تقدّم الممثل القانوني لإحدى البنوك التونسية المعروفة بدعوى قضائية مفادها استيلاء عدل تنفيذ على مبلغ 90 ألف دينار بعدما طلب منه اجراء عقلة تنفيذية على احدى الشركات. وحسب ملفات القضية فإن المؤسسة البنكية المتضررة كلفت المتهم وهو يشتغل عدلا منفذا بأن يجري عقلة تنفيذية ضد شركة تخلدت بذمتها مبالغ مالية لفائدة لبنك، ونتيجة لذلك توجه المتهم الى الشركة المعنية واتفق مع مسؤوليها ان يتم الدفع على مراحل واستلم العدل المنفذ تباعا وعلى ثلاث دفعات مبالغ 30 ألف دينار لتبلغ بناءعلى ذلك 90 ألف دينار، وعوض ان يضمن هذه المبالغ بحساب بنكي على ذمة حرفائه حسبما ينص عليه القانون، تعمّد وضع المبلغ في حسابه الخاص ثم قام لاحقا بإدماجه ضمن مبلغ قدّر ب250 ألف دينار ليصرفها كاملة في شؤونه الخاصة والتخلص من ديونه. من جهتها انتظرت المؤسسة البنكية وصول المبلغ لتعتقد ان المدين الاصلي لم يقم بخلاص المتهم لفائدتها فاتصلت بالمؤسسة التجارية المعنية بالدين ليتم ابلاغها بأن المبلغ دفع على مراحل، وبطلب البنك من المتهم استخلاص الاموال المعقولة، تبين انه أنفقها في شؤونه الخاصة لذلك رفعت دعواها القضائية. وبعد ان أذنت النيابة العمومية بإجراء محضر تحقيقي في الموضوع وبعد القيام بكافة الاجراءات القانونية في حالات تتبع عدل منفذ، تم التحرير على المتهم ليصرّح بأن المبلغ المالي المعني وهو البالغ 90 ألف دينار لم يكن لحظة الاستيلاء عليه على ذمة المؤسسة البنكية وانما كان على ذمة المدين الاصلي واعترف المتهم بواقعة الاستيلاء، مؤكدا انه كان يمر بضائقة مالية لذلك اضطر لأخذ المبلغ المالي على أمل ارجاعه في أقرب فرصة، وأفاد بأنه أبلغ أحد المسؤولين بالمؤسسة البنكية المعنية وان هذا المسؤول وعده بالانتظار وعدم اثارة اي اشكال الا ان ما راعه هو رفع المؤسسة والمدين الاصلي الامر للقضاء. وبعد انهاء التحقيقات أصدرت النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن ضد المتهم ووجهت له تهمة الخيانة الموصوفة وهو ما طعنت فيه دائرة الاتهام التي أعادت تكييف نص الاحالة القانوني للوقائع لتعتبر ان ما اقترفه المتهم هو من قبيل استيلاء شبه موظف عمومي على أموال عمومية باعتبار صفته وباعتبار ان النسبة الاكبر من رأسمال المؤسسة البنكية تعود للدولة، وقررت بذلك دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس احالة المتهم على احدى الدوائر الجنائية المختصة بابتدائية العاصمة لمقاضاته من اجل ما نسب اليه. ومثل أمس المتهم أمام هيئة المحكمة حيث اعترف خلال استنطاقه بخرقه للقانون عندما قام بتأمين المبالغ المالية بحسابه البنكي الخاص وليس بحساب الحرفاء كما اعترف أمام المحكمة بواقعة الاستيلاء لكنه تمسك بأن المتضرر من عملية الاستيلاء ليس المؤسسة البنكية وانما الشركة التجارية المدنية وطلب محاكمته على أساس ذلك كما طلب من المحكمة التخفيف في العقاب المستوجب. وفيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة وفقا لفصول الاحالة القانونية وللائحة التهم الموجهة الى المتهم رأى لسان الدفاع ان منوّبه اعترف بتلقائية بما صدر عنه، واعتبر المحامي ان اعترافات منوبه وما تضمّنته محاضر الابحاث تؤكد عدم جدية التهم الموجهة اليه واعتبر ان نصوص الاحالة القانونية لا تنطبق في حال تكييفها على وقائع القضية ليطلب على أساس ذلك عدم الاعتماد على قرار دائرة الاتهام في توجيهها تهمة استيلاء شبه موظف عمومي على أموال عمومية، واعتبار ما اقترفه منوّبه محمول على معنى الفصل 273 من المجلة الجنائية وبالتالي اعتبار الافعال من قبيل الخيانة الموصوفة، وطلب على أساس ذلك بالتخفيف قدر الامكان القانوني في العقاب الذي تستوجبه هذه الجريمة لترى هيئة المحكمة في الختام وبعد سماع كافة أطراف القضية حجزها للتصريح بالحكم بعد المفاوضة ثم قررت ادانة المتهم والقضاء في شأنه بالسجن.