يوم 14 فيفري 2004 كان حدثا استثنائيا في تونس بعدما استطاع المنتخب الوطني لكرة القدم مصافحة الكأس الافريقية للأمم للمرة الاولى في تاريخه، الا ان هذا اليوم تسلل الى أروقة المحاكم بعد شهر من تنظيمه حتى أصبح يعرف باليوم المشهود لدى رجال الدفاع والمتقضاين. كان أحد المحامين يترافع أمام الدائرة الجناحية بابتدائية تونس دفاعا عن منوّبه الذي خرج مع الآلاف للتعبير عن فرحته في شوارع العاصمة بعدما فاز المنتخب التونسي بأميرة افريقيا الا ان وجهة العودة لم تكن في اتجاه منزله بل نحو عوالم ما وراء القضبان بعدما تورط في قضية سرقة، اذ تابع المقابلة عبر الشاشة العملاقة التي وضعت للغرض في المنزه، ثم اثر ذلك اعترضته فتاة، فتقدم نحوها وظل يلهيها بكلمات معاكسة قبل ان يباغتها مرافقه ويختطف حقيقتها من بين يديها ليستولي على مبالغ مالية وجهاز هاتف جوال وأشياء أخرى. الا ان المتضررة استنجدت بأعوان الامن الذين تمكنوا من القاء القض على الشاب الاول فيما تحصّن الثاني بالفرار. المحامي دافع عن منوبه أول أمس ونعت يوم 14 فيفري مثل غيره من زملائه والمتقاضين وبعض القضاة ب»اليوم المشهود» حتى ان أحد المحامين أقسم بأنه ترافع في أكثر من عشر قضايا كلها بسبب نهائي كأس افريقيا. طلب المحامي من المحكمة الافراج عن منوّبه، الا ان القضاء رأى وجها للإدانة فحكم ضده بالسجن مدة أربعة أشهر. محام آخر أطلق نفس النعت على نفس اليوم عندما كان بصدد الدفاع عن منوبيه وهم أربعة شبان تعمّدوا استغلال انشغال المواطنين بنهائي تونس والمغرب لسرقة السيارات وقد غنموا عددا من أجهزة «الراديو كاسيت» والهواتف الجوالة والصكوك قبل ان يلقى عليهم القبض متلبسين لتتم احالتهم على القضاء الذي حكم ضدهم بالإدانة وسجن كل واحد منهم لمدة ثمانية أشهر... كما لم يمر يوم 14 فيفري دون ان يسجل بعض المهرّبين حضورهم، اذ ألقي القبض على مجموعة من الاشخاص بإحدى المنطاق الحدودية لدولة مجاورة وهم بصدد تهريب كميات من الزرابي وقطع غيار السيارات والدراجات النارية لتتم احالتهم على القضاء. وقد سجلت أروقة المحاكم وقاعات الجلسات العديد من القضايا الاخرى كالقتل واستهلاك المخدرات وترويجها والعنف والسلب والسرقة الموصوفة والسرقة المجردة... اذ كان هذا اليوم الذي خرج فيه الآلاف للشوارع تعبيرا عن فرح التتويج، فرصة لاستغلال لحظات نادرة في انشغال جل التونسيين من شمال البلاد الى جنوبها، بتفاصيل المقابلة والاندفاع فرحا بالنصر للقيام بشطحات اجرامية انتهت بأصحابها خلف قضبان السجون، فهل أخطأ المحامون عندما نعتوا فيفري باليوم المشهود؟