أشرف مؤخرا وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية بمقر الوزارة على جلسة عمل حضرها والي القيروان والإطارات الجهوية وتمحورت الجلسة حول فضّ الاشكاليات العقارية العالقة على مستوى الجهة. اللقاء كان بمبادرة من الوالي استجابت له الوزارة ويبدو أن الإشكاليات العقارية المطروحة نتيجة تراكمات لسنوات مضت وهي محل تجاذبات وأصبحت محل خلافات تصل في بعض الأحيان حد التطاحن ولدت عدم الاستقرار مثلما حصل في عديد معتمديات ولاية القيروان. وإيمانا بوجاهة المقاربة التشاركية في تشخيص واقع الجهة ومصاحبتها ربما يكون للتوجهات المستقبلية اعتماد الدراسات الممنهجة لحسن توظيف الأراضي بدون السقوط في التطاحن الداخلي وايجاد حل توافقي يقبله المنطق والقانون ومصلحة الجهة.
رئيس دائرة الشؤون العقارية بولاية القيروان حمل في حقيبته 7 اشكاليات عقارية منها اشكالية التصرف في هنشير «القصير» الكائن بمنطقة القرين من معتمدية الشبيكة حيث يرغب متساكنو المنطقة في تمكينهم من استغلال هذا العقار الموضوع تحت تصرف ديوان الأراضي الدولية على وجه الكراء قصد توفير موطن شغل لأبنائهم المعطلين.
قد وصل بهم الأمر الى عرقلة حسن استغلاله من طرف الديوان ومنعوه من صابة الزيتون. وقد أفضى الحوار المطول الى ايجاد صيغة توافقية تعمل على السعي الى إحداث شركة أو تعاونية فلاحية تحترم الضوابط على غرار الوحدات الإنتاجية وتصبح المخاطب الوحيد للدولة وتنضوي تحت برنامج استثماري يمكن إسقاط الحق في شأنه في صورة إخلاله.
اشكالية التصرف في هنشير «الذريعات» الكائن بمعتمدية السبيخة، يتمثل في مطالبة مجموعة أولاد علي والطرابلسي والجبيلات القاطنين بالعمادة المذكورة بالإبقاء على العقار الدولي الكائن بمنطقة أولاد هلال والذي يمسح قرابة3000 هك كمرعى جماعي لحيواناتهم وتجميد عمليات الكراء المبرمة بجانب منه مع بعض فلاحي المنطقة وقد تم في الغرض تنظيم زيارة ميدانية قام بها والي الجهة لمحاولة تقريب وجهات النظر كما عقدت عديد الجلسات لتسوية الإشكال تقرر على اثرها تكليف ديوان تربية الماشية بالقيروان بتحديد المساحة المختصة للمرعى وضبط حدودها على أن تشغل المساحة المتبقية في العمل الفلاحي الذي ينحصر في زراعة الحبوب غير أن هذا الحل لم يرض الجانبين وعاودوا المطالبة بتسوية وضعية الهنشير.
شكالية تصفية الأرض الإشتراكية المعروفة ب«هنشير القطيفة» الكائن بمعتمدية السبيخة. هذا العقار وقع إخضاعه لنظام الأراضي الاشتراكية باعتبار حالة الشياع اللامتناهية للعقار غير أن عملية تصفيتة توقفت بسبب عدم توصل الفرق المكونة له الى اتفاق يفضي بإسناد هذه الأرض الاشتراكية على وجه الملكية الخاصة ورغم صدور قرار الوالي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس تصرف مجموعة البلالطة الا أن عدم اتفاق جميع الأطراف حال دون اتمام عملية التصفية وطالبوا بعرض الموضوع على أنظار لجنة تحكيم وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وبالتحاور في الموضوع مع الإدارة العامة المعنية تقرر دعوة الأقلية المعارضة لضرورة تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بتصفية الأراضي الإشتراكية وعند الإقتضاء الخضوع الى القرار التحكيمي.
اما اشكالية التصرف في هنشير «مالكور» الكائن بمعتمديتي الشبيكة وحفوز، ورغم وضوح الوضعية العقارية لهذا الهنشير ورغم صدور الحكم الإستعجالي القاضي ابتدائيا بالزام المدعي عليهم ومن حل محلهم من متساكني أولاد خلف الله بالخروج من العقار الدولي الفلاحي إلا أن العقار المذكور بقي محل خلاف.
أيضا محاولة تسوية الوضعية العقارية لقرية الرماضنية الكائنة بمنطقة رقادة من معتمدية القيروان الجنوبية، حيث تم تشييد قرية الرماضنية على جزء من العقار المعروف بهنشير «قرميط» مساحة 19هك وذلك لإيواء العائلات المتضررة من فيضانات 1969 لكن دون تعويض أصحاب الأرض الحقيقيين ورغم صدور أحكام قضائية لفائدتهم لم يقع تنفيذها وهم يتمسكون باستكمال إجراءات قسمة العقار قضائيا كما تجدر الإشارة في هذا الإطار الى قيام المالكين ببيع منابات العقار المذكور على الشياع مما نتج عنه العديد من الخلافات بين الشارين ومتساكني قرية الرماضنية الذين يتمسكون بضرورة تدخل الدولة لفض هذا الإشكال فهي التي تولت إسكانهم في السبعينات ولا يمكن أن تتخلى عنهم اليوم ويقع إخراجهم. ويطالبون بانتزاع العقار المقام فوق القرية للمصلحة بالإضافة إلى مطالبتهم بالجزء الثاني من هذا العقار المتمثل في أراضي فلاحية يعتبرونها مورد رزقهم الوحيد .
ملخص اللقاء كان عنوانا لأهمية الحوار بين مختلف أجهزة الدولة لإيجاد مخرج لهذه الاشكاليات العقارية التي يتطلب حلها رسميا وبناء سياسة جديدة تعهد فيها ربما جهوية القرار تبعا لخصوصية كل جهة وتبعا لخصوصية كل إشكالية عقارية. المسألة هنا تحتاج لأطر تشريعية تجيز مبدأ إسناد صلاحيات أوسع للسلطة الجهوية.