أصبح الحفاظ على التنوع الثقافي شعارا مطروحا بقوة في المنتديات الثقافية الدولية في الاعوام القليلة الماضية، لكن مسؤولا ثقافيا مسلما يؤكد من جانبه ان الامر يتعلق بمفهوم قرآني ازدهر في ظل الحضارة الاسلامية. فقد اكد الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ان «التنوّع الثقافي مفهوم قرآني بالغ الوضوح، مصداقا لقوله تعالى:{يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم}. وأوضح التويجري في بحث قدمه امام الندوة الدولية حول حوار الحضارات التي انعقدت في صنعاء مؤخرا ان «من سنة الله في خلقه ان جعل الأمم والشعوب متنوعة الأعراق والأجناس والألسن، وهذا التنوّع في طبائع البشر هو اساس التنوع في المشارب والميول ومستويات الفهم والإدراك، مما ينتج عنه تنوّع في الافكار، وفي نظم العيش وفي انماط الحياة، وهو ما ادى بصورة تلقائية الى ما نعبّر عنه اليوم بالتنوع الثقافي، الذي هو حق من حقوق الانسان طبقا للمواثيق والاعلانات والعهود الدولية». وقال التويجري ان «الحضارة الاسلامية التي ازدهرت طوال عهود العصور الوسطى، او عصور الظلام التي كانت سائدة خارج محيط العالم الاسلامي، قد حافظت على التنوّع الثقافي الذي كان سمة بارزة من سماتها» مؤكدا انه «لم يحدث في اي حضارة من الحضارات الانسانية التي تعاقبت منذ فجر التاريخ، ان حفظ حق التنوّع الثقافي، وكفلت حرية التدين، كما حدث في ظل الحضارة الاسلامية». وأكد التويجري ايضا ان احترام التنوع خاصية من خصائص الحضارة الاسلامية وان كانت هذه الخاصية قد انمحت معالمها وتراجع تأثيرها خلال عصور التراجع الحضاري والانحطاط الثقافي والغيبوبة الفكرية التي عرفها العالم الاسلامي طوال القرون الستة الأخيرة». واشار المسؤول الثقافي الى انه بالرجوع الى اعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوّع الثقافي نجده يشير الى ان الثقافة تتخذ أشكالا متنوعة عبر المكان والزمان، وان هذا التنوع يتجلى في اصالة الهويات المميزة للمجموعات والمجتمعات التي تتألف منها الانسانية وفي تعددها». وقال ان «التنوع الثقافي بوصفه مصدرا للتبادل والتجديد والابداع، هو ضروري للجنس البشري ضرورة التنوع البيولوجي بالنسبة للكائنات الحية. وبهذا المعنى، فإن التنوع الثقافي هو التراث المشترك للانسانية. وينبغي الاعتراف به والتأكيد عليه لصالح اجيال الحاضر والمستقبل». وشدد الدكتور عبد العزيز التويجري على انه «لابدّ في مجتمعاتنا التي تتزايد تنوّعا يوما بعد يوم، كما جاء في هذا الاعلان، من ضمان التفاعل المنسجم والرغبة في العيش معا في ما بين افراد ومجموعات ذات هويات ثقافية متعددة ومتنوعة» موضحا ان «السياسات التي تشجع على دمج كل المواطنين ومشاركتهم تضمن التلاحم الاجتماعي وحيوية المجتمع الاهلي وتعزيز ثقافة العدل والسلام». وان اعلان اليونسكو يؤكد ان التعددية الثقافية هي الرد السياسي على واقع التنوع الثقافي. وطالما ان التعددية الثقافية لا يمكن فصلها عن وجود اطار ديمقراطي فإنها تيسر المبادلات الثقافية وازدهار القدرات الابداعية التي تغذي الحياة العامة، حسب قوله.