أحيل امس امام احدى الدوائر الجنائية بابتدائية تونس شاب تجاوز الثلاثين من عمره بعنوان ارتكاب جريمة القتل العمد. وقد جدّت وقائع هذه القضية بأحد المناطق الريفية المتاخمة للعاصمة. تفيد الملفات المتضمّنة للتحقيقات ان المتهم اتفق صحبة الهالك على تنظيم جلسة خمرية بمنزله، وقد طالت هذه الجلسة الى ساعات مبكّرة من صباح اليوم الموالي، الا أن اختلافا طرأ في الاثناء نتيجة وجود اغراض شخصية بينهما اضافة الى طلب المتهم من نديمه ان يسدّد له دينا ماليا متخلّدا بذمته لصالحه كما كان لموضوع علاقة احدهما بقريبة الثاني اثر على حالة التشنّج التي اصبحا عليها، وبدأ العراك بينهما بالاعتداء المتبادل لفظيا وسرعان ما تطوّرت الامور الى تبادل اللكمات، تمكن على اثرها المتهم من تسديد ضربة قوية لغريمه على مستوى الرأس فاسقطه ارضا مغشيا عليه، وبقيت الامور على حالها، ولم يسع الجاني الى اسعاف غريمه، بل استعان باحد الاشخاص ليطلب منه مساعدته فقاما بحمل المجني عليه ووضعاه فوق سرير بمنزله ثم وضعا فوقه اغطية صوفية وتركاه ينزف، وبعد ان غادر مساعده ظل المتهم بمفرده قرب الهالك ليتأكد من وفاته وتواصل ذلك من الساعة الثانية الى الساعة الثامنة صباحا وهي المدّة الزمنية التي كانت كافية لأن يسلم المجني عليه روحه جرّاء حدّة الاصابة والنزيف الدموي الحاد. وبعد ان تأكد المتهم من وفاة غريمه غادر المكان وتظاهر بعدم علمه بمصيره، وبعد ان بلغ الى علم اعوان الامن ما مفاده وجود جثة لشاب بمنزله الكائن بأحد المناطق الريفية المتاخمة للعاصمة تم ابلاغ ممثل النيابة العمومية بابتدائية تونس الذي أذن بفتح محضر تحقيقي في الموضوع لتحديد أسباب الوفاة وعرض الجثّة على الطبيب الشرعي الذي أكّد في تقريره ان الوفاة ناجمة عن نزيف حاد جرّاء عدد من الاصابات كما ظهرت على جثة الهالك آثار كدمات وجروح وأثر انتزاع خاتم من اصبعه. وبانطلاق التحريات والابحاث استطاع المحققون من حصر الشبهة في المتهم وبالتالي تحديد هويته ثم القاء القبض عليه. وتم جلبه الى مركز الشرطة حيث اعترف اثناء استنطاقه بكامل تفاصيل الجريمة مؤكدا انه تشاجر مع الهالك فأصابه، مما ادى الى اغمائه وظل ينزف، ونفى أن يكون قد تسبّب في قتله وبعد ان جمّع المحققون ادلة الادانة وسماع شهادات الشهود تمت احالة المتهم على انظار احد قضاة التحقيق بابتدائية العاصمة حيث نفى ان يكون تعمّد قتل الهالك الا انه اعترف بتعنيفه والاعتداء عليه، وأضاف بانه لم يكن يعلم بوفاة غريمه كما اعترف بعدم سعيه لاسعافه اثناء نزيف الدم منه واعترف بأنه رفعه صحبة احد اصدقائه ووضعاه فوق سريره دون ان يكونا على علم بأن ذلك قد يؤدي الى وفاته. وأصدرت اثر ذلك النيابة العمومية بطاقة ايداع بالسجن ضد المتهم بعد ان وجّهت له تهمة ا لقتل العمد وهو القرار الذي ساندته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف وأيدت لائحة الاتهام وفصول الاحالة القانونية وقرّرت احالته على احدى الدوائر الجنائية لمقاضاته من اجل ما نسب اليه. وبمثوله امس امام هيئة المحكمة تمسّك المتهم بأقواله التي ادلى بها سابقا سواء لدى باحث البداية او تصريحاته امام قلم التحقيق واعترف امام المحكمة بقوله «لقد ضربته لكني لم ا قتله» وبعد ان تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة وفقا لنصوص الاحالة ولائحة الاتهام ساند لسان الدفاع تصريحات منوبه وطلب من المحكمة ان توجّه له ثلاثة اسئلة متعلقة بوضع الهالك واللباس الذي كان به ساعة المشاجرة وطريقة ضربه وكمية الخمر الذي تناولاه، واستند المحامي الى وجود اختلاف بين الحالة التي كان عليها المجني عليه ساعة الاعتداء عليه وبين الحالة التي وجد بها بعد وفاته كما أفاد لسان الدفاع ان منوّبه لم يحجز لديه اي شيء مما سلب من القتيل ورجّح اثناء مرافعته أن يكون هناك طرف ثالث هو من تعمّد قتل الهالك، وطلب اثر ذلك من الهيئة القضائية اعتماد الفصل 217 من المجلة الجنائية واعتبار ما اقترفه منوّبه من قبيل الاهمال وعدم اسعاف شخص مما ادّى الى وفاته، وعرض المحامي رأيه القانوني في الاختلاف بين القتل او الموت الناتج عن نزيف واعتبر ان العمد غير متوفّر في قضية الحال. وبعد أن استمعت هيئة المحكمة لكافة أطراف القضية قرّرت في الختام اعذار المتهم الذي طلب العفو ثم قرّرت حجزها للتصريح بالحكم في وقت لاحق بعد اتمام المفاوضة القانونية.