وأخيرا اضطر الاتحاد العام التونسي للشغل الى إصدار تقريره الختامي حول أحداث الاعتداء في ساحة محمد علي يوم 4 ديسمبر 2012 معلنا كذلك فشل لجنة التحقيق المشتركة بين الحكومة والاتحاد. الأمين العام حسين العباسي وجّه اتهاما صريحا ومباشرا الى روابط حماية الثورة وتم الكشف عن أسماء عناصر وأشخاص مورطين في الاعتداء.. حسين العباسي كان شديدا في لهجته وفي خطابه أمام الصحفيين محذّرا من أن درجات العنف قد ترتفع وقد تصل الى حد الارهاب اذا لم يتم التصدي لها ومحاسبة المورّطين ومعرفة الجهات التي تقف وراء العنف وكشف الحقيقة للناس.
أمس أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن فقدان مصداقية لجان التحقيق كل لجان التحقيق حيث أصبح الهدف هو التستّر على الحقيقة. وجد اتحاد الشغل نفسه مضطرا الى رفع صوته ليكشف من اعتدى عليه مؤكدا ان هناك جهات رسمية تخفي الحقيقة وتتستّر عليها وأن هناك من يرفض محاسبة المعتدين والمتورطين..
«الشروق» تقدّم تغطية كاملة للندوة الصحفية التي عقدتها قيادة الاتحاد وقدّمت فيها تقريرها حول أحداث ساحة محمد علي وتكشف كل التفاصيل وخلفيات التقرير والاعتداء وحقيقة المورّطين.
تغطية: سفيان الاسود شافية ابراهمي منى البوعزيزي
خفايا وتفاصيل تقرير الاعتداء: رابطات حماية الثورة متورطة ورئاسة الحكومة لم تتجاوب ومصور الداخلية عجز عن تسجيل الأحداث
تونس «الشروق» تضمن تقرير الاتحاد العام التونسي للشغل حول اعتداءات 4 ديسمبر 2012 (13 صفحة) و3 محاور كبرى هي الإطار العام لعمل اللجنة وأعمال التحقيق والاستنتاجات وتولى صياغة التقرير الختامي كل من مولدي الجندوبي عضو المركزية النقابية ومختار الطريفي المحامي والرئيس الشرفي لرابطة حقوق الانسان وأحمد صواب رئيس دائرة تعقيبية بالمحكمة الإدارية وشفيق صرصار أستاذ قانون عام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ومحمد القاسمي جامعي بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس. «الشروق» تنشر أهم ما جاء في محاور التقرير: وزارة الداخلية بالنسبة لوزارة الداخلية: راسلت اللجنة بتاريخ 3 جانفي 2013 وزارة الداخلية لطلب مدها بكل ما تتوفّر عليه مصالح الوزارة من معطيات ووثائق وتسجيلات إضافة الى تسلسل الأحداث وتعاطي قوات الامن معها. أرسلت وزارة الداخلية يوم 12 جانفي (أي بعد 9 أيام من الطلب) تقريرا كتابيا يتضمن سردا للأحداث ولتسلسل الوقائع، وثلاثة أقراص مضغوطة وصورا ثابتة. ثم ارفقت ذلك بتقرير ثان في 30 جانفي 2013 تضمّن بعض الاضافات سنأتي على ذكرها لاحقا. قدّم تقرير وزارة الداخلية تسلسلا زمنيا للأحداث يؤكد تواجد عناصر من رابطات حماية الثورة (من جهات الزهراء، حمام الأنفوتونسالمدينة)، والبعض من أتباع حركة النهضة بالساحة وبالأنهج المجاورة وذلك في حدود الساعة 12:40 . ومع الساعة 13:15 تعمد حوالي 200 شخص منهم اقتحام ساحة محمد علي وتمزيق لافتات كانت مرفوعة من شباب الجبهة الشعبية (حوالي 20) ورفع شعارات ضد الاتحاد وكذلك لافتات في نفس السياق ومحاولين «اقتحام مقر المنظمة الشغيلة». وعلى الساعة 14:10 ارتفع عدد المتواجدين بساحة محمد علي الى حوالي 1000 نفر من بينهم 500 من المواطنين ومن أتباع رابطات حماية الثورة وعدد من اتباع حركة النهضة حسب نفس التقرير. بعد الاعتداء بساحة محمد علي تعمدت المجموعة والتي ارتفع عددها الى 700 التحوّل الى ساحة القصبة لاعتراض المسيرة مرددين نفس الشعارات ورافعين رايات بيضاء كتب عليها «لا إله إلا الله» وقاموا برشق المشاركين بقوارير ماء وأخرى مملوءة بالتراب. وقد سجّل التقرير تعرض النقابيين الى الاعتداء بالعنف وبلغ عددهم 26 مصابا ونقل 23 منهم الى مستشفى شارل نيكول للعلاج بواسطة سيارتي إسعاف. بتاريخ 30/01 راسلت الداخلية اللجنة وأمدتها ببطاقة أضافت فيها عن التقرير الأول: تأكيد على أن الأمن تدخل في الوقت اللازم باتخاذ التدابير الوقائية حسب التقرير. أما بالنسبة الى الأقراص المضغوطة الواردة من وزارة الداخلية فقد تضمنت تسجيلا للأحداث قبل وبعد العنف، أما أثناء العنف فلم تتضمن اي تسجيل وهو ما دعا اللجنة الى المطالبة بكامل الشريط دون تجزئته وهو ما لم تستجب له الوزارة لأن مصوّر الداخلية لم يستطع أثناء العنف مواصلة التسجيل. كما تضمنت مقتطفات من تسجيلات القنوات التلفزية التي نقلت الأحداث بساحة محمد علي، وتضمن احدها تسجيلا تم نقله من موقع حركة النهضة بباب بحر على شبكة التواصل الاجتماعي كمؤيد وهو ما أثار استغراب بعض اعضاء اللجنة لاعتماد جهة رسمية لها وسائلها الخاصة على صفحة تواصل اجتماعي محسوبة على حركة النهضة. أما القرص الأهم والذي يحتوي تسجيل وزارة الداخلية للأحداث قبل وبعد احداث العنف، فقد كان مبتورا إذ حذفت منه تغطية أحداث العنف بتعلة أن مصور وزارة الداخلية لم يستطع مواصلة التصوير جراء العنف، رغم انه كان متمركزا بالطابق الاول للبناية المقابلة. ومع ذلك طلبت اللجنة مدّها بالشريط الخام الذي بحوزة الوزارة، وقد وعد الكادر الأمني الذي حضر لانارة اللجنة بتوفيره لكن ذلك لم يقع. 4 بالنسبة الى رئاسة الحكومة: لم تبد أي تجاوب سواء بالرفض أو القبول رغم توجيه اللجنة مراسلة لها في الغرض. ب مضامين أعمال التحقيق: انطلقت اللجنة في مشاهدة وتحليل أشرطة الفيديو قبل اللجوء الى جلسات الاستماع لكل من المتضررين والمتهمين. 1 مشاهدة الاشرطة والفيديوهات: بعد تجميع هذه المعطيات شرعت اللجنة في المرحلة الثانية وهي مشاهدة التسجيلات والفيديوهات التي تحصلت عليها سواء من الاتحاد او وزارة الداخلية يوم 16/1/2013 وقد تمت اعادة مشاهدتها مرتين، كانت المرة الثالثة بحضور ضابط سام من وزارة الداخلية للتوضيح وتحديد الطلبات الاضافية للجنة (22/1/2013). وتم تحديد قائمة في أسماء الاشخاص الذين سيقع الاستماع اليهم. وقد تم اعلام ممثل وزارة الداخلية بأن الشريط المسلّم للجنة حذف منه المقطع الذي يغطّي أحداث العنف، وطلب منه تسليم كامل الشريط الخام لكنه وبعد اتصال بالوزارة، أعلم أعضاء اللجان بأن الشريط المسلم هو كل ما تتوفر عليه مصالح الوزارة. كما طلبت منه اللجنة وأثناء مشاهدة الاشرطة تحديد هويات بعض الاشخاص، وقد تلقت اللجنة قائمة إلا أنها كانت منقوصة جدا، لكنها مع ذلك ضمّت أسماء بعض عناصر روابط حماية الثورة بالكرم، الوردية واسم عنصر قيادي بالرابطة الوطنية لحماية الثورة مكلف بالتعبئة والاتصال بالجهات حسب الملف القانوني.
الاستنتاجات:
على ضوء أعمال اللجنة تبيّن للأعضاء الممضين أسفله النتائج التالية: 1 لقد كان الإعداد لمنع الاحتفال والاعتداء على الاتحاد مبيّتا، فقد تمّ التجمهر بساحة محمد علي منذ الصباح على أساس التنادي والتعبئة التي سبقت هذا اليوم وخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي ومنها صفحات روابط حماية الثورة. ويبرز هذا من خلال حجج ثلاث، الأولى ما نشر قبل وبعد الاعتداء على المواقع المرتبطة بالروابط. الثانية، عدد غير النقابيين الذي كان مساويا لعدد المحتفلين، الثالثة، حملهم لعدد كبير اللافتات مرقونة أو مطبوعة على القماش بنفس الكيفية وتحمل نفس الشعارات. 2 تنظم المعتدون عبر مجموعتين قبل حصول العنف المجموعة الأولى وعددها يقارب الثلاثمائة بالقصبة والثانية بساحة محمد علي وعددها يقارب الخمسمائة وبعد إنهاء الثانية لأعمالها التحقت في أغلبها بساحة القصبة مما يفسّر ارتفاع العدد الجملي هناك الى سبعمائة حسب تقرير ي وزارة الداخلية. 3 إن عملية الهجوم على الاتحاد لم تدم سوى بضع دقائق، وهو ما يدلّ على عنف العملية وسرعتها مما جعل النقابيين يتراجعون في ظرف دقائق معدودة للاحتماء بمقر الاتحاد. وتبرز أشرطة الفيديو استعمال الغاز المشل للحركة والهراوات ومطاردة النقابيين حتى بعد غلق أبواب الاتحاد، والتمثيل بمن لم يتمكن من الدخول للمقر وخاصة العون الذي وقع سحله وفقد وعيه وتناقلته جلّ وسائل الاعلام. وقد كانت نية اقتحام المبنى المركزي واضحة حسب تقرير وزار ة الداخلية وخاصة ما تداولته وسائل الاعلام من محاولة خلع الباب المركزي بواق حديدي. 4 أمام حتمية الاقتحام كان رد فعل النقابيين مبرّرا في إطار الدفاع الشرعي عن المنظمة ومقرها. وقد تواصل العنف بالقصبة حيث تمّ رمي المسيرة بمقذوفات ذكرها تقرير وزارة الداخلية. 5 تواجد عناصر منتمية لما يسمى بروابط حماية الثورة بساحة محمد علي وهي عناصر قيادية مثل هشام كنو المكلف بالتعبئة والاتصال بالمكتب التنفيذي للرابطة الوطنية لحماية الثورة وأتباع من حركة النهضة. وقد تبيّن لأعضاء اللجنة أن العديد من فروع روابط حماية الثورة تتكوّن دون أي أساس قانوني، وهذا يعني وجود عديد الفروع التي تنشط خارج الأطر القانونية ولا تخضع لأي نوع من رقابة السلط العمومية وهو ما يمثل في حدّ ذاته خطرا على الحياة العامة وعلى الانتقال الديمقراطي.
الاستنتاج النهائي والختامي
من خلال تقريري وزارة الداخلية، ومن خلال جلسات المشاهدة لتسجيلات وزارة الداخلية، ولتسجيلات القنوات التلفزية، ولتسجيلات كاميرات الاتحاد العام التونسي للشغل، ومن خلال تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة بعض صفحات روابط حماية الثورة.
واستنادا على أقوال الشهود، وإجراء تقاطع بين المشاهد التي يظهر فيها الأشخاص المعتدون حسبما أثبتته الأشرطة المسجلة مع الهويات التي تحصلت عليها اللجنة، تأكد: ثبوت تورط رابطات حماية الثورة في الاعتداء على النقابيين ومقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل.