عاجل/ الإبقاء على موسي بحالة سراح بشأن هذه القضية    انتداب 150 متكونا في الصيانة الصناعية واللحام والتركيب المعدني في مؤسسات ايطالية    وزيرة الاقتصاد والتخطيط تلتقي بوفد من البنك الإفريقي للتنمية    المحافظة على نفس سعر قبول الحبوب واسناد منحة تشجيعية خاصة بصابة 2014    عاجل/ بعد الضجة الكبيرة حول استغلال"القشّارة" لأضاحي العيد بالميزان: شركة اللحوم ترد وتكشف..    النجم الساحلي: تحقيق الإنتصار في آخر الوديات.. إستعدادا لقادم المباريات    نحو تعيين مباراة الكاس الممتازة للموسم الرياضي 2021-2022 بين الترجي الرياضي و النادي الصفاقسي    انس جابر تتراجع الى المركز العاشر في تصنيف لاعبات التنس المحترفات    مطار قرطاج : ضبط أكثر من 1.5 كغ من المعدن الأصفر لدى مسافرتين من جنسية دولة مجاورة    وزيرة التربية : تراجع عدد حالات الغش في الأيام الأولى من دورة باكالوريا 2024    عاجل : إلغاء إضراب أعوان وإطارات مؤسسة إسمنت بنزرت    عاجل/ حادث اصطدام سيارة بعربة مترو بهذه الجهة..وهذه حصيلة الجرحى..    "الأونروا": قطاع غزة يحتاج أكثر من 20 عاما لإعادة إعماره..    يهم التونسيين : ضوابط في التعامل مع الأضحية يوم العيد    المهدية: ينهار عليه التراب وهو بصدد الحفر    كارلو أنشيلوتي: على الفيفا نسيان ذلك .. لن يشارك اللاعبون والأندية في كأس العالم للأندية    فيما تتمثل حقوق المسافر في حال تأخر رحلته أو تأجيلها؟    توزر: تحول سوق الدواب إلى سوق يومي مع ارتفاع العرض    الكشف عن مذبح عشوائي للدواجن في أريانة    نقل تلميذة إلى المستشفى لاستكمال إجراء امتحان البكالوريا..وهذا هو السبب..#خبر_عاجل    عيد الاضحى : ما هي أضرار شواء اللحوم ؟    الداخلية تعلن عن الاستعدادات الخاصة بعودة التونسيين بالخارج    إخماد حريقين بجبل النحلي    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في غزة منذ بداية حرب الإبادة على القطاع إلى 150 شهيدا..    لقاح للقضاء على السرطان ماالقصة ؟    منع التخييم بسليانة تفاديا لاندلاع الحرائق    ما هي الامتيازات الجبائية الخاصة بسيارات التونسيين بالخارج ؟    فرنسا تستعد لإجراء انتخابات بعد مكاسب لليمين المتطرف في تصويت البرلمان الأوروبي    الحماية المدنية: 18 حالة وفاة في يوم واحد    قفصة: موظّف متورّط في ترويج أقراص المخدّرات    beIN SPORTS تقدم تغطية استثنائية لبطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2024 مع أكثر من 50 ساعة من التغطية اليومية    خبير في الموارد المائية يدعو لإحداث وزارة للماء    في حادثة صادمة: سيجارة إلكترونية تتسبب في انفجار رئة مراهقة..!!    حرارة تصل إلى 45 درجة في هذه المناطق من البلاد    عاجل : ارسين فينغر في تونس و هذه التفاصيل    إيطاليا تهزم البوسنة 1-صفر في المباراة الودية الأخيرة لها قبل بطولة أوروبا    قطاع التامين: أقساط صافية ب 1148.2 مليون دينار في الربع الأول من العام    عاجل/ إندلاع حريق بجبل النحلي..    شركة "ميتا" تطلق ميزة جديدة للمحادثات عبر "ماسنجر"    فرنسا تتعادل سلبيّا مع كندا في اختبارها الأخير لكأس أوروبا    قصّة قصيرة    الذات السطحيّة والطفولة المعطوبة    تجاوز عمر بعضها النصف قرن ومازالت متخلّفة...المهرجانات الصيفية بأي حال تعود؟    فضيحة مدوية بعد انتحار 12 جنديا بسبب أهوال الحرب ..لعنة غزّة تفتك بجيش الاحتلال    مع الشروق .. قرطاج .. وأسوار الصين    مراد الحطاب.. الدبلوماسية الاقتصادية تتحرّك لاستقطاب التمويلات    تعرف على 20 عيباً تمنع ذبح الأضحية    عيد الأضحى 2024 : دول تحتفل الأحد وأخرى الاثنين    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنات أفكار : أبو العلاء المعرّي، طه حسين، وجوقة العميان!
نشر في الشروق يوم 19 - 02 - 2013


علّلاني فإنّ بِيضَ الأماني فنيت والظلامُ ليس بفاني
يطلع نهار جديد على «معرّة النعمان» في سوريّة، ويفيق أهلها على فقدان رأس أبي العلاء (ت 449 ه). تكفّل زوّار اللّيل بفصل الرأس بالكامل عن تمثاله المنصوب في وسط المدينة منذ سنة 1944. وهناك في صعيد مصر، يطلع نهار غائم على ميدان «المنيا»، ليكتشف الناس اختفاء رأس طه حسين (1973) أيّاما فقط بعد أنْ عمدت بعض الأيادي الآثمة و»الورعة» من جوقة العُميان ذاتها إلى تغطية تمثال السيّدة أمّ كلثوم بمدينة «المنصورة».

بصمات الجريمة - وإن اختلف الجناة – واحدة. من جزّ رأس رهين المحبسيْن أو من سرق رأس عميد الأدب العربي أو من نقّب وجه «الستّ» كوكب الشرق.. هم أنفسهم من يضرب هنا وهناك في البعيد ضربات الخسّة والغدر. من تلك الجوقة ذلك الرهط الذي حطّم النصب التذكاريّ للشهيد شكري بلعيد المنصوب لتوّه في موضع جريمة الاغتيال، وذلك الرهط الآخر ممّن أدمن لوقت تحريق مقامات الأولياء الصالحين وتخريب أضرحتهم.

لهذه الجوقة من العميان الذين اتّخذوا ما بين الفخذيْن عقولا لهم سلالة وأعلام وأيّام. يوم صوّب بعضهم مسدّسا كاتم الصوت على حسين مروّة ومهدي عامل وأرداهما قتيليْن تباعاً في العام 1987. ويوم تحرّك فيه أحد الغوغائيّين لتنفيذ فتوى بإهدار دم فرج فودة العام 1992. ويوم احتزّ فيه أحد الأحداث المغرّر بهم رقبة نجيب محفوظ الذي نجا من الموت بأعجوبة ولكنّه أمضى بقيّة عمره عاجزا عن الكتابة والقراءة إلى أنْ توفّي في العام 2006... ويوم دام جرحه مازال غائرا أصابوا فيه بمقتل شهيد النضال الوطنيّ شكري بلعيد في السادس من فيفري 2013..

هو الجهل المركّب يدفعهم إلى خنق كلّ شيء جميل بديع رائع ومبهر. ثقافة الموت المعشّش في الأذهان تأبى عليهم أن يشاركوا في بناء ثقافة الحياة والعقل والإنسان. ولا يكون وجودهم إلاّ بنفي نقيضهم من رموز الفكر والفن والثقافة ورموز التنوير والعقلانيّة الأحياء منهم والأموات..
في العام 1944، وبمناسبة ألفية المعرّي السابقة لأوانها ألقى الشاعر محمّد مهدي الجواهريّ (ت 1997) بحضرة طه حسين وكوكبة من الأدباء رائعته «قف بالمعرّة». القصيدة التي طرب العميد لها وسمّاها صاحبها «تاج القصائد» طالعها:

قِفْ بِالْمَعَرَّةِ وَامْسَحْ خَدَّهَا التَّرِبَا
وَاسْتَوْحِ مَنْ طَوَّقَ الدُّنْيَا بِمَا وَهَبَا
وَاسْتَوْحِ مَنْ طَبَّبَ الدُّنْيَا بِحِكْمَتِهِ
وَمَنْ عَلَى جُرْحِهَا مِنْ رُوحِهِ سَكَبَا

ولا غرابة أن اجتمع أبو العلاء وطه في المصير ذاته. فبين الرجليْن مشابهُ في الخلقة والفكرة وتوقّد العقل والمعرفة، وكلاهما عَمِي في الصبا ولكنّهما هديا بعيونهما المطفأة ملايين العقول على مرّ الأزمان. وبعد هذا وقبله كلاهما كان عاشقا متيّما لأبي الطيّب المتنبّي. وكلاهما رُمِي بالزندقة والكفر بسبب من «اللّزوميات» و»رسالة الغفران» أو بسبب من «الشعر الجاهليّ» و»مستقبل الثقافة في مصر»..

حين عمدت الغوغاء والسفلة إلى قطع رأسيهما فلذلك دلالة واضحة لا تحتاج إلى مزيد بيان. بين أهل النقول والتكرار والاتّباع وبين أهل الألباب والعقول والإبداع تاريخ من الحروب والثارات. لقد زيّنت لهم نفوسهم الصغيرة حين عجزوا عن مناظرة الأفكار والأحياء منازلة أبي العلاء وطه حسين وهما مشدودان إلى شأنهما فوق الأنصاب أو لعلّ خطل الرأي قادهم إلى أنّ المبادرة بقطع الرأس ستتكفّل بتجفيف العروق والأنساغ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.