حين يواجه العنف بالثقافة تسقط كل أشكال الارهاب ويموت الاغتيال ويخجل المغتالون... الشهيد شكري بلعيد يودّع تونس من دار الثقافة جبل الجلود. وفي ذلك رمزية للمكان وفي ذلك مجابهة لكل أشكال العنف والاغتيال... شكري بلعيد الذي استشهد صباح يوم الاربعاء بطلقات نارية غادرة شيّع أمس الجمعة الى مقبرة الجلاز بالعاصمة وسط الآلاف من التونسيين الذين أحبّوه وآمنوا بأفكاره ومواقفه.
جنازة شكري بلعيد التي انطلقت من دار الثقافة هي رسالة الى كل المتعصبين الذين يرون في الثقافة كفر وفي المثقفين زنادقة حتى يعلموا ويتعلّموا أن بالثقافة تقام الحضارات وترتقي الدول ويموت العنف ويحيا الانسان بكرامة.
وفي الثقافة رقيّ وفي العنف تدنّ وانحطاط وتخلّف... شكري بلعيد ودّع مسيرته النضالية من مقرّ للثقافة ليقول لمن اغتالوا طموحه أنه مناضل ومثقّف وسياسي وانسان أحب الحياة... هم اغتالوا شكري بلعيد الجسد لكن روحه النضالية باقية لتتعانق مع روح ابنته نيروز وقد قالت له «لا تخف يا أبي سنواصل ما بدأته» لتبقى أفكاره ونضالاته محفورة لدى هذا الجيل والأجيال القادمة.
وليعلم الجلادون والمحتمون بسلاح العنف أن للثقافة سلطان وأنها السلاح الوحيد والحقيقي للتصدي لكل أشكال العنف... بالثقافة سقطت أكبر الدكتاتوريات وليعلم هؤلاء أن أكبر الثورات العالمية انطلقت من المثقفين ونجحت بأصول الثقافة... كفاكم تكفيرا لأصحاب الفكر والثقافة... فهذه لغة الضعفاء.