نظرت صباح امس الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية تورّط فيها احد الشبان يبلغ من العمر 27 سنة لاتهامه بجريمة القتل العمد على معنى الفصل 205 من القانون الجنائي. وتعود وقائع القضية الى الصائفة الماضية عندما غادر المتهم صحبة عدد من أقاربه وأهله حل زفاف بحي متاخم للعاصمة وكان في طريقهم ايضا عدد آخر من الاشخاص رجالا ونساء واطفالا وكان من بينهم الهالك. وي طريق العودة بدا على الهالك حالة السكر ثم طلب من بعض مرافقيه الصمت والكف عن الحديث وسرعان ما تشاجر مع شقيق المتهم في هذه القضية، اذ تطوّرت الوضعية حتى بلغت تشابكا بالايدي قام على اثرها الهالك بتعنيف هذا الشخص ثم اسقطه ارضا وانهال عليه بالضرب ثم تعمّد اثر ذلك استلال سكين كبيرة الحجم واشهرها في وجه خصمه وعندما بلغ الخبر الى شقيق المعتدى عليه التحق بالمكان على عين السرعة ثم باغت المعتدى من الخلف واختطف منه السكين وسدّد له عددا من الطعنات في الرأس والظهر والكتف، وكانت من بينها طعنة اخترقت الجزء الخلفي من ظهر الهالك وأصابت القلب، وهو ما كان كافيا لازهاق روحه ورغم نقله الى المستشفى الا ان ذلك لم يجد نفعا. وببلوغ الخبر الى النيابة العمومية أذنت بفتح محضر تحقيقي، وقد تمكن أعوان الامن من القاء القبض على المتهم، الذي اعترف اثناء التحرير عليه بتفاصيل الواقعة مؤكدا انه افتك السكين من الهالك بعد ان باغته من الخلف ثم تعمّد شل حركته وسدّد له عددا من الطعنات في مستوى الرأس والظهر والكتف وانكر المتهم أن يكون تعمّد ارتكاب جريمة قتل او ان يكون قاصدا ذلك واضاف بأن كل ما في الامر أنه اراد انقاذ شقيقه من اعتداء الهالك وكان يخشى ان يقتله لذلك تعمّد شل حركته وطعنه من الخلف بواسطة السكين التي اختطفها منه اثناء عملية تعنيفه لاخيه. وبعد سماع شهادة الشهود وانهاء الابحاث في شأن المتهم، أحيل على انظار احد قضاة التحقيق حيث تمسك بأقواله التي أدلى بها لدى باحث البداية مضيفا انه كان في حالة سكر ساعة ارتكابه الجريمة وانه لم يكن يعني ما فعله عندما انهال على الهالك طعنا ولكنه تمسك بأن نيّة القتل او قصده لم تكن متوفرة اذ حاول انقاذ شقيقه من عنف الهالك. وإثر التحقيقات التي أجراها قلم التحقيق اصدرت النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن ضد المتهم بعد أن وجهت له تهمة القتل العمد على معنى احكام الفصل 205 من القانون الجنائي وقد ابدت ذلك دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة كما ساندت قرار ختم البحث ولائحة الاتهام وفصل الاحالة وقرّرت احالة المتهم على انظار الدائرة الجنائية المختصة لمقاضاته من اجل ما نسب له. وبمثوله امس امام هيئة المحكمة ممثلة في مجلسها الجنائي افاد المتهم اثناء استنطاقه انه فعلا طعن الهالك بسكين من الخلف، ولكنه ارجع ذلك الى سعيه الدفاع عن اخيه الذي كان ساعتها ممدودا على الارض والهالك بصدد الاعتداء عليه واضاف بأنه تدخّل بعدما علم ان المعتدى استلّ سكينا وكان ينوي طعن شقيقه بواسطتها فتدخّل واختطف منه السلاح ثم شلّ حركته ووجّه له الطعنات، ونفى المتهم تعمّده او اصراره او قصده ارتكاب جريمة قتل وتمسك بما كان قد صدر عنه اثناء التحرير عليه لدى قلم التحقيق. وطلب من المحكمة التخفيف في العقاب الذي سيسلط عليه. كما أحيلت الكلمة للسان الدفاع، بعدما عبّر ممثل النيابة العمومية عن تمسكه بالمحاكمة وفقا لتقرير دائرة الاتهام. واعتبر المحامي أن اركان جريمة القتل العمد المنصوص عليها صلب الفصل 205 غير متوفّرة في قضية الحال وهي اساسا قصد القتل وتعمّده، واستند لسان الدفاع في موقفه هذا الى تقرير الطبيب الشرعي الذي تكفّل بتشريح الجثة وأكّد ان مجمل الطعنات كانت سطحية باستثناء طعنة واحدة اخترقت القلب وسببت الوفاة. وأضاف انه بين ا لطعنة القاتلة وطعنة اخرى كانت مسافة تجاوزت الثمانين صنتيمترا، وهو ما يعني بالنسبة اليه ان منوّبه لو كان يقصد القتل لركّز في طعناته على نقطة واحدة حتى يتأكد من الوفاة الا ان مجمل الطعنات كانت متفرّقة في انحاء متباعدة من جسم الهالك، وطلب لسان الدفاع على اساس ذلك عدم اعتماد نص الاحالة وتغييره في اتجاه تكييف وقائع القضية واعتبارها من قبيل الاعتداء بالعنف الشديد الناجم عنه الموت. لتقرّر المحكمة في الختام وبعد سماع كافة اطراف القضية حجزها للتصريح بالحكم في وقت لاحق.