في السنوات الأخيرة بدأنا نلاحظ تغير عقلية ونظرة الأستاذ للتلميذ، وهذا التغيير يمكن أن يكون ايجابيا، كما يمكنه أن يكون سلبيا. فنظرة الأستاذ تختلف من تلميذ إلى آخر وهي مؤثرة كثيرا في نفسيته. فالأستاذ دائما يبحث في حصته عن التلميذ النشيط الذي يفهمه بسرعة ويتفاعل مع الدرس من شرحه الأول، فينشأ انسجام بين الأستاذ والتلميذ الذكي. وبذلك يكون التعامل طبيا بينهما، إلا أن الأستاذ لا يفكر في ما يمكن أن يشعر به تلميذ بطيئ الفهم، فليس كلّ التلاميذ سواسية، وليست كلّ العقول قادرة على سرعة الفهم، فهناك من لا يفهم الدرس إلا بعد شرحه ثلاث مرات على الأقل، لذلك نلاحظ تباينا واضحا بين التلاميذ ومن ذلك تباين واضح في معاملة الأستاذ. فكلّ أستاذ يحب التلميذ الذكي، وتكون معاملته له أفضل بكثير من معاملة تلميذ بطيئ الفهم. وهذا الأخير يرى أستاذه كلّ يوم يشرح الدرس للتلميذ الذي يراه سريع الفهم يوجه له أسئلته ويميّزه على كلّ التلاميذ، فكأن التدريس لا يحلو إلا مع التلميذ الذكي، وهذا ما يجعله كثير الحقد والكره لأستاذه، فعوض أن يحاول اثبات ذاته، وتجديد طاقاته، نجده قد أصبح والعا بالسخرية على تعامل الأستاذ مع تلميذه النجيب، ونجده حاقدا على كل المجتهدين والمتفوقين، وهذا ما يجعل الأجواء الدراسية متدهورة في بعض الأقسام. لذلك وفي هذه الحالة، كل تلميذ بطيئ الفهم يرجو أساتذته بعدم التمييز بينه وبين التلميذ الذكي، وبالاعتناء به أكثر مما يكون، فالتعليم حق يجب أن يتمتع به جميع التلاميذ مهما كانت الفوارق بينهم، كما انه يجب على هذا التلميذ أن يحاول التحدي والاصرار على الفهم السريع للدرس حتى يتكيّف مع الدروس ومع فئة التلاميذ المجتهدة التي تزعجه.