أفادت معطيات توفّرت ل «الشروق» عن وجود تحذيرات من تعمّد بعض الاطراف ضرب استقرار المؤسسة الأمنية وبداية «استعادتها» لعافيتها «ميدانيا» بغاية ارباكها والحطّ من المعنويات التي استرجعت جزءا هاما منها مؤخرا ويبدو ان بعض الأحداث التي بدأت تتكاثر شيئا فشيئا تصبّ في خانة إظهار المؤسسة الأمنية في موقف الضعف وعدم الثقة في عدم قدرتها على توفير الحماية للمواطن. وفي عملية سرد للأحداث مؤخرا وتحديدا منذ اضطلاع القاضي السيد لطفي بن جدو بمقاليد وزارة الداخلية فإنه بدا واضحا ان الوزارة بدأت تسلك طريق الحياد باعتبارها «محمولة» على خدمة أمن المواطن وتوفير الحماية له نظرا لكون العلاقة بينهما، يمكن وصفها بالتعاقدية بالأساس، إذ ان المواطن يدفع الضريبة مقابل خدمات توفّرها له الدولة ومن بينها الامن.
وقد بادر الوزير الجديد بترسيخ فكرة هامة لدى منظوريه وهي ان مهمة رجل الامن بالاساس هي حفظ أمن البلاد وفرض تطبيق القانون على الجميع وليس خدمة غايات سياسية، هو بالأساس بمنأى عن تجاذباتها ويقف على نفس المسافة من أصحابها.
كما ان السيد لطفي بن جدو أبدى تفهما واضحا لطبيعة العمل النقابي وأكد للمشرفين عليه ان العلاقة بينهما هي علاقة تعاون بالاساس في سبيل تطوير المنظومة الأمنية وإصلاح الجهاز الأمني من الوهن الذي أصابه بعد تاريخ 14 جانفي 2011.
وفي جانب آخر فقد تقرر إحداث تغييرات وتحويرات في عدة إدارات عامة ومركزية ونقاط حدودية في انتظار تواصل هذه التحويرات لتشمل أقاليم ومناطق جهوية في ظل وجود حديث داخل الوزارة وخارجها حول حصول «تعيينات» بعدد من المناطق الجهوية تم «تأشيرها» من ممثلي أحزاب سياسية في تلك الجهات وإن صح ذلك الحديث فلا يعرف ما هو «ثمن» و«مقابل» تلكم التأشيرات!! كما ان الوزير الجديد وإن لم يتحدث كثيرا، فإنه «حوصل» أهداف الوزارة في المرحلة المقبلة وهي «إعلان الحرب» على ظاهرتي التهريب بكل أنواعه والتسلّح وكذلك مقاومة ظاهرة التشدد الديني التي تمسّ من استقرار البلاد وتخلق «الانقسام» بين أبناء المجتمع الواحد، وغيرها من المسائل الخطيرة التي تمسّ من أمن البلاد والعباد. ومع تطوّر أداء المؤسسة الأمنية بدأت انطباعات الرضى تظهر من هنا وهناك خاصة عقب احتفالات ذكرى شهداء 9 أفريل. وصدور تعليمات صارمة بضرورة التصدي لظاهرة إفساد اجتماعات الاحزاب السياسية وتطبيق القانون على الجميع دون «تمييز» او «كيل بمكيالين».
محاولات ارباك
ولاحظ المتابعون مؤخرا أنه في مقابل بداية استعادة المؤسسة الأمنية لعافيتها، بدأت بعض الاشياء القريبة وكذلك «المريبة» تظهر شيئا فشيئا. فالجميع لاحظ تواترا «غريبا» لجرائم الاغتصاب والاعتداءات البشعة على الاطفال، وتصاعد ظاهرة «الاختطاف»، ومداهمة منازل في وضح النهار، واعتداءات على رجال الأمن، ومهاجمة مقرّاتهم في أماكن عدّة، وإعادة تحرّك لجماعات يقال إنها تنتمي الى التيار السلفي، باتجاه تعويض «العمل الأمني الاداري» المعمول به وفق قوانين البلاد وتكاثر بيانات «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي»، كما أن أطرافا أخرى أضحت تترصّد عمليات ايقاف متشدّدين دينيا، للتنديد بتلك الايقافات والحديث عن «عودة بوليس بن علي» وغيرها من الشعارات التي لا غاية لها سوى «منع» رجل الأمن من القيام بواجبه وادخال الارتباك على أدائه!! وصرف نظره عن تلك الزاوية من عمله لأسباب مجهولة؟!
وعموما، فإن ما هو متوفر من معطيات، يفيد بفرضية وقوف بعض الأطراف كحجر عثرة في طريق حيادية، المؤسسة الأمنية، من خلال «اجهادها» بمشاكل قد لا تتوفّر لديها القدرة على تحمّلها، وتشتيت جهودها بخلق «بؤر توتّر» و«اختلاق» أزمات لا غاية لها سوى اعادة درجة الثقة في قدرات المؤسسة الأمنية الى النقطة الصفر. وبالتالي إعادة «ابعادها» و«تحويل وجهتها» عن طريق الحياد؟!