المشهد العام للبلاد لا يبعث على الطمأنينة والتونسيون يعيشون حالة فزع وخوف تزيد من تعمّقها ضبابية المستقبل على كل الأصعدة وليس أدل على ذلك من تصاعد أعداد التونسيين الباحثين عن الهجرة وعن اللجوء السياسي . «الشروق» قامت بجولة في الشارع التونسي وتحدثت إلى جلّ الفئات عن مخاوفهم في المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد والتي شهدت تجاذبات ومنعرجات خطيرة سواء على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والأمني أو السياسي.. فكانت هذه الشهادات.
بيع الأملاك
عن هذه المسألة يذكر السيد حميدة الهرقلي أن كل المجالات تشهد انكماشا بما يجعل التونسيين يشعرون بالخوف وقد بلغ عدد طالبي اللجوء السياسي بالخارج إلى نحو 10 آلاف تونسي. كما قامت فئة واسعة ببيع ممتلكاتها قصد تأمين بعض الأموال تحسبا لما ستشهده البلاد خلال الأيام القادمة. وأضاف «على المستوى الاقتصادي الأوضاع لا تنبئ بانفراج ولا يملك المواطن تصورا واضحا لمستقبله ومستقبل أبنائه وأمنيا السلاح والاغتيالات واردة. كما أن العصابات في نشاط مطرد رغم مجهود رجال الأمن أما رجال السياسة فمنغمسون في «مسلسل» التحوير الوزاري والكل متشبث بالكراسي.. وأمام هذا المشهد يبقى التونسي غير مطمئن للمستقبل المجهول. ويبقى الحل الوحيد حسب محدثنا هو في التوافق بين الساسة والاهتمام قليلا بمعيشة التونسي الذي انتخبهم لإصلاح أمر البلاد وليس لتمرير المصالح الحزبية الضيقة.
أين المواطن؟
كذلك تقول رملة (طالبة) بأن أهل السياسة وكأنهم يعيشون في بلد آخر غير تونس فالغلاء أرهق التونسي وغياب الأمن زاد من محنته ومستقبل البلاد غير واضح ومع ذلك لا أحد يهتم بالمواطن لذلك فكل القطاعات تأثرت سلبا بالتجاذبات السياسية فالانفلات عام والادارات لا تعمل وغلاء المعيشة لا يطاق والأمن غائب والمستقبل غير واضح.. لا شيء يطمئن التونسي أو يجعله يشعر أن هناك دولة ساهرة على مصالحه.
غياب الحكومة؟
من جهتها تذكر آمال (طالبة) ان الحكومة بثقلها تخدم مصالحها الحزبية ولا وجود لمسؤولين يهتمون بقضايا التونسي الحياتية التي همّشت... لم تعد الأسر قادرة على مواجهة غلاء المعيشة وتواصل البطالة علاوة على المظاهرات والانفلات الذي بلغ درجة الاغتيال.. ويزيد الأمر تعقدا مع تواصل نشاط العصابات وتهريب الأسلحة ورغم هذا الوضع الخطير والذي أقر به عديد المسؤولين في الحكومة لا نرى مجهودا لإصلاحه وكأن هاجس الطبقة السياسية الوحيد هو الكراسي حتى لو بقوا في تونس لوحدهم وهاجر كل الشعب...
وتضيف محدثتنا «لم أكن مطلقا أتابع الحياة السياسية واليوم أجدني مضطرة إلى ذلك حتى أعلم هل أنزل غدا إلى الشارع أم أبقى في منزلي.. أنا لا أخاف على نفسي فحسب بل وعلى أبنائي وعائلتي وخاصة مستقبل أولادي».
الكثير من الخوف
ولا يختلف رأي السيد عربي الغزواني عن بقية الشهادات إذ ذكر لنا أن هناك الكثير من الخوف وهو أنواع أوله الخوف من المستقبل غير الواضح والخوف من هذه المرحلة الجديدة ما بعد الثورة وهذا النظام الجديد وخوف من غياب الأمن في البلاد وأكبر خوف أصاب التونسي من التجاذبات السياسية التي خرجت إلى الشارع من تناقض التصريحات خاصة بالنسبة إلى النهضة التي تدّعي أنها حزب مدني من جهة في حين أن الخطاب لا يعكس أداءها على الميدان. فازدواجية الخطاب لا تطمئن التونسي. ويبقى أكبر خوف على لقمة العيش فاقتصادنا في حاجة إلى وقفة حاسمة لانقاذه وانقاذ مستقبل أبنائنا.. صحيح أنني متفائل بالمستقبل لكنني ككل التونسيين لا أخفي خوفي من هذه الازدواجية في القول والعمل وخاصة من التجاذبات السياسية الكبيرة التي أثرت على الشارع التونسي.
لقمة العيش
من جهته ذكر بشير الغربي (تاجر) التونسي يخاف على لقمة عيشه فإذا تواصل الركود على ما هو عليه لفترة أطول فإنه يهدّد جلّ القطاعات في تونس.. العبء ثقيل اليوم على قطاع السياحة والتجارة والصناعة ومردود كل القطاعات في تراجع لذلك ندعو الأحزاب إلى التوافق والاهتمام بمصلحة التونسيين والبلاد.
الأمن
من جهتها تخاف حنان (طالبة) من الأحزاب المتشددة والتي تدّعي أنها تملك الدين مثل السلفيين وتضيف لم تعد جلّ النساء وحتى الرجال يجرؤون على الخروج من منازلهم بعد الساعة الخامسة مساء حتى ولو كان ذلك في الحي. فغياب الأمن والانفلات غيّر حياة التونسي الذي عرف عادة بحبه للحياة.
خوف
أما السيدة شاذلية فتقول لم أعد أحمل معي عند خروجي إلى الشارع كجل التونسيين لا أموالا ولا مصوغا درءا لأي مكروه وخوفا من التعرّض إلى أي عمليات سطو أو اعتداء.. كما أن التقشف هو ميزة كل العائلات تحسبا للمستقبل، أما الطاهر بن مصطفى فيقول عكس كل الذين تحدثوا انه لا يخاف من شيء لأنه متأكد أن الله سيحمي هذا البلد وأهله «الشدّة في ربي».