اتّصلت «الشروق» بالمكلّف بالاعلام بوزارة الداخلية خالد طرّوش الذي نفى نفيا قاطعا علم الوزارة بهذه المسألة وقال إن الأمر بيد المصالح المختصة وبيد الجهات المعنية بالتحقيق دون ايضاحات أخرى. وبخصوص ما إذا توصّلت الوزارة الى تحديد الملامح التقريبية للجناة أكد السيد خالد طرّوش ان الجهود مكثّفة للاطاحة بهم، وان الابحاث هي الكفيلة لإماطة اللثام.
وسط حضور أمني مكثف : تشريح جثة عون الأمن لطفي الزرا وإحالة ملفه على التحقيق
استلمت أمس عائلة عون الأمن لطفي الزرا جثته التي خضعت للتشريح الطبي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة بعد وفاته أمس الأول خلال المواجهات التي دارت بشارع الحبيب بورقيبة.
وقد اجتمع عدد من أعوان الأمن بمستشفى شارل نيكول الذي أفادونا بأن زميلهم تعرض الى الاعتداء من قبل بعض الشبان بواسطة الحجارة التي أدت الى وفاته عندما كان بصدد القيام بعمله.
وحسب ما ذكرت مصادر طبية فإن أسباب وفاة عون الأمن تعود الى تعرضه الى الاعتداء على مستوى صدره مؤكدة أن هناك امكانية بأن تكون وفاته ناتجة عن الاختناق بالغاز المسيل للدموع الذي تم تسريبه في الوقفة الاحتجاجية التي استنكرت اغتيال الفقيد شكري بلعيد.
حسب ما أكده أعوان الأمن فإن زميلهم لطفي الزرا هو أب لأربعة صغار وهو لا يتجاوز عمره 47 سنة وهو من متساكني منطقة سيدي حسين بمنوبة. وقد تعهد بالأبحاث في قضية وفاة عون الأمن قاضي التحقيق بالمكتب الثالث عشر بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي أذن بتشريح جثته لتحديد أسباب الوفاة التي مازالت غامضة على أنه متعهد أيضا بقضية اغتيال الفقيد بلعيد.