يشكل المعمار في كل عصر ومصر أحد العناصر الاساسية المحددة لهوية شعب ما والباحثون في مجال التراث بوسعهم التمييز بين هذا المعمار أو ذاك أو بين هذه الهندسة المعمارية أو تلك باستنادهم على البناءات المشيدة سواء كانت بناءات مدنية أو دينية كالمساجد والزوايا وبالاعتماد على ما تقدمه تلك التصاميم من أشكال مختلفة وألوان متعددة. والحضارة العربية الاسلامية ثرية في مجال الهندسة المعمارية بما تقدمه البناءات المشيدة، من العصر الاموي الى الاندلس مرورا بالعصر العباسي، من مظاهر التفنن في التصميم والبناء. مما جعل هذه الحضارة تقدم فنا معماريا مخالفا يكتسي طابعا خاصا تحول الى مدرسة قائمة الذات ينقل عنها المهندسون المعماريون الاجانب. لكن المؤسف حقا هو أن يظل هذا التراث منسيا من قبل أصحابه لا يكترثون به إلا لماما إذ تكفي نظرة سريعة على ما يشيد هنا وهناك في أرجاء الوطن العربي لتبين أن معماريينا قد نزعوا في معظمهم الى المدارس الغربية في فن المعمار ولم يستفيدوا مما يزخر به تراثنا في تصميم البناءات من فن جميل رغب فيه الآخرون وأعرضنا نحن عنه. واذا كنا نريد أن نحافظ على مميزاتنا كان لابد من النهل من معمارنا الثري بجماليته حتى نحفظ خصوصيتنا ونحافظ عليها ونسهم بالتالي في بناء الحضارة الانسانية بما لنا من ابداعات في هذا المجال. فن البناء في الجريد * عبد اللطيف مرابط * اللغة: فرنسية الكتاب كما نقرأ في الصفحة السابعة منه «مستل من أطروحة دكتوراه حلقة ثالثة في علم الآثار كان صاحبها قد ناقشها في جامعة السربون باريس I خلال شهر جوان 1985 وقد حرص المؤلف أن تكون هذه المستلة المختصرة صادقة مع النص الاصلي لاطروحة الدكتوراه. ولعل ميزة الكتاب في طرافة موضوعه إذ قلما تطرقت في اعتقادنا كتب أخرى الى موضوع البناء وخصائصه في الجهات التونسية. لقد تناولت الدراسة إذن ضمن إطار نظرة تراثية مسألة البناء في بلاد الجريد والى مميزاته عن باقي الجهات في البلاد. تحدثت المقدمة عن تاريخ هذه المنطقة وحاولت أن تحدد إطارها الجغرافي المتميز أساسا بانتشار واحات النخيل فيها وتناولت فصولها اللاحقة المواد الممستخدمة في البناء كالطين وكيفية استخراجه من مناجمه ونقله وخصائصه وتحدثت في الاطار نفسه عن الاجر المستعمل في الجهة والذي يختلف تماما عن الاجر المتعارف عليه من حيث الحجم واللون كما تعرض المؤلف في هذا الباب الى الافران التي تنتجه وكيفية بنائها هندسيا وتحدث عن أصناف هذا الاخير وأنواعه، ثم تطرق الى مادة الخشب وعن مصدره الاصلي المتمثل في شجرة النخلة التي تعج بها المنطقة وتحدث عن الجير وكيفية إنتاجه محليا وعن الحجارة وكيفية استخراجها كما تحدث عن الحديد وعن قلة استعماله في مثل هذا الوسط. واذا كان الفصل الاول من الكتاب قد استعرض مواد البناء فإن الفصل الثاني قد تحدث عن مختلف تقنيات البناء في الجريد من تركيز الاسس الى تشييد الجدران وإنجاز السطوح «والسدة» والقباب وقد فصل الكاتب خلال هذا الجزء من الكتاب مختلف التقنيات والوسائل المستخدمة في إنجاز البنايات متحدثا بالاساس عن الخصائص المحلية في كل ذلك وعن الاشكال الهندسية التي تتخذها الفتحات والمدارج والشبابيك والابواب. الجزء الثالث أفرده الباحث الى إنجاز التصاميم والامثلة كالمداخل الرئيسية للديار وباحاتها وغرفها ومطابخها ومراحيضها وتحدث عن كيفية إنجاز البناءات الدينية كالزوايا والمساجد وتحدث عن حركة العمران بشكل عام وخصائص المعمار فأشار الى الزينة وواجهات المنازل. أما الجزء الرابع فقد كرسه الدارس الى تاريخ الهندسة المعمارية في منطقة الجريد والى خصائصها الثقافية وثرائها وتفردها بمظاهر تميزها عن غيرها من الهندسات المعمارية في تونس. الكتاب في مجمله بحث علمي مركز على الهندسة المعمارية وكيفية تشييد البناءات في جهة الجريد ذيله صاحبه بمعجم المفردات المتصلة بالبناء في هذه المنطقة وبقائمة المصادر والمراجع المعتمدة في الدراسة. قرقنة والأرخبيل الساحر من خلال كتب الرحلات * د. جمعة شيخة * تونس 2003 يصدر هذا الكتاب ضمن سلسلة أطلق عليها صاحبها «مكان ورجل» وقد استهلها بهذا العدد الاول الذي خصصه «مكانا» لقرقنة و»رجلا» لفرحات حشاد ويذكر جمعة شيخة في تمهيد الكتاب أن الغاية من إصدار هذه السلسلة تتمثل في التعريف بمكان ما من المغرب العربي أو الاندلس بالاعتماد على كتب الرحلات وبالترجمة لشخصية عرفت بذلك المكان وعرفت به». عرف المؤلف قرقنة تاريخيا من العهد القرطاجني الروماني الى العهد الاسلامي وعرفها أيضا من خلال كتب الرحالة . بدأ بوصف قرقنة في كتاب «المعرب في ذكر بلاد افريقيا والمغرب» من كتاب الممالك والمسالك للبكري». فعرف بهذا الاخير ثم أورد النص الذي تحدث فيه عن قرقنة ثم من خلال كتاب الادريسي «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ثم تطرق في مرحلة ثالثة الى وصف قرقنة من خلال «رحلة التجاني التونسي» ومن خلال وصف «مرمول» الاسباني لهذا الارخبيل ثم الى رحلة علي باي أو الجنرال باديع وما قيل خلالها عن قرقنة ومن وصفها في كتاب «نزهة الانظار في عجائب الامصار والتواريخ والاخبار» للشيخ مقديش وأيضا وصف الجزيرة في رحلة «فليكس فلنشنكار الفرنسي ومن خلال رحلة الفرنسي «بليسي» ومن خلال رحلة «سرفوني ولافيت» الفرنسيين. وخلص المؤلف في حديثه عن قرقنة الى بعض الاستنتاجات المتصلة باسم «قرقنة وبعلاقة الارخبيل وبالسلطة عبر التاريخ وسكانها وبعض الرموز الاخرى المتعلقة بحياة القرقني بصفة عامة. وتحدث المؤلف بعد ذلك في نسق ترتيبه لمواضيع الكتاب عن الحياة الدينية وظاهرة الاولياء الصالحين بأرخبيل قرقنة في النصف الاول من القرن العشرين وتحدث بعد ذلك عن اللهجة القرقنية من خلال نصوص نثرية وشعرية. أما القسم الثاني من الكتاب فقد خصصه المؤلف الى فرحات حشاد فأورد رسما لشجرة العائلة ونبذة عن حياة الرجل لينتقل بعد ذلك الى الحديث عن حشاد من خلال الابداع محاولا الإلمام بكل ما قيل عنه سواء أكان ذلك نثرا أم شعرا على لسان التونسيين أو غيرهم من العرب وقد جمع للغرض مادة أقدم على تحليلها ليخلص فيما بعد الى إيراد كم من القصائد التي قيلت في الرجل بالشعر الفصيح والشعر الشعبي. ديوان محيي الدين خريف: المجموعة الكاملة * دار المعارف للطباعة والنشر 2004 المجلد ضخم يتركب من ثمانمائة وأربع وستين صفحة وقد تضمن ثلاث عشرة مجموعة شعرية للشاعر أي فيما أزعم أعماله الكاملة. وعلى هذا المداد الشعري الغزير فإن الشاعر لم يرتو بعد من معين القافية إذ يقول في مقدمة الكتاب «مازلت الى الآن أحترق في أتون الشعر وما كان ذلك بمشيئتي ولو خيرت لما اخترت غير هذا الطريق الذي لا أبالغ إن قلت انه مفروش على حد قول النابغة الذبياني: هراشا وشوكا ثائرا لم ينجد». ثلاث عشرة مجموعة صدرت بعد لمحيي الدين خريف ومازال على حد قوله «يأكله الشعر حتى تصير الحروف على شفتيه رمادا» صدرت هذه المجموعات على فترات من الزمن منها ما صدر بتونس ومنها ما صدر خارج تونس جمعها هذا الكتاب وخيرت أنا أن تقدم هذه المجموعات نفسها بأن تذكر عناوينها واختار أنا من كل مجموعة مطلع قصيد منها أسوقه اليكم في هذا التقديم. * المجموعة الاولى بعنوان: «كلمات للغرباء» يقول مطلع القصيد الاول منها: بلادي غمام نخيل وبحر زمرد وشوق مدى الليل لا ينتهي ولا يتبدد * المجموعة الثانية بعنوان: «حامل المصابيح» يقول مطلع قصيد «الشاعر والكلمات»: مازلت ألملم أذيال الكلمات فيورق في الصمت الحرف * المجموعة الثالثة: عنوانها: «السجن داخل الكلمات» ومطلع القصيدة التي تحمل اسم المجموعة يقول: سأسكن داخلها سأموت كما مات يوما رفاق الطريق ولكنني قبل موتي سأشرب منها رحيق الرحيق * المجموعة الرابعة: عنوانها: «مدن معبد» يقول مطلع قصيد «أغنية لطفل لم يولد» الوارد في هذه المجموعة: غابر أنت وإن ارسيت في بحر عيني وفي مرفئي دموعي فظلام الرحم المعتم أضواء إذا ما قيس بالكون الوسيع * المجموعة الخامسة: «الفصول» وقد خصصها لجملة من الفصول اخترنا منها مطلع قصيد: «فصل الشعر»: ويأكلني الشعر حتى الحروف تصير على شفتي رماد * المجموعة السادسة: «البدايات والنهايات» اخترنا منها مطلع قصيد «الوطن» الذي يقول: أتغنى بحب الوطن وهو في داخلي قد سكن * المجموعة السابعة: «رباعيات» يقول مطلعها: صحبة لا تطول لكنها تترك في الحلق علقما ومرارة * المجموعة الثامنة «طلح النخيل» يقول مطلع قصيد «قرطاج»: قرطاج يا حلم الليالي الحسان وحلوة الاضواء في المهرجان * المجموعة التاسعة «سباعيات» يقول مطلع قصيد «حامل الهوى»: كاشتياق النخل للعودة عدنا وحمدنا وركعنا وسجدنا * المجموعة العاشرة «رباعيات» وهي رباعيات أخرى غير تلك التي سبقت الاشارة اليها يقول مطلعها: الباب أغلقه الحارس والديك قد أعياه طول الصياح * المجموعة الحادية عشرة «نبيذ الكرخ» تصدرها قصيد «لامات» يقول: أعود فأوجز لاماتها وهي لام الهوى ولام الجراح ولام الوطن ولام القصائد ولام الجداول * المجموعة الثانية عشرة وهي عبارة عن قصيد واحد «أشواق رابعة العدوية» يقول مطلعه: بدت مثلما جاء در السحاب فعم السهول وروى التراب * المجموعة الثالثة عشرة «ورقات بحرية» تعلقت مواضيع القصائد فيها بالبحر اخترنا منها مطلع قصيد «عندما ينام البحر» يقول فيه: سدى أن تنام