أمام النهضة و«الترويكا» الحاكمة الآن فرصة أخرى لتحقيق انفراج سياسي حقيقي عبر الحوار. الفرصة ستتاح عبر اجتماع المؤتمر الوطني للحوار الذي يرعاه الاتحاد العام التونسي للشغل خلال الأيام القريبة القادمة. وبالرغم من مرور أشهر طويلة على أول اجتماع لمجلس الحوار الوطني إلا أن أطرافا كثيرة بما فيها الأطراف الحاكمة فشلت في إنجاح أي حوار وظلّ التجاذب والاحتقان السياسي هو المهيمن على الساحة الى حدّ التأزّم.
مسؤولية
كانت هناك حسابات ضيّقة وتقديرات خاطئة جعلت كل من حركة النهضة الحاكمة وحزب المؤتمر حليفها في الحكم يقاطعان مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد والتي كانت تتجه الى كل الأطراف السياسية دون استثناء ودون إقصاء..
أخطأت حركة النهضة حين وضعت شروطا لمشاركتها في مبادرة للحوار الوطني ورفضت الجلوس مع فرقاء سياسيين بتعلاّت وحجج غير مقنعة بالمرّة. كان يمكن لمبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل أن تجنب البلاد الدخول في حالة من التجاذب السياسي وتجعلها لأشهر طويلة على كفّ عفريت في ظلّ وضع اقتصادي صعب ووضع اجتماعي هش..
طرح الاتحاد العام التونسي للشغل في مبادرته هدفا واحدا هو الوصول الى توافق حقيقي بين كل أطراف الحكم وأطراف المعارضة وضبط روزنامة واضحة للاستحقاقات السياسية دون أن يعني ذلك تجاوزا لسلطة المجلس الوطني التأسيسي الذي فقد الكثير من الناخبين ثقتهم فيه وفي نوابه.
لقد أكد الأمين العام حسين العباسي في مناسبات كثيرة أنه يصعب على أي طرف سياسي داخل السلطة كما خارجها الوصول الى توافق دون حوار وطني حقيقي كما يصعب على طرف سياسي منخرط في التجاذبات السياسية القائمة تقديم مبادرة تحظى بالوفاق ومن هنا تأتي أهمية مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره المنظمة التي تحظى بالمصداقية والقادرة على تجميع كل الأطراف خاصة أن الاتحاد أكد على لسان أمينه العام أنه غير معني بالسلطة والحكم وأنه يبقى قوة اقتراح وقوة لتحقيق الوفاق والدفع نحوه.
مصلحة
من مصلحة النهضة وحزب المؤتمر مراجعة موقفهما الآن من مبادرة الحوار التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل فمنذ الاجتماع الأول لمجلس الحوار الوطني الى الآن تغيّرت المقاربات داخل الساحة السياسية وتغيّرت التوازنات وأيضا وهذا هو المهم تغيّر وضع الأحزاب الحاكمة سياسيا وشعبيا وتقلّص تأثيرها على الشارع وليس أمام حركة النهضة وحليفها حزب المؤتمر إلا الدخول في التوافق الذي سينبثق عن مبادرة حوار الاتحاد العام التونسي للشغل والتي تحظى بدعم قوي من أطراف المجتمع المدني والأحزاب والتيارات السياسية الفاعلة في الساحة الآن.
لقد بيّنت مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة أن الوصول الى توافق من داخل المربع الحاكم أمر صعب وأن الحل هو الاتجاه نحو مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل.