الرمزية الثورية التي تمثلها مدينة تالة وسجل التاريخ النضالي للمدينة والمساهمة النوعية لأهلها في ثورة جانفي 2011 هي التي حولتها الى مصدر الهام للفنانين لا في تونس فقط بل في كل العالم. ولأجل ذلك أعلن سفير الاتحاد الاوروبي خلال زيارة لتالة بعيد الثورة عن اعتبار تالة مدينة مدافعة عن حقوق الانسان تكريما من المجتمع الدولي لهذه المدينة. ضمن هذا الاطار انتظمت الدورة الاولى لأيام سينما الحقوق والحريات مؤخرا في تالة تحت اشراف جمعية افريقيا والمتوسط للثقافة والمعهد العربي لحقوق الانسان اضافة الى جمعية ائتلاف سينما وبدعم من الاتحاد الاوربي ووزارة الثقافة وبمشاركة العديد من المنظمات والجمعيات الوطنية والجهوية ويعتبر هذا المهرجان منبرا لتعاون العديد من الجمعيات من خلال المجهود الكبير الذي بذل لتعبئة الاطراف الفاعلة في المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الانسان من اجل انشاء شبكة جمعيات مناضلة .
منظمات حقوقية على الخط
وقد التحق بهذا المشروع العديد من الشركاء مثل الرابطة التونسية لحقوق الانسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وفرع تونس لمنظمة العفو الدولية اضافة الى بعض الجمعيات المحلية على غرار جمعية تالة متضامنة ودار الثقافة بتالة اللتين اشرفتا على تنظيم هذه الايام السينمائية في جزئها المتعلق بمدينة تالة . تميز حفل الافتتاح بدار الثقافة بتالة بحضور جماهيري كثيف وحضور العديد من الشخصيات الفنية والسينمائية والنقابية المعروفة على غرار المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والنقابي عدنان الحاجي والاعلامية رشا التونسي والعديد من ممثلي المنظمات والجمعيات الوطنية. عن اهداف الأيام يقول السيد نبيل السائحي ممثل جمعية تالة متضامنة أن هذا المشروع في دورته الاولى هو محاولة لتكريم مدينة تالة التي شهد لها العالم بكونها احدى المدن العالمية التي استحقت صفة المدينة المدافعة عن حقوق الانسان .
تأليف بين حقوق الانسان والابداع الثقافي
وان الغاية من هذه الدورة الاولى هي دعم الوعي المدني من خلال تعزيز وتشجيع المبادرات الرامية الى الدفاع عن حرية التعبير وحق الاختلاف والايمان بالتنوع الفكري ويشدد على ان تظاهرة كبيرة بمثل هذا الحجم تسعى الى حشد كل الفاعلين الثقافيين ومنظمات المجتمع المدني لمقاومة كل امكانية للتعدي على حقوق الانسان ويضيف ان ايام سينما الحقوق والحريات تحاول ان تكون مناسبة للتأليف بين حقوق الانسان والابداع الثقافي اضافة الى انخراطها في النضال من اجل الدفاع عن حقوق الانسان من خلال دعم انشطة الفاعلين في المجتمع المدني من صحافيين ومبدعين وجامعيين ونشطاء حقوق الانسان .عرض الافتتاح كان فلسطينيا بامتياز من خلال فيلم «أرض الحكاية» بحضور مخرجه رشيد مشهراوي وهو شريط وثائقي يعرض معاناة الشعب الفلسطيني في القدس ويجسد صرخة العائلات الفلسطينية المعذبة تحت وطأة آلة القمع الصهيونية من خلال شهادات حية عن سياسة التشريد والتهجير والتجويع وفي حديثه للشروق اكد المخرج مشهراوي ان حضوره في تالة ضمن المهرجان انما كان حلما يراوده لزيارة المدينة التي الهمت في صمودها وصبرها كل ثوار العالم بمن فيهم الفنانين ويضيف بان هدفه من انتاج هذا الفيلم هو بعث رسالة صادقة الى كل العالم تترجم حجم العذاب الفلسطيني امام هول الاستيطان الاسرائيلي العنصري ويضيف بان عرض فيلمه في تالة بالذات له رمزية اخرى اعمق وهي ان نحكي عن المقاومة الفلسطينية في ارض المقاومة التونسية وهو شرف ليس بعده شرف ويؤكد في معرض حديثه عن مضمون فيلمه بان تجربة تالةوتونس عموما افادت كثيرا الشعب الفلسطيني واعادت اليه الامل في امكان التحرر ويختم حديثه لنا بقوله بانه يجد اوجه تشابه كبرى بين مدينة تالة ومدينة جنين الفلسطينية من حيث القدرة على الصمود رغم القمع وارادة الاذلال .
برنامج ثري ومتنوع
واحتوى برنامج المهرجان على عدة افلام منها شريط «مناضلات» لسنية الشامخي التي ارادت له ان يكون وثيقة تاريخية تروي شهادات بعض المناضلات في الحقل السياسي والحقوقي في تونس مثل راضية النصراوي وسعاد عبد الرحيم وتعكس في رأي المخرجة واقع الصراع الذي تخوضه المرأة التونسية ضد الدونية وارادة سلبها مكتسباتها وحقوقها وقد عبرت المخرجة سنية الشامخي في حديثها للشروق عن انشغالها من خلال فيلمها عن ما آلت حرية المرأة على ضوء المتغيرات التي احدثتها الثورة. الصادق بن مهني سجين سياسي سابق في فترة السبعينات جاء هو بدوره الى تالة لتقديم فيلم من اخراج محمود الجمني بعنوان «حنظل» التقت به «الشروق» لتسأله عن هدف الشريط فأجاب بان الفيلم الذي يمثل هو احد شخوصه البارزة يؤرخ لتاريخ التعذيب في تونس منذ الاستقلال الى الثورة وهو يوثق شهادات حية لضحايا التعذيب الوحشي ويضيف بانه كغيره من الضحايا قدم شهاداته عن عمليات التعذيب التي تعرض لها خلال فترة السبعينات اثناء فترات سجنه وهي شهادات يمكن اعتمادها في العدالة الانتقالية .
كما التقت «الشروق» بالنقابي عدنان الحاجي الذي حضر بمناسبة عرض شريط «يلعن بو الفسفاط» للمخرج سامي التليلي والذي عبر عن سعادته بوجوده في مدينة تالة ليتحدث عن تجربة انتفاضة الحوض المنجمي باعتبارها رصيد نضالي يتكامل مع رصيد القصرينوتالة وسيدي بوزيد ويضيف بان تالة كمنارة في النضال النقابي والسياسي هي رقم صعب في الثورة ويعتبر بان الاسباب الاجتماعية والسياسية التي حركت حوادث الحوض المنجمي هي نفسها تقريبا التي حركت احداث تالةوالقصرين بل ان الاسلوب النضالي هو نفسه .
الى جانب السينما أثثت المهرجان جملة من الانشطة الاخرى استمتع بها الجمهور مثل ورشات الرسم الخاصة بالأطفال بتنشيط من جمعية «الوان الحرية» اضافة الى العرض المسرحي الناجح لمسرح الحقيقة بتالة من اخراج مكرم الرقيق بعنوان «وجهة نظر» .
انطلاق تظاهرة «ربيع الكتاب التونسي» بولاية القصرين تنظم المندوبية الجهوية للثقافة بالتعاون مع جمعية أحباء المكتبة والكتاب بالقصرين تظاهرة ربيع الكتاب التونسي من 21 الى 27 مارس الجاري بالفضاءات الثقافية بكامل الولاية ويشتمل البرنامج على معارض ومحاضرات وعروض تنشيطية وقوافل للمطالعة وأمسيات شعرية.