يهمس بعض أساتذة التعليم الثانوي ومعلمي الابتدائي والاولياء فيما بينهم تراجع معدلات التلاميذ في الثلاثي الثاني بسبب الادمان على مشاهدة برنامج ستار أكاديمي الذي تعرضه قناة «آل بي.سي» الفضائية. فالبرنامج المستنسخ عن قنوات تلفزية أمريكية وأوروبية لا صلة لها بواقعنا، يجد إقبالا جماهيريا حطم أرقاما قياسية في نسبة المشاهدة، وهي النسبة التي تبدو أهم بعاصمة الجنوب صفاقس باعتبار مشاركة أحد أبناء الجهة أحمد الشريف في المدرسة الاكاديمية. ** تراجع النتائج احتداد المنافسة بين تلاميذ المدرسة على الترشح للادوار النهائية، تزامن مع امتحانات الثلاثي الثاني بمؤسساتنا التربوية الاساسية والثانوية، لكن تخصيص قناة فضائية كامل ساعات بثها لمتابعة حياة المجموعة الشبابية المتسابقة ليلا ونهارا، حال دون ترك متسع من الوقت للتلاميذ لمراجعة دروسهم استعدادا للامتحانات. والنتيجة الحاصلة من هذا الادمان هو التراجع الملحوظ في نتائج ومعدلات الثلاثي الثاني في مختلف المواد العلمية والادبية والفنية على حد السواء، أستاذ تعليم ثانوي بصفاقس أفاد «الشروق» أن التجربة أكدت أن الثلاثي الثاني عادة ما يمثل فرصة لأغلب التلاميذ من أجل التدارك وتحسين الاداء، لكن مع انطلاق هذا البرنامج الظاهرة وانصراف أغلبهم الى المشاهدة المتواصلة تراجعت الاعداد والنتائج وهو ما تحول الى حديث يومي في قاعات الاساتذة. ويؤكد أحد الاساتذة أن بعض الفضاءات التربوية وواجهات المعاهد والجدران والطاولات والسبورات تحولت الى «مساحات دعائية» للتصويت الى ابن الجهة أحمد الشريف رغم حرص إدارات المعاهد والمدارس على أن تبقى المؤسسات التربوية فضاءات للتعلم والمعرفة دون سواها. ولي بصفاقس، قال ل «الشروق» أن اهتمام بناته وأبنائه تحول الى مشاهدة يومية وبصفة متواترة لبرنامج ستار أكاديمي وآخر مستجداته، ويروي الولي أن احدى بناته تنام أمام التلفاز من فرط اهتمامها بالبرنامج رغم حرصه الشديد على أن تراجع دروسها وهو ما خلق أجواء من التوتر في الاسرة. ملاحظات الولي وجدنا صداها عند مدير معهد خاص بصفاقس الذي اضطرت مؤسسته التعليمية الى تغيير توقيت الدخول الصباحي بتأخيره مدة ربع ساعة، لكن دون جدوى إذ واصل التلاميذ والتلميذات في وصولهم المتأخر الى قاعات الدروس مما اضطر المدير الى التراجع عن هذا التغيير... وبالتحري، اتضح وأن المتأخرين من التلاميذ هم من مدمني مشاهدة برامج ستار أكاديمي... تلميذة مهووسة بالبرنامج ستار أكاديمي أفادت أن حديث التلاميذ في ساحات المؤسسة التعليمية وعوضا أن يكون عن سير الامتحانات وتوقعات الفروض وغيرها، صار مداره آخر مستجدات وتصفيات وتقليعات وملابس نجوم ستار أكاديمي التي أصبحت موضة ونموذجا للاقتداء والتشبه. ** وللطب النفسي رأي الدكتور محمد أنور عشيش طبيب نفساني أفاد ل «الشروق» ان برنامج ستار أكاديمي يندرج ضمن ما يعرف بظاهرة العولمة الثقافية والتي تعني سيطرة وهيمنة النموذج الثقافي الامريكي عبر المعلبات التلفزية، ويؤكد الدكتور أن إدمان المشاهدة التلفزية له آثار وانعكاسات على ذهنية التلميذ و»تسطيح» امكانياته الفكرية إذ عادة ما تتسبب هذه المشاهدة غير الواعية وبشكل متكرر في تراجع التركيز والقدرة على التخيل والاستنتاج وهو ما ينعكس سلبا على أداء ومردودية التلميذ. وينصح الدكتور عشيش بضرورة الوعي بتنويع اهتمامات التلميذ وهواياته من خلال المراوحة بين ما هو ذهني وثقافي وبدني لخلق توازن نفسي يفيد المراهق في بناء شخصية وتحقيق كيانه واعتزازه بانتمائه الثقافي. ويختم محدثنا نصائحه بضرورة المشاهدة الواعية والنقدية لكل ما يقدم مع تنظيم الوقت بين المشاهدة والدراسة والمطالعة ناصحا الاولياء بمزيد الاحاطة والرعاية والقرب من أبنائهم والاصغاء الى مشاغلهم وتوجيه اهتماماتهم عبر النصح.