تعاني الجمعيات المائية في الجهة من مشاكل عالقة تعود إلى ما قبل الثورة متمثلة أساسا في امتناع المشتركين عن دفع معلوم الإستهلاك وتراكم الديون لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي تعمدت قطع إمداد الكهرباء عن عديد الجمعيات وبالتالي قطع الماء. كما يتسبب الربط العشوائي من قبل المواطنين وتعرض القنوات والمعدات والمضخات والعدادات للتآكل بفعل التقادم إلى انخفض الضغط داخل القنوات والى تلوث شديد للمياه التي عادة ما تكون غير صالحة للشرب بسبب تغير لونها.
فإن توقف المجمعات المائية عن العمل وعدم انتظام كميات الماء وتقطعها باستمرار بسبب قدم الآبار ونضوب منسوبها كما أن طاقة الخزانات محدودة والمحركات الكهربائية كثيرة العطب كلها مشاكل تشغل متساكني عديد المناطق كالشرفين والكسيرات والطرخان والعيثة.... واضطرتهم في أحيان كثيرة لقطع الطرقات والى الوقوف احتجاجا.
السلط المحلية والجهوية ردت الفعل تجاه هذه الأزمة بعقد أكثر من جلسة عمل بالولاية وقامت بعدة زيارات ميدانية وقد تم فيها اتخاذ قرارات تقضي بتكثيف عمليات المراقبة وعقد جلسات توعوية في مستوى المعتمديات، بالإضافة إلي تنصيب هيئات وقتية للتسيير بعد حل الهيئات القديمة التي ثبت تورطها أو عجزها على تسيير المجامع.
كل هذه الإجراءات لا تتعدي كونها حلول ترقيعية لا تحل مسألة انقطاع الماء عن الأرياف لأنها لا تعالج أصل المشكل الذي يتعلق أساس بالجمعيات المائية كهياكل وكمنظومة.فهشاشة هذه المنظومة جعلتها تعيش حالة إفلاس تسبب فيها تسييس هذه الجمعيات حيث عمد النظام السابق إلى تعيين رؤساء الجمعيات والفاعلين في الجمعية من بين الموالين للنظام ومن هناك انطلقت أزمة ثقة بين المواطنين والجمعية. إن دخول هذه المجمعات في أزمة هيكلية ومالية استجوبت تدخل السلط المحلية من خلال المندوبية الجهوية للفلاحة وتم الاتفاق على دفع جزء من الدين المتخلد بذمة بعض المجامع المائية لفائدة شركة الكهرباء والغاز التي تمدها بالكهرباء من أجل تشغيل محركات الضخ على أن يتم تقسيط بقية المبالغ لكن وأمام عجز المواطنين عن الدفع ستتكرر المسألة من فترة إلى أخرى خاصة وان حجم الديون كبير جدا مما يهدد عديد الأرياف بالعطش.
وعليه فإن بلورة سياسة مائية جديدة تأخذ بعين الاعتبار حاجة المواطن وتعفي سكان الأرياف من تكاليف الربط التي تكون باهظة غالبا.والتدخل بسرعة من خلال بناء خزانات في القرى وإعادة تهيئة شبكات تزويد الماء الصالح للشرب وتأهيل المجامع المائية وإدراجها ضمن منظومة اشمل تقوم بالمراقبة المستمرة وتتدخل عند اللزوم. ويمكن لهذه المنظومة أن تكون بمثابة هيكل إداري تسييري يجمع كل المجامع المائية بكل جهة ثم إدارة مركزية تجمعها على المستوى الوطني.