شباب في عمر الزهور أرسلوا الى المحرقة.. أمهات وآباء مكلومون فقدوا فلذات أكبادهم في غفلة منهم.. إنهم أبناؤنا الذين زجّ بهم في أتون حرب قاسية على الساحة السورية تحت عنوان مغلوط اسمه «الجهاد». في سوريا حرب عالمية قذرة تديرها قوى شريرة وتتداخل فيها لعبة الدول ومصالحها.. الجامعة العربية أصدرت «قرار الموت» بحقّ سوريا وأباحت لمن هبّ ودبّ صبّ الزّيت على النار بعد أن شرّعت استعمال السلاح لتغيير النظام السوري.. ومع تدحرج كرة النار باتجاه بلاد الشام تطوعت دول خليجية وإقليمية وأوروبية للمشاركة في عرس الدم.. السوري يقتل شقيقه السوري.. وهناك من يموّل ومن يسلّح.
أكثر من هذا، هناك من ينتدب لحفل الشواء البشري.. شبكات تغسل الأدمغة في كثير من الدول العربية والاسلامية وحتى الأوروبية.. وشبكات تدفع الملايين.. وشباب جرفه بريق الثورة فتطوع ليعلن«الجهاد».. وعلى من تعلن الجهاد على أخيك العربي المسلم.
كثيرون من أبناء تونس وقعوا في المصيدة.. صور وا لهم أن طريق الجنّة يمرّ عبر أرض الشام.. وعبر إعلان الجهاد ضد الرئيس بشار.. لقد أخطأ المتاجرون العنوان أو الهدف.. لماذا لم يوجهوهم الى ساحة القتال الحقيقية: فلسطين المحتلة؟ لماذا لم يحشدوهم للجهاد في سبيل المسجد الأقصى وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ لماذا لم يوجّهوهم للجهاد ضد الصهاينة وضد نتنياهو وهم من يحتل فلسطين ويقتّل ويهوّد ويشرّد كيفما اتفق؟ أم أن تقتيل أشقائنا السوريين وتدمير سوريا الدولة والحضارة والدور أصبح مجلبة ل«الجهاد» عند البعض من بني جلدتنا كما هو تماما عند الحلف الصهيو أمريكي ومن يدور في فلكه من عرب ومسلمين لم يبق منهم إلا الاسم. إنها أسئلة برسم الواقفين وراء هذا النزيف.. والجالسين في صالوناتهم يعدّون المغانم التي قبضوها لقاء الزجّ بشبابنا في المحرقة.. وهي أسئلة يفترض أن تستفزّ ضمائر من قطعوا العلاقات مع سوريا ومن حرّضوا على أشقائنا في الشام باسم ثورجية زائفة؟ أسئلة يفترض أن تحرك الهمم والضمائر لوقف النزيف.. حتى لا تتكرّر مثل هذه المشاهد المؤسفة.. رأفة بشبابنا وتعاطفا مع الأمهات والآباء المنكوبين في فلذات أكبادهم. في رقاب من دماء هؤلاء.. سؤال آخر يبحث عن إجابة.. قد لا تأتي.